غرائب سورية..
قال وزير الخارجية الأمريكي "جون
كيري" إنه ينبغي عقد لقاء مع
الأسد لتهدئة الأوضاع في
سوريا.
ولكن
تركيا كانت أكثر الدول التي انزعجت من جملة "لقاء مع الأسد"! فقد أعلن السيد رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" انزعاجه قائلاً: "لا فرق بين اللقاء مع الأسد ومصافحة هتلر!".
لا تعتبر ردة فعل تركيا العنيفة هذه تجاه الولايات المتحدة غريبة، ومن المحتمل أن "باراك أوباما" هو أقل شخص استغرب من موقف تركيا.
أما "جون كيري"، فيبدو أنه يواجه صعوبة في فهم موقف السيد "أحمد داود أوغلو"؛ لأنه وصل إلى منصبه بعد فترة طويلة من بدء الحرب في سوريا، فلا يعلم ما حدث في الماضي.
ولكن إذا أراد أن يعلم السبب وراء ردة فعل السيد "أحمد داود أوغلو"، فعليه فعل أمر بسيط جداً... فقط عليه أن يتصل بسَلَفه "هيلاري كلنتون"، ويسألها: "برأيكم لماذا تعارض تركيا اللقاء مع الأسد بهذه القوة؟"، وبمجرد سؤاله ستنحل هذه المشكلة!
فمن المحتمل أن "كلينتون" ستشرح لـ"جون كيري" كيف أن "داود أوغلو" قبل أربع سنوات كان يرى اللقاء مع الأسد ومحاولة إقناعه أمرا عظيما، وأنه كان يفعل هذا رغم رفض أمريكا.
إذا أعادت "كلينتون" شريط فيلم سوريا إلى البداية، ستخبر "كيري" أن "داود أوغلو" هو أكثر شخص ذهب إلى سوريا، وأكثر قائد حاول التحدث مع الأسد، وهذه هي الحقيقة. "داود أوغلو" ورئيس الجمهورية "طيب أردوغان" هما أكثر شخصان سعيا إلى حل الأزمة السورية عن طريق الحوار.
فقد أجرى حينها "داود أوغلو" مكالمات مع نظام الأسد لا تحصى، وحاول إقناعه بالتغيير الديمقراطي حتى لا تصل البلد إلى ما وصلت إليه حاليا. وقد عرضت أنقرة على الأسد أن تقوم بدعم الشرطة السورية حتى لا تعم الفوضى.
الأمر الغريب هو أن الذين يتهمون الحكومة التركية بالتحيز للسنة ودعم الإرهاب اليوم، كانوا في ذلك الوقت أيضاً يتحركون وفق مصالح الغرب، وقد اتهموا حينها "داود أوغلو" بالديكتاتورية لمصافحته الأسد! وأنا أواصل رصد أمور غريبة كهذه منذ أربع سنوات...
لا أعلم إن كنتم تتذكرون من هم أول من عارض الحكومة حين وقفت ضد نظام الأسد بعد أن تطورت الأوضاع في سوريا إلى حرب أهلية... قد لا تتمكنون من التذكر؛ فحينها كانت أرقام القتلى لا زالت بالعشرات، ولم تكن قضية سوريا تعني الكثير لأحد. إنها المعارضة التركية التي لم تعرف قيمة ما فعله "داود أوغلو" في سوريا.
لو أن "داود أوغلو" تمكن من تحقيق ما يريده في سوريا لكان الـ220 ألف سوري الذين قتلوا خلال السنوات الأربع الأخيرة يعيشون الآن في دولة ديمقراطية بكل حرية.
لو أن الحل الدبلوماسي أخذ دعماً عالمياً، لما تحولت سوريا إلى جنة في أعين التنظيمات الإرهابية أمام أعين العالم، ولمَا فقد الـ10 مليون من أصل 22 مليون مواطن سوري منازلهم، واضطروا إلى النزوح إلى الدول المجاورة.
لو أن وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة الأمريكية "كلينتون" تتحدث بصدق، فستخبر خَلَفها "كيري" بكل هذا.
والآن لنسأل السؤال الأقسى والأهم... لماذا لم تفلح محاولات "داود أوغلو" بحل الأزمة عن طريق الحوار حين كانت مقتصرة على المتظاهرين السلميين في 2011؟
دعكم من "كيري" و"كلينتون"...
إذا كان هناك سؤال واحد لا يمكن لا لـ"أوباما"، ولا "بوتين"، ولا "خامنئي"، ولا القادة العرب أن يجيبوا عليه، فأنا واثق أن هذا هو السؤال!
بإمكانكم أن تفكروا أنتم أيضاً به إن شئتم...
(صحيفة "خبر ترك" التركية)