تتزايد
مخاوف دولة الاحتلال من وصولها لمآلات صعبة في ظل الاحتجاجات الداخلية المتفاقمة، ما
زاد من الدعوات المطالبة باستبعاد الأحزاب الدينية المتطرفة من العمل الحزبي بزعم أنها
تقود الدولة إلى كارثة سياسية واقتصادية، ويجعل من إقصائها الحلّ النموذجي الذي
سينقذ الاحتلال من الدمار، ويستدعي القيام بالخطوة الضرورية المتمثلة بتوحيد القوى
السياسية للقيام بمهمة إنقاذ ضد المسيرة العمياء لإسرائيل الحديثة.
دان
بيري، الرئيس السابق لجمعية الصحفيين الأجانب في
إسرائيل، قال إن "إسرائيل تتحول
تدريجياً لدولة ثنائية القومية بسبب تصاعد المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، وهذه
مشكلة معقدة تنطوي على جملة من المخاطر الأمنية الإسرائيلية، وقد تصل المآلات لأضرار
قاتلة، ما يستدعي ضرورة تجميد المستوطنات، والانتقال لاستراتيجية معلنة للسعي لتقسيم
الأرض مع الفلسطينيين، لكن الكتلة اليمينية غير قادرة على ذلك بسبب اعتمادها على الجناح
المتطرف فيها".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أنه
"في نفس الوقت، فإن تنامي معدل المواليد في المجتمع الديني المتشدد بمتوسط سبعة
أطفال لكل أسرة، ورفضهم الدراسة في المدارس الحكومية، مقابل تقديس الدراسات الدينية،
وهذا السلوك يقود الدولة لحالة من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي يتطلب
من الحكومة اتخاذ قرارات ملحّة لوقف مخصصات الأطفال ورواتب العمر لكبار السن من المتدينين،
بجانب إلزام دراسة الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية، والقضاء على التهرب من الخدمة
العسكرية".
وأشار
إلى أنه "إذا لم يحدث كل هذا، فسيصبح الأرثوذكس المتطرفون أغلبية الدولة، وستتكاثر
قوانين الثيوقراطية، وينهار الاقتصاد، ويهرب القطاع الإنتاجي من الدولة، رغم أن الكتلة
اليمينية الحالية تبدي اعتمادا لافتا على حركتي شاس ويهودوت هاتوراه، فيما يدرك معسكر
يسار الوسط أنه أضعف من أن يتصرف بشكل حاسم، بسبب تراخي الليبراليين، ما يتطلب بناء
تحالف من معسكر الوسط اليوم، رغم وجود عدد غير قليل من أعضائه "البلطجية والأغبياء
المطلقين"، ممن يبدون اهتماما حقًا بتدمير الدولة الصهيونية الحديثة".
وكشف
أن "كبار قادة الليكود لديهم تاريخ مثبت في التخلي عن سياستهم، بدءًا بمناحيم بيغن
إلى آريئيل شارون إلى إيهود أولمرت وتسيبي ليفني، ولعل تصحيح هذا الوضع لن يكون ممكناً
إلا بتوحيد القوى المركزية دون هوامش، وهي الكتلة اليمينية بدون المتطرفين الفاشيين،
لكن ذلك لا يمكن أن يحدث ما دام
نتنياهو موجودًا، لأن وضعه القانوني وسلوكه العام يحرمه
من كونه شريكًا شرعيًا، ومن المشكوك فيه أيضًا أنه يريد ذلك، بل إنه يسعى لكسر الهياكل
الحزبية، وتشكيل ائتلاف مركزي يحمي من يرى بيته يحترق".
تكشف
هذه القراءة الإسرائيلية عن دعوة لإيجاد تكتلات سياسية حزبية جديدة حتى لو تم ذلك من
خلال انقلاب سياسي، وفي هذه الحالة قد تكون المهمة مناطة بقادة المعارضة الحالية بيني
غانتس ويائير لابيد اللذين يبدوان مطالبين بالتواصل مع الليكود بشرط موافقته على الخطوات
الضرورية، وهي الانفصال عن الفلسطينيين، وضبط النفس للمتدينين المتطرفين، الذين يشكلون
حجر عثرة أمام تحقيق مثل هذه الدعوات الإسرائيلية.