قالت مجلة "إيكونوميست" إن حجم الكارثة في
تركيا وسوريا يتوسع، ولا تستطيع حكومتا البلدين التعامل معها بدون مساعدة. وأوضحت أن الصمت هو أسوأ جزء، ففي كل ربع ساعة يتوقف مشغل جرافة أو رافعة عن العمل بين الأنقاض على أمل أن يسمع صراخ الناس العالقين تحتها، ولا صوت.
وبدلا من ذلك هناك الشهيق والبكاء والدعوات والمتفرجون قربها. وكل ما تبقى هو أنقاض من عمارة بـ 14 طابقا في أضنة، مدينة يسكنها 1.4 مليون نسمة بجنوب تركيا. وجاء في التقرير أن المشاهد تكررت في أكثر من مكان، حيث تراكم ما تبقى من البنايات مثل البسكويت المهشم.
وأضافت أن حجم الدمار الذي تسببت به هزتان أرضيتان بدرجة 7.8 و 7.5 على مقياس ريختر في 6 شباط/فبراير غير معروفة بعد. وأعداد الضحايا تتزايد في كل يوم (وصلت إلى أكثر من 20 ألفا في تركيا وسوريا)، وانهارت حوالي 6.000 بناية مثل تلك البنايات في أضنة نتيجة الهزة، حسب أوغين أحمد إرشان، خبير الزلازل والذي يعتقد أن حوالي 180.000 شخص علقوا بين الأنقاض.
وقرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعلان حالة الطوارئ في 10 مناطق تضررت من
الزلزال.
وبعيدا عن أضنة بحوالي 100 كيلومتر، فإن المشاهد مأساوية أكثر، فقد اندلعت النيران في ميناء الإسكندرون، الواقع على البحر المتوسط، وابتلعت حاويات السفن الواحدة بعد الأخرى وحممت المناطق المحيطة بها بالدخان الأسود.
ولم ير عمال الإطفاء في أي مكان، فيما انهارت محطة غاز من الهاوية، وانتشرت الخيام البيض التي يسكن فيها المهجرون من الزلزال في كل مكان. وبدت أنطاكيا، المدينة التي خلفت أنطاكية القديمة مثل مكان دمرته الحرب.
وفي مركز المدينة هناك بناية من كل واحدة دمرت، أو مالت وملأتها الصدوع، إلى جانب أعداد من البيوت الآيلة للسقوط. وغطيت الجثث التي أخرجت من بين الأنقاض بالبطانيات أو السجاد وسجيت في الطريق الطويل مع الجرحى الذين ينتظرون وصول سيارات الإسعاف. ويقوم المتطوعون وعمال البلدية بتوزيع وجبات الطعام على السكان. وكافح رجل كبير الحجم جرحا لعدم فقدانه الوعي وكان يصرخ على أخيه "ابق معي". وقال قائد مروحية عسكرية "هناك الكثير أمامنا لعمله معا".
ويبدو عمال الإنقاذ أمام مهمة ضخمة، ففي أمام بيت انهار وقفت سيدة مسنة وهي تناشد سائق جرافة للحفر بحثا عن ابنها. وكان الجنود يحفرون بأيديهم تاركين المعدات الثقيلة للبحث عن العالقين.
وقال أحدهم: "عمتي، علينا اتخاذ قرارات صعبة" و"هناك الكثير من الناس يصرخون طالبين المساعدة تحت بناية أخرى في الشارع وابنك ربما كان ميتا".
وفي
سوريا تزايد عدد القتلى في إدلب ومناطق شمال- غرب سوريا الواقعة تحت سيطرة النظام.
وقالت الأمم المتحدة إن 224 بناء على الأقل دمرت و325 أخرى تضررت، لكن العدد النهائي سيكون أعلى، ومعظم السكان في إدلب هم من النازحين ويعيشون في الخيام. ويقول شهود عيان إن الهزة الأرضية دمرت قرى بكاملها. والخوذ البيضاء مدربة للرد بعد سنوات من الحفر بعد الغارات الروسية والنظام، ولكنها لا تستطيع تغطية كل المناطق التي يعيش فيها أكثر من 4 ملايين نسمة، بمتطوعين عددهم 3.000 شخص.
وحتى عندما يصلون إلى الجرحى يجدون صعوبة في علاجهم، ففي إدلب استهدفت الحكومة والطائرات الروسية المراكز الصحية والمستشفيات (جريمة حرب) مخلفة المنطقة بدون بنى صحية عاملة. ولدى الجيش التركي قاعدة في المنطقة حيث أرسل فرق إنقاذ، وستصل المساعدات الخارجية ولكن ببطء لأن المنطقة خاضعة للمعارضة والوصول إليها صعب. وتعتبر تركيا هي شريان الحياة لإدلب.
ويعتمد أكثر من 2.7 مليون على المساعدات الخارجية التي تشحن عبر الحدود من تركيا وبدون موافقة من نظام الأسد، وبناء على قرار من مجلس الأمن في 2014.
وسمح القرار منذ عام 2020 بمرور المساعدات عبر معبر باب الهوا، لكن الطريق إليه لم يعد صالحا بسبب الهزة الأرضية. وأغلق مطار أنطاكية القريب من المعبر بسبب تضرر واحد من مدارجه، وكذا الطريق بين أنطاكية وغازي عينتاب ثاني أقرب مطار لباب الهوا.
وفي 7 شباط/فبراير أعلنت الأمم المتحدة عن توقف المساعدات عبر الحدود، بدون ذكر وقت استئنافها، مما سيؤدي إلى نقص في الطعام والأدوية والبضائع الأساسية. والوضع ليس أحسن في مناطق النظام، فهو سيء في حلب وحماة والجنوب واللاذقية على البحر.
ولم يكن النظام فاعلا في الأزمات السابقة، فعندما اندلعت النيران في غرب سوريا عام 2021 وحرقت أكثر من 300.000 هكتار عانت الدولة من إطفاء الحرائق. وكذا في أثناء وباء كورونا حيث قُدمت أرقام غير دقيقة، وستجد الحكومة صعوبات في إرسال الإمدادات للمناطق المتضررة، فالوقود غير متوفر بسبب نقص العملة الصعبة. وفرضت عقوبات دولية على الأسد ولا أصدقاء كثر له، ولديه عادة تعويق الدعم الدولي وحرفه وسرقته.
ووعدت دول مثل روسيا وإيران والجزائر ومصر بإرسال مساعدات لكن قلة منها عبرت عن استعداد لإرسال المزيد من العون. والدمار من الزلزال يعني معاناة أكبر للبلد الذي دمرته الحرب.
وبدأت حالة الإحباط في تركيا تظهر من خلال الشعور أن بعض مناطق البلاد أهملت، وتقول الحكومة إنها أرسلت 18.000 من الجندرمة و10.000 رجل شرطة لمناطق الكارثة ومئات سيارات الإسعاف وشاحنات الجيش والشرطة التي تحتشد في الطريق إلى أنطاكية. ويبدو أن جهود الإغاثة تعتمد على المتطوعين الذين تدفقوا من كل أنحاء البلاد.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)