كتب

التأريخ اللاتيني والإسلامي للحملات الصليبية.. دراسة مقارنة

رسمت الدراسات التاريخية العربية صورة واضحة المعالم للآخر، وتعاملت معه على أرض الواقع، وهذه الصورة كل تفاصيلها الإيجابية والسلبية دلت على رؤية العقل العربي للحروب الصليبية عن ذلك..
الكتاب: "التأريخ اللاتيني والإسلامي للحملات الصليبية - دراسة مقارنة بين ابن أثير ووليم الصوري"
الكاتب: منى جمعة حماد
ترجمة: مصطفى وجيه
الناشر: أركان للدراسات والأبحاث والنشر
عدد الصفحات: 146


مثلت الحروب الصليبية ظاهرة تاريخية في العالم العربي والغرب الأوروبي، فقد أشغلت أحداثها عقودا من السنين، وكان مسرح أحداثها مساحات جغرافية بدأت من بريطانيا غرباً حتى العراق شرقاً، ومن شمال أوروبا إلى مصر ودول المغرب الكبير، ولم يحدث أن تعامل أي من العسكريين أو السياسيين الغربيين مع العالم العربي منذ ذلك الزمان، وحتى وقتنا الحالي من دون أن يكون خطابه مباشرا أو غير مباشر يتعلق بالحروب الصليبية، كما فعل جورج بوش الإبن في إعلان الحرب على العراق 2003م.

عديدة هي الكتابات التي وضعت عن الحروب الصليبية سواء في العالم العربي أو العالم الغربي، ولا أحد يستطيع منهم أن يغض الطرف بأن الحملات الصليبية ضد المشرق العربي كانت أولى المشاريع الاستعمارية الأوروبية للعالم العربي والإسلامي، وعلى الرغم من الفشل الذي منيت به الحروب الصليبية، فإن الإعلام الغربي جمل تلك الحملات الصليبية بالشجاعة والبطولة والتضحية لرسم صورة براقة في أذهان الطلاب الغربيين عن الرجل الأوروبي، فقد كان العالم العربي طرفاً وجهت إليه أوروبا الكاثوليكية عدوانها تحت راية الصليب، وأدخلت هذه الحملات المنطقة في حالة من التدهور.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الذين شنوا الحملات الصليبية الأولى لم يستخدموا مصطلح "الحروب الصليبية" وانما استخدموا الكلمة اللاتينية Crueseignati   ومعناها "الموسوم بالصليب"، حيث كان يتم وصفهم في البداية بأنهم حجاج، عبر Peregrinotio أي "رحلة الحج".

أما عن تأثير الحروب الصليبية في مجال كتابة التاريخ اللاتيني فقد أحدثت نقلة نوعية في الكتابة التاريخية، فأخذ المؤرخون الأوربيون رويداً رويداً يظهرون قدراً من الواقعية عند الاقتراب من التاريخ بتناول الحقائق والبحث عن الأسباب، ويتعاملون مع التأريخ بوصفه فعاليات بشرية "ولعل أهم ثمار الحروب الصليبية هو الانتصارات التي حققتها الكتابة التاريخية في أوروبا بعد فشل المشروع الصليبي، (إذ) تطور منهج البحث... ببحثهم عن الأسباب الوضعية للهزيمة ولم يعد العقاب الإلهي كافياً لتفسير ذلك". ص 18

لا بد من الإشارة هنا إلى أن الذين شنوا الحملات الصليبية الأولى لم يستخدموا مصطلح "الحروب الصليبية" وانما استخدموا الكلمة اللاتينية Crueseignati ومعناها "الموسوم بالصليب"، حيث كان يتم وصفهم في البداية بأنهم حجاج، عبارة Peregrinotio أي "رحلة الحج".
أما عن تأثير الحروب الصليبية في مجال التاريخ العربي فقد رسمت الدراسات التاريخية العربية صورة واضحة المعالم للآخر، وتعاملت معه على أرض الواقع، وهذه الصورة كل تفاصيلها الإيجابية والسلبية دلت على رؤية العقل العربي للحروب الصليبية عن ذلك، تقول الكاتبة: "أخرجت الحملة الصليبية الأولى مادة تاريخية أكثر مما أخرجه حدث آخر في مطلع العصور الوسطى لأن المشاركين في الحملة الصليبية فخورين بأعمالهم، وكانت رغبتهم أن يحتفظوا بذكرى أفعالهم شديدة، إذ أن الأفكار والخبرات التي رواها شهود العيان أيد صحتها بعد ذلك المؤرخون اللاتين في الغرب".

تتكون هذه الدراسة من جزئين ناقشت الكاتبة في الجزء الأول التاريخ والتدوين الإسلامي واللاتيني للحروب الصليبية الأولى، وأوجه التشابه، والاختلاف بين الحوليات الإسلامية والحوليات المسيحية في تلك الفترة، أما الجزء الثاني من هذه الدراسة فتضمن مقارنة بين المؤرخين وليم الصوري وابن الأثير، حيث دققت الكاتبة وحللت منهجية وليم الصوري ونمطيته في الكتابة وأهدافه، تقول الكاتبة" أدهشنا مدى عمق معرفة وليم بالشؤن الإسلامية، ومدى تقديره للحضارة الإسلامية من ناحية، ومدى كراهيته وازدرائه للدين الإسلامي ونبيه محمد صلى الله عليه سلم من ناحية أخرى"،  كما ناقشت الكاتبة منهجية ابن الأثير، وحللت رواياته حول الحملات الصليبية ووضعت مقارنة تحليلية لكل من ويلم الصوري وابن الأثير، وروايتهما عن الحروب الصليبية. ص 23

في زمن الحملة الصليبية الأولى لم تكن أوروبا تعرف الكثير عن المسلمين وعقيدتهم، بالنسبة لهم كان الإسلام يمثل عددا كبيرا من الأعداء الذين يهددون المملكة المسيحية، ثم أن اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يظهر في أي مصدر أوروبي قبل عام 1100، وقد حاول الكتاب في غرب أوروبا أن يوضحوا مكان العرب في التاريخ العام للعالم باستخدام الإنجيل، وعرفوا المسلمين أنهم أبناء إسماعيل من سلالة هاجر تلك الزوجة المصرية لإبراهيم وعرفوا باسم السراسنة. ص 49

إن الكتابات الإسلامية عن الحملة الصليبية الأولى نادرة جداً، إذ وجد في العالم الإسلامي القليل من الوثائق الرسمية أو المستندات التي تناولت أحداثها، على نقيض العالم المسيحي الذي احتفظ بالكثير من الوثائق التي تعود إلى تلك الفترة، فخلال الحروب الصليبية اتخذ التاريخ الإسلامي عدة أشكال وأغلبها التأريخ العام، بالإضافة إلى السير المدونة مثل تاريخ دمشق لابن عساكر، وبغية الطلب لكمال الدين، وعلى عكس الصليبين الذين لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الإسلام، كان المسلمون يتعاملون مع المسيحيين منذ زمن طويل، وفهموا المسيحية من خلال القرآن الكريم، وعرفوا المسيحيين باسم الذميين أو أهل الكتاب، وكانوا يمثلون أقلية في حماية المجتمع الإسلامي، ولم يفرق المسلمون بين الكنيسة الأرثوذوكسية والكنسية اللاتينية بالغرب في حينه. ص 70

كان ولبم الصوري مؤرخاً أحب بلده، وفي مقدمة كتابه يروي أن السبب الذي حفزه للكتابة هو حبه الأصيل لبلاده "أعود فأكرر أنه من حق الوطن، ألا تظل تلك الأعمال التي أنجزها هذا الوطن مطمورة في زوايا الجهل وطيات الإهمال على مدى قرن من الزمان".

ويضيف أيضا في مقدمته التي كتبها عام 1184 "إن هذا العمل في مجموعه يحتوي على ثلاثة وعشرون كتاباًـ، وينقسم كل منها إلى عدد معين من الفصول كي ييسر للقارئ ما يبحث عنه من أجزاء مختلفة من الرواية". ص 80

إن الكتابات الإسلامية عن الحملة الصليبية الأولى نادرة جداً، إذ وجد في العالم الإسلامي القليل من الوثائق الرسمية أو المستندات التي تناولت أحداثها، على نقيض العالم المسيحي الذي احتفظ بالكثير من الوثائق التي تعود إلى تلك الفترة
إن الخصائص الفريدة التي عرف بها وليم مؤرخاً تمسكه بالأسلوب النقدي عند استخدام المصادر والوصول إلى المعلومات، خاصة ً أنه كان يحصل على معلوماته من شهود عيان ثقات وناس لايزالون على مقدرة من استعادة الماضي ووقائعه بالإضافة إلى ملاحظاته... ويعترف أنه كان من الصعب أن يحصل على مادة موثوق بها ذات ترتيب زمني سليم وتتابع للأحداث. ص 81

فقد سار وليم في كتابه على اتجاه نقدي في مصادر معلوماته سواء كانت مكتوبة أو شفوية، أحداث قريبة الحدوث أو قديمة فيقول: "بعد تحري دقيق لمحتواه ووضع عدد من الاستفسارات المتكررة، استطعنا الوصول إلى حقائق ذات صلة بالموضوع"، بدأ وليم بمقدمة مختصرة عن ظهور محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أعقبها بالفتوحات الإسلامية التي حدثت بالقرن السابع وفتح بيت المقدس، وأرجع نجاح المسلمين في دخول سوريا وفلسطين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب إلى حقيقة أن هذه الأماكن كانت تعرضت لدمار قام به الفرس وأن أهلها قد هجروها لتعرضها للدمار الذي قام به الفرس وأن أهلها قد هجروها، ويروي أن المسلمين بعد فتح بيت المقدس سمحوا ببناء كنائسهم، وأن يعينوا أسقفهم، ويواصلوا عقيدتهم دون اعتراض، ثم ينتقل وليم لوصف الآلام المسيحية في الديار المقدسة على امتداد القرون الإسلامية، ويذكر أن المسيحيين وقعوا تحت نيران الاسترقاق والشدة تحت حكم الأمراء المسلمين، ولكن الحقائق التاريخية تؤكد أن كرم هارون الرشيد مع المسيحيين كان بفضل العلاقات الطبية بينه وبين شارلمان، حين تمتعوا بالأمن في عهد هارون الرشيد. ص 88

المادة المعلوماتية للكتب الخمسة عشر الأولى عند وليم قامت على أساس كتابات تاريخية منسوبة إلى ألبرت الآكسي، وبلدرك، وفوشيه، وريموند، بالإضافة إلى "الجستا"، وإن كان ألبرت يعد المصدر الأول لكل هذه الأعمال حتى سقوط بيت المقدس، وحصل على حوادث معركة عسقلان من رواية ريموند وبعد ذلك اعتمد على فوشيه، ففي رواياته عن الحملة الصليبية الأولى أضاف وليم بعض المعلومات الخاصة بردود الفعل الإسلامية للحركة الصليبية، وجهودهم لمواجهة التهديدات الصليبية، فعند روايته عن حصار الصليبين لأنطاكيا كانت روايته مشابهة لرواية ابن القلنسي، إذ صور دور ياغي سيان حاكم أنطاكيا أمام القوات الصليبية القادمة، فكانت الصورة نفسها التي صورها ابن القلانسي، بيد أن وليم أكد على علم ياغي سيان بقدوم جيش كبير من المسيحين تحت قيادات مسيحية، بينما قصر اللوم ابن القلانسي حالة التفكك والانقسام بين المسلمين، التي يسرت نجاح الصليبين، بينما وليم أرجع ذلك لتنظيم القوات الصليبية وتنسيقها حتى يبرز النجاح الإعجازي الصليبي، ويظهر تدخل الرب ليساعدهم.

إن معرفة وليم المتميزة بكل من التاريخ الإسلامي، والثقافة الإسلامية، والسياسة الإسلامية تبدو أثارها واضحة في التاريخ، وهذا ما ظهر في الفصل الرابع من المجلد الأول حينما شرح بالتفصيل الاختلاف بين السنة والشيعة مقراً بأن المصريين أخذوا بالمذهب الشيعي، بينما السلاجقة الفرس ساروا على المذهب السني الإسلامي. ص 90

في نهاية عمله نجد وليم يصور فساد الأمة المسيحية، ويعزوه إلى الفشل الذي فاض الأجيال الأخيرة، وحاول جاهداً أن يقدم الحلول لإنقاذ أمته ويقنع رجالات الغرب لإنقاذها، وبالنسبة له المملكة اللاتينية لم تكن مجرد مستعمرة فرنجية، بل هي الأرض المقدسة التي ينبغي انقاذها من خطر وشيك، وكان هدفه أن يكتب تاريخ أمة أقامت نفسها باسم الرب وحاربت من أجل حماية الأراضي المقدسة المسيحية وحفظها، وتقول الكاتبة عن وليم:" يعد أفضل مؤرخي العصور الوسطى فهو المؤرخ الوحيد في العالمين المسيحيين والإسلامي، الذي ربط بين الثقافة الغربية من ناحية ومعرفة تامة للثقافة العربية، وخبراته التي حصل عليها خلال حياته في بيئة شرقية استطاع من خلالها أن يقدم تذكاراً تاريخياً، يعد المصدر الأفضل للفترة المبكرة عن الحروب الصليبية".

أما عن ابن الأثير فتاريخه شامل في كتابه الكامل في التاريخ فقد سار فيه على نسق التاريخ العام، الذي تبنه المؤرخون المسلمين بدايةً من بدء الخليقة، وبخصوص فترة الحروب الصليبية قدم ابن الأثير روايتين واحدة في كتابه الكامل، والثانية في كتابه الباهر الذي غطى السنوات المئة والثلاثين عاماً فقط من 1084 ـ 1210 م، وثمة تشابه كبير في تسجيل الأحداث في هذه الفترة في العملين، وبعض الاختلافات الواضحة في تتبع الأحداث بين النص الحقيقي وما ورد في الأجزاء التي أضيفت إلى العملين عند تسجيل أحداث معينة. ص 103

ففي الأجزاء الأخيرة من الكامل التي تغطي الحروب الصليبية نجد المعالجة التاريخية، التي سار عليها ابن الأثير تشمل تفاصيل أوسع، وهو الوحيد بين معاصريه الذي ربط الحركة الصليبية بعداء شديد بين المسيحية والإسلام، فقبل أن يروي وصول الحملة الصليبية الأولى يروي ابن الأثير تفاصيلاً عن الموقف السياسي في سوريا، والصراع بين المسلمين والفرنجة في اسبانيا، فعندما وصل الصليبين الى سوريا فقد ربط هذه الحملة بالانتفاضة الصليبية ضد الإسلام. ص 106

إن النقد الأساسي الذي وجه لابن الأثير بوصفه مؤرخاً تحيزه وعداؤه ضد صلاح الدين الأيوبي في حين يظهر تحيزه لبيت زنكي بعكس حكمه على صلاح الدين خاصةً وبني أيوب عامة، بدأ عداء ابن الأثير ضد صلاح الدين مع اعتلائه العرش والسلطة في مصر، إذ نتج عنه صراع مستعر بين نور الدين وصلاح الدين، وذلك عندما قرر نور الدين أن يرسل شيركوه في حملة إلى مصر عام 1166 م، وطلب من صلاح الدين أن ينضم الى قوات شيركوه فوافق مكرهاً، ولكن عندما نجح صلاح الدين في تسوية الأمور في مصر، طلب منه نور الدين أن ينضم للقتال ضد الصليبين فرفض طلبه؛ مما دفع ابن الأثير لأن يتهمه بضرب خطط نور الدين عرض الحائط واتهمه بأنه كاره لحرب الفرنجة. ص 111

ولكن تحيز ابن الأثير ضد صلاح الدين لم يكن دائماً، ففي بعض الأحيان وصفه بالرجل الحاذق وذو القلب الكبير، وبعد الانتصار الذي حققه صلاح الدين على الصليبين، وخصوصاً بعد استرجاع بيت المقدس1187م، فيقول: "وهذه المكرمة من فتح البيت المقدس لم يفعلها بعد عمر بن الخطاب غير صلاح الدين وكفاه ذلك فخراً وشرفاً".

إن الثروة المعلوماتية التي غص بها كتاب الكامل التي غطت كل العالم الإسلامي، والمحاولة التي قام بها الكاتب كي يحكي عن الأحداث بشكل متماسك وذكي، واستخدامه النقدي للمصادر  أعطى العمل ميزة أن يعد أفضل عمل تاريخي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر وسيظل هذا المصدر صاحب المقام الأول لتاريخ الحملات الصليبية.

تضيف الكاتبة في المقارنة بين وليم الصوري وابن الأثير: "عندما يطالع المرء تاريخ وليم الصوري وروايات عن تاريخ الحركة الصليبية فيجد نفسه مضطراً إلى أنن يشير إلى ما بين العملين من تكامل وتشابه، ففي الوقت الذي صنع فيه وليم عملاً يتسم بالوحدة والتنسيق ويتناول فيه موضوع تاريخ المملكة اللاتينية في بيت المقدس حتى عام 1184 نجد أن تاريخ الحركة الصليبية في حولية ابن الأثير في سياق تاريخ عام... ويسجل الأحداث التي وقعت في كل أرجاء العالم دون التركيز على منطقة بعينها، فإن روايتهما للموضوعات المختلفة التي تخص الفترة المبكرة من الحروب الصليبية متشابه جداً، وإن كانت روايات ابن الأثير في العادة أقل تفصيلاً مما لدى وليم. ص 119

من الاختلافات السياسية بين المؤرخين وليم الصوري وابن الأثير، أن وليم الصوري يفسر أن كل هزيمة وقعت على رأس المسيحين عقاب من الرب على أخطائهم، أما ابن الأثير فلم يدع أن الأخطاء والذنوب أسباب لهزيمة المسلمين،وعند
من الاختلافات السياسية بين المؤرخين وليم الصوري وابن الأثير، أن وليم الصوري يفسر أن كل هزيمة وقعت على رأس المسيحين عقاب من الرب على أخطائهم، أما ابن الأثير فلم يدع أن الأخطاء والذنوب أسباب لهزيمة المسلمين،وعند المقارنة بين روايات وليم وروايات ابن الأثير عن صلاح الدين وحملاته  ضد الامارات الصليبية عام 1170- 1184 نجدها مختصرة وأقل تفصيلاً وذلك بسبب تحيزهما ضد صلاح الدين، بينما حملات صلاح الدين ضد القوى الإسلامية الأخرى سلطت عليها الأضواء، وجاءت بالتفصيل فكان رأيهما واحد في صلاح الدين. ص 133

إن من أكثر أوجه التشابه المذهلة بين وليم وابن الأثير نظرتهما للحاكم المثالي فعندما يتعلق الأمر بوفاة الحاكم أو وصوله الى السلطة يبدأ بوصف مظهره البدني، ففي تأبين ابن الأثير لزنكي يصفه بأنه رجل وسيم ويصف نور الدين بأنه رجل طويل القامة ذو لحية، ويصف وليم بلدوين بأنه رجلاً عملاقاً فارع الطول ذا بشرة ناصعة البياض. ص 134

ختمت الكاتبة دراستها بالقول: "كانت الصورة الغربية للإسلام مشوهة للغاية، ومن ناحية أخرى استمر المسلمون ينظرون للأوروبيين نظرة شك فكانت أثار الحروب الصليبية سلبية أكثر من الإيجابية لكلا الجانبين، مما أثر على جرح عميق بين ثقافتين حية وحيوية، وحتى الحركة الاستعمارية الأوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين في الشرق الأدنى، اعتبرها العرب والمسلمون اسمراراً للحروب الصليبية التي ما زالت تلقى بظلالها على العلاقات بين الناس نفسها في القرن العشرين". ص 137.