كتب

كيف حوّل الفارابي السعادة من مبحث ديني-أخلاقي إلى مبحث سياسي؟

كان تفكير الفارابي في مسألة السعادة مقترنا بالتفكير في إمكان تحقيقها في المدينة أي ضمن الضرورة التي تفرضها طبيعة الإنسان.
كان تفكير الفارابي في مسألة السعادة مقترنا بالتفكير في إمكان تحقيقها في المدينة أي ضمن الضرورة التي تفرضها طبيعة الإنسان.
الكتاب: "اللاهوتي والسياسي عند الفارابي: دراسة في علاقة السياسة بالدّين في الفلسفة السياسية للفارابي"
المؤلف: الدكتور عبد النبي فرشيشي
النّاشر: مجمّع الأطرش للكتاب المختص
الطّبعة الأولى: تونس 2022
عدد الصفحات: 220

في ظلّ التباس العلاقة بين الدّين والسياسة، حدّ الاشتباك والتنافي، تنبري الحاجة ماسّة لوسائط عقلانية ومقاربات حضاريّة قادرة على بناء علاقة تصالحيّة توافقيّة، تقوم على عقلنة المضمون الدّيني وفي نفس الوقت "ديدنة" المضمون السياسي، بما يعصم هذا الأخير من الانزياح عن جوهر الفكرة الدينية الساعية في إحداث التغيير الاجتماعي والتوجيه الأخلاقي للحضارة، بالمفهوم الذي طرحه مالك بن نبي.

وبما أن الفلسفة كان لها الدّور الشجاع في عقلنة التجربة الدّينية في السياق العربي والإسلامي، من خلال بحثها الدّائم عن التوفيق بين العقل والنقل، بحيث جعل المسلمون مهمتهم الرئيسية تتمثل في فهم النصوص اعتمادا على خطاب تأويلي، وحيث تعدّ مقاربة الفارابي المقاربة التأسيسيّة في الفلسفة السياسية الإسلامية من حيث جهدها في توسيع نطاق المبحث الأخلاقي إلى مستوى المبحث السّياسي بل إلى الكسمولوجيا والإلهيّات، "كان تفكير الفارابي في مسألة السعادة مقترنا بالتفكير في إمكان تحقيقها في المدينة أي ضمن الضرورة التي تفرضها طبيعة الإنسان: ضرورة العيش معا". وبما هي "غاية كلّ وجود مدني، بما يعني أن غاية ما تطلبه المدينة إنّما هو تحقيق ما تطلبه الأخلاق، بما يسمح بالقول بالتطابق بين جوهر السياسي وجوهر الأخلاقي".

إنّ الجمع بين سعادتين هما السعادة الدّنيا والسعادة القصوى، الأولى في الحياة الدّنيا والثانية في الآخرة، هو جمع لا يجرؤ عليه إلاّ من كان قادرا على الجمع العقلي بين عالمين: عالم الحياة وعالم الآخرة مع ما يحيط فكرة الآخرة من إحراجات فيما يتعلّق بطبيعة البراهين التي توجب القول بهذه الحياة
في هذا الإطار يتنزل تقديمنا لكتاب "اللاهوتي والسياسي عند الفارابي: دراسة في علاقة السياسة بالدّين في الفلسفة السياسية للفارابي" لمؤلّفه الدكتور عبد النبي فرشيشي والذي قدّم أنموذجا عن التفاعل التاريخي بين الفلسفة والدّين متمثّل في بسط ما بدا عملا جسورا أقدم عليه الفارابي وهو النّظر في أمر السّعادة الإنسانيّة. لقد جعل الفارابي من مشكل السعادة المشكل الفلسفي بامتياز. وإن كانت السعادة مبحثا أخلاقيا في العادة فإنّ الفارابي قد وسّع من نطاقه فجعله مبحثا سياسيا، انتفي معه التعارض الظاهر بين الملة والفلسفة، على وجه الخصوص البحث في شروط إمكان تحقيق السعادة بمعنييها الدنيوي والأخروي، أي السعادة بما هي أقصى حالات الكمال في الدّنيا والسعادة بما هي خلاص ونجاة في الآخرة. أي تحقيق السّعادة للإنسان وهو في وضعه الطبيعي أي باعتباره كائنا اجتماعيّا.

الفارابي وانتزاع الاعتراف بقيمة الفلسفة في النقاش السياسي

جاء اهتمام الفارابي بالمسألة السياسية في سياق تاريخي يتمثل فيما يمكن اعتباره محاولة جريئة لدى الكندي في التقريب بين الفلسفة والدّين على اعتبار الحظوة التي يحوزها الفقهاء لدى السلطة السياسية عصرئذ. إلاّ أنّ عدم اكتمال ترجمة التراث العلمي والفلسفي من شأنه أن يجعل محاولة إيجاد بدائل مرجعيّة غير فقهيّة من شأنه أن يجعل محاولة إيجاد بدائل مرجعية غير فقهية عملا غير ذي جدوى. وبالتالي قد يكون الفارابي قد أدرك أنه ينبغي وضع مدخل الاهتمامات السياسية ولفت الانتباه الى قيمة ما يمكن أن تقدّمه الفلسفة في الشأن السياسي تمهيدا لانتزاع الاعتراف بقيمة الفلسفة على نحو عام وذلك من خلال إيجاد موطئ قدم للقول الفلسفي في النقاش السياسي الذي هو بالأساس على صعيد الواقع على أشدّه.

الفارابي والمغامرة التأويلية لمسألة النبوّة

تتمثل المغامرة التأويلية للفارابي في قطع المسافة بين واقع المدينة التاريخية والفلسفة المدنيّة الكلاسيكية. لقد كان عمله التأويلي على غاية من العسر من أجل ابراز عناصر التقارب، وتضطلع الكتابات المدنيّة، وهي بالأساس كتاب "أهل المدينة الفاضلة" وكتاب "الملّة" وكتاب "السياسة المدنيّة"، بإظهار تلك العناصر، بل إنّ أسلوب كتابة تلك النصوص كانت قد جمعت بين نمط من الكتابة أشبه ما يكون بالرسائل الفقهيّة أو الشرعيّة ونمط من الرسائل الفلسفية، بحسب ما ذكره د. محسن مهدي في كتابه "الفارابي وتأسيس الفلسفة الإسلامية السياسية". لقد توجهت المغامرة التأويلية للفارابي صوب التراث الدّيني، وعلى وجه الخصوص مسألة النبوّة، وكذلك صوب التراث الفلسفي من جهة الموضع الذي يعتقد أنّه سطّر هذا التراث، أي فلسفتا أفلاطون وأرسطو.

من الميتافيزيقا إلى المدينة

سيكون على العلم المدني الذي استحدثه الفارابي إدراك نظام التناسب بين العالم الميتافيزيقي أو الكسمولوجيا والعالم الطبيعي (الجسد) والعالم المدني (المدينة)، أي على العلم المدني أن يجد ما يناسب هذا في ذاك، للوصول إلى نوع من الانسجام الكوني أو الكلّي يضفي مشروعيّة على مختلف الآراء. فما عيّنه العلم الإلهي على أنّه السبب الأوّل لكلّ الموجودات يجب أن يعيّنه العلم المدني على أنّ السبب الأوّل وما يناسبه "في جملة ما تشتمل عليه الأمّة أو المدينة مبدأ أوّلا".

وما عيّنه العلم الإلهي على أنّه الموجودات الثواني، يجب أن يعيّن العلم المدني ما يناسبه في المدينة من الأسباب التي تتلو السبب الأوّل "ومدنيّون يتلون تلك المبادئ وآخرون يتلون هؤلاء"، وما ينتهي إليه العلم الإلهي على أنّه من مشمولات الموجودات الأخيرة يعيّنه العلم المدني في المدن على أنّه "ما ينتهي إلى آخر المدنيين رتبة في المدينة".

يقوم العلم المدني على مسلّمة مركزيّة مفادها أن كلّ شيء إنّما صدر عن مصدر واحد، وبالتالي فكلّ شيء "متشابه" وإنّما يبقى على العلم المدني أن يجرّد موضوعات الوجود والاكتفاء بصورتها المتشابهة، وأهمّ ما وصل إليه الفارابي هو قيام كلّ شيء على ثنويّة الخدمة والرئاسة، بحيث لا ينفصل حسب الفارابي التدبير الإلهي للعالم عن تدبيره للمدينة "وأنّ تدبيره تعالى للعالم بوجه وتدبيره للمدينة الفاضلة بوجه آخر غير أنّ بين التدبيرين تناسبا".

ترجمة العلم الإلهي إلى آراء تحقق السعادة

يرى الفارابي أنّ وظيفة العلم المدني تتمثّل في إنتاج وعي مدني قادر على ترجمة المسائل النّظريّة إلى وعي عملي، سيكون على الفيلسوف الرئيس أن يرسم للجمهور جملة الآراء تناسبيّا "لينال باستعمالهم لها غرضا له فيهم أو بهم محدودا" والغرض هاهنا هو البعد العملي، فمضامين العلم الإلهي والعلم الطبيعي ينبغي أن تكون قابلة للترجمة مدنيّا من حيث هي آراء تنال بها السعادة، كأنّه يمكن القول إنّ المعرفة التي يؤسسها العلم المدني هي معرفة براغماتية لا معنى فيها للحقيقة إلاّ من حيث الغايات العمليّة التي تؤدّيها.

ترجمة إشكاليّة العلاقة بين الفيلسوف والنبيّ

إنّ التفكير في علاقة العقل بالوحي لدى الفارابي تفهم باعتبارها إحدى الترجمات القويّة على الصّعيد النظري لإشكال العلاقة بين الفلسفة والملّة أو بين الفيلسوف والنبي، فإذا كانت الملّة هي مثال الفلسفة، في معنى أنّ ما جاء في الملّة لا يختلف عن ما يأتي به العقل إلاّ من حيث إنّ الأوّل مصاغ بطرق تخيّليّة وحسية وتخاطب وجدان الجمهور وخيالهم فيحقق به الرئيس غايته، بنفس الطريقة فيما لو خاطب جمهورا متعقلا بلغة العقل عن نفس المضمون الذي تحدثت بشأنه الملّة، فإنّ ذلك يعني أنّ العقل والمخيّلة لا يختلفان إلاّ من حيث التعريفات والألفاظ التي يستخدمها المشتغل بالعقل أو المشتغل بالملّة فما يسمّيه العقل "واجب الوجود" تسمّيه المخيّلة "الله" وفق الصّفات التي يوصف بها في المواضيع التي يريد صاحب الأمر في الملّة إبلاغها.

السعادة بديلا عن سؤال الحقيقة لدى الفكر الفلسفي اليوناني

يقوم النظر الفلسفي في المسألة السياسية لدى الفارابي، المبيّن أعلاه، على اعتبار السعادة غاية كلّ وجود مدني، بما يعني أن غاية ما تطلبه المدينة إنّما هو تحقيق ما تطلبه الأخلاق، بما يسمح بالقول بالتطابق بين جوهر السياسي وجوهر الأخلاقي، وأنّ هذا التّطابق ربّما يجد أساسه النظري في الفكر الفلسفي كما يرجح أن يكون الأساس العملي لنفس التطابق ربما يكون قادما من الدّين. يمكن المجازفة بالقول إن ملتقى هذه العناصر هو مفهوم السعادة حتى توشك السعادة لدى الفارابي أن تكون بديلا عن سؤال الوجود أو سؤال الحقيقة لدى الفكر الفلسفي اليوناني من حيث كونه مبتدأ كل الأسئلة وخبرها. غير أن الإشكال يتمثّل في تحديد معنى السعادة ومضمونها. فما هي حقيقة السعادة وما هي العلاقات التي يقيمها الفارابي لدى هذا المفهوم فيما يخصّ اهتمامنا؟

ويعرّف الفارابي السعادة أيضا باعتبارها "الخير المطلوب لذاته وليست تطلب أصلا ولا في وقت من الأوقات لينال بها شيء آخر، وليس وراءها شيء أخر يمكن أن يناله الأنسان أعظم منها". وبالتالي فالسعادة وفق الفارابي تمثّل أقصى المطلوب الإنساني وليس يفوقها شيء آخر بما في ذلك فعل الفضيلة، وإنّما الفضائل مجرّد أفعال يأتيها الإنسان لينال بها السعادة.

إنّ الجمع بين سعادتين هما السعادة الدّنيا والسعادة القصوى، الأولى في الحياة الدّنيا والثانية في الآخرة، هو جمع لا يجرؤ عليه إلاّ من كان قادرا على الجمع العقلي بين عالمين: عالم الحياة وعالم الآخرة مع ما يحيط فكرة الآخرة من إحراجات فيما يتعلّق بطبيعة البراهين التي توجب القول بهذه الحياة، وبالتالي أخذ السعادة القصوى مأخذ "الثواب" على أنّ السعادتين الدّنيويّة والأخرويّة إنّما تتحققان في كنف اجتماع إنساني ليس أقلّ من مدينة. وبالتالي فالسعادتان أيضا تستلزمان الانخراط في الشّأن المدني.

يعرّف الفارابي السعادة أيضا باعتبارها "الخير المطلوب لذاته وليست تطلب أصلا ولا في وقت من الأوقات لينال بها شيء آخر، وليس وراءها شيء أخر يمكن أن يناله الأنسان أعظم منها". وبالتالي فالسعادة وفق الفارابي تمثّل أقصى المطلوب الإنساني وليس يفوقها شيء آخر بما في ذلك فعل الفضيلة، وإنّما الفضائل مجرّد أفعال يأتيها الإنسان لينال بها السعادة.
السعادة في الدّنيا لدى الفارابي شأن ممكن لدى من اعتقد أنّ السعادة تتحقق في اللذّة أو المال أو المجد أو ما شابه ذلك من خيرات الدّنيا، فإن أرشد إلى السّعادة الأخرويّة ولم يعمل لها فشأنه ما ينتظره فيما يعتقد أنّها حياة أخرويّة تكون إمّا سعادة أو تكون شقاء بالنسبة إلى من علموا السعادة الاخرويّة، ولا شكّ أن الموت لدى الفريقين من اعتقد في أنّه لا سعادة إلاّ في هذه الدّنيا وأخرى تكون في الآخرة، يمثّل عاملا مؤثّرا إلى أبعد الحدود في قضيّة السّعادة. يقول الفارابي "الفاضل إنّما يفوته بالموت أن يستكثر من فعل ما يزداد به سعادة بعد موته".

بهذا المعنى فالفاضل يجزع من الموت ولكن جزعه يختلف عن أصناف آخرين ممن يجزعون من الموت أوّلا من قبيل جزع من يرى أنّه يناله بالموت شرّ عظيم جدّا، ثانيا جزع من يرى أنّه يفوته بالموت خير عظيم كان قد حصل له فخرج عن يده. في مقابل ذلك يعتبر الفارابي أنّ الانسان الفاضل لا يرى أنّه لا يناله بالموت شرُّ أصلا، ويعتبر أنّ الخير الذي حصله إلى حدّ موته لن يفارقه. على هذا النّحو فخوف الإنسان الفاضل من الموت هو خوف من يرى أنّ الموت إنّما يفوّت عليه ربحا كان يمكن أن يزداد، ويذهب الفارابي إلى أنّ الفاضل لا يفترض به أن يجزع أصلا من الموت وإنّما يؤثر الحياة ليزداد من "فعل الخير الذي يزداد به سعادة". لا ينبغي للفاضل حسب الفارابي استعجال الموت لكونه إنّما تستفيد المدينة من بقائه، ولكن إذا اقتضى نفع المدينة أن يطلب الفاضل الموت فلا شكّ أنّه لن يتأخّر إلى ذلك.

الحريّة والمساواة قاعدتا الوجود

يعرّف الفارابي المدينة الجماعيّة بما هي المدينة التي جعل أهلها قاعدتي وجودهم في الحريّة والمساواة، فأمّا الحريّة فتعني في هذه المدينة اقتدار كلّ إنسان على فعل ما يشاء دون أن يمنعه أحد على فعل أيّ شيء يمكن أن ينال به ما تريده أهواؤه، فهذه الحرية تعني بالأساس حرية الأهواء. وأما المساواة فهي في أن لا يتفوق إنسان على آخر في أيّ شيء على الإطلاق ويكون عمل السلطة حفظ المبدأين دون غيرهما.

في مقالة له بعنوان "الحرية والمساواة في المدينة الديمقراطيّة حسب الفارابي"، يذكر السيد مهدي سعيدان أنّ الفارابي وإن كان يستعيد التصنيف الأفلاطوني لكنه يختلف عن أفلاطون من حيث أنّه لا يرى في المدينة الجماعيّة على أنّها مدينة انحلال المدينة الفاضلة بل هي أقرب المدن إلى المدينة الفاضلة وقد أشار أيضا إلى أنّ الحريّة لدى الفارابي لا تتحدد فقط في المعنى الأخلاقي من حيث هي علاقة بين العقل والأهواء وإنّما كذلك لها معنى سياسي متصل بعلاقة الأفراد بالسلطان، وهي علاقة يحكمها قانون المساواة بدل التراتب بل أبعد من ذلك يكون على الرئيس أن يطيع المحكومين وليس العكس. وأشار السيّد سعيدان إلى أنّ الواقع التاريخي هو الذي يفسّر الموقف الإيجابي من المدينة الجماعيّة. رغم احتفاظ الفارابي نظريّا بالتقييم الافلاطوني من اعتبار المدينة الجماعيّة مدينة جاهليّة.

لا شكّ أن أثر الفلسفة الأفلاطونيّة كان حاسما في استغراق الفلسفة في السؤال السياسي، ولكن إلى جانب ذلك رأينا أنّ أثر الدّين كان أيضا حاسما في أن يحتلّ "الله" تلك المنزلة لا فقط في نظام الأشياء، وإنّما كذلك في نظرة الفيلسوف لنظام الأشياء، أصبحنا اليوم ندرك اسم ذلك التأويل العميق والخطير في جزء مهم من الإنسانيّة هي من الناحية العقديّة سليلة الدّيانات الابراهيمية على حدّ سواء، وهو تأويل الأنطو ـ تيولوجيا والتي من دونه لا يمكن الحديث أصلا عن فلسفة إسلاميّة وأخرى يهودية وأخرى مسيحيّة لولا تلك المنزلة التي احتلها الدّين في تلك الفلسفات، ويرى الدكتور عبد النبي فرشيشي أنّ تلك العلاقة أوجدت في الفلسفة أولويّة العملي على النظري وقد أوجدت في الفلسفة الإسلاميّة بالذّات لدى الفارابي استشكالا مركزيا هو السؤال عن المدينة أي الدّولة، بهذا المعنى توشك كلّ الفلسفة أن تكون فلسفة سياسيّة، وأن ذلك ربما يكون نتيجة الاختراق الدّيني لها.
التعليقات (0)