في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات
الإسرائيلية
رغم إعلان رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو عن تجميد انقلابه القضائي، فإن خطابه
الدراماتيكي الأخير ظهر سيئاً، وهو يخطب في مجتمع ممزق إلى قسمين، وهو يحرض أنصاره
بالحديث عن مواطنيه المعارضين من الدرجة الثانية، ما يجعل كل حديث عن المصالحة
بينهما كلاما مزيفا وشعارات فارغة.
آرييه شافيت الكاتب في صحيفة
ميكور
ريشون، أكد أن "نتنياهو غير قادر على الشعور والتفكير والتحدث، حتى في أسوأ
لحظة من أزماته الداخلية التي عرفها، لأنه تصرف كزعيم لنصف الشعب، ومنذ فوزه في
الانتخابات قبل خمسة أشهر، فإنه ارتكب كل خطأ محتمل، ومرة تلو الأخرى قام الساحر
بإخراج وجه ميت من قبعته، لأنه أسس الحكومة الخطأ بطريقة خاطئة، بل وضع خطة عمل
خاطئة لها".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أنه "سمح لوزير القضاء ياريف ليفين بإطلاق ثورة النظام
القانوني التي كادت أن تغرق السفينة الإسرائيلية، ولم ينتظر التحذيرات، ولم يستمع
للاحتجاجات، بل استمر في دفعنا نحو كارثة، وبطريقة لا يمكن تصورها ارتكب خطأ
فادحاً بإقالة وزير الحرب يوآف غالانت في ذروة أزمة أمنية، وبعد احتراق الشوارع،
والوصول إلى العتبة، فإنه توقف على حافة الهاوية بفرامل صاخبة، ومع ذلك فإن الخطر لم
يمر، ولا تزال إسرائيل تواجه تهديدًا داخليًا غير مسبوق، وقد يصبح تهديدًا وجوديًا".
وأشار إلى أنه "في اليوم التالي
للعاصفة، فقد شعر معسكر اليمين بأنه أمام انتفاضة عسكرية طغت على حكومته، وكأن
الدولة العميقة لإسرائيل القديمة لا تزال تسيطر عليها، وساد الشعور في يسار الوسط
بأن اليمين فقد صوته، لأن الحريديم يريدون دولة شريعة الآن، والقوميون يريدون
مملكة يهوذا غدًا، والمناهضون لليبرالية يريدون تحويل إسرائيل إلى هنغاريا
وبولندا، وكل معسكر معادٍ للآخر، ويشك فيه، ويرى أنه المسؤول عن حقيقة أن إسرائيل
كادت أن تتفكك، وربما تستمر بالتفكك".
وأوضح أنه "رغم تجميد نتنياهو
لمخططه القانوني، فإنه ما زال محاطا بشكوك متبادلة، ولذلك فإن الحديث عن مصالحة في
منزل الرئيس ليس دقيقا، فما نراه أمام أعيننا ليس تسوية دائمة ولا مؤقتة، بل هدنة
هشة ومريرة، رغم عدم تفعيل العبوة الناسفة هذه المرة، لكن العبوة الجانبية التي تم
وضعها على جانب الطريق لا تزال موجودة، ويجب تفكيكها، وبعد أن رأينا مدى عمق
الحفرة المظلمة التي انفتحت في حياة الإسرائيليين، فإن من المستحيل التظاهر بعدم
وجودها، وبعد سماع صيحات الألم من الملايين، فإنه لم يعد ممكنا تجاهل جرحهم
النازف".
الخلاصة أن إسرائيل في عهد نتنياهو بدت
منقسمة بشكل متزايد، لأنها سمحت للقيادة بممارسة الفوضى، ولم تنفذ مشروعها
الصهيوني الذي تم إقراره أوائل القرن الحادي والعشرين، وباتت دولة
الاحتلال أمام
خيارات قسرية للتعامل مع مشاكل العمق، وطرح أسئلة الهوية، واستهداف العقد
الاجتماعي، والواقع القاسي الذي اكتشفته في الأشهر الأخيرة، والآن بعد عاصفة الشتاء،
وقبل عاصفة الصيف، فقد باتت ترى المجتمع الإسرائيلي ممزقا جريحا.