تصاعد التوتر في العلاقات بين الجانبين التركي والأمريكي على وقع الإلغاء المتبادل لإصدار التأشيرات بين البلدين بعد إصدار النيابة التركية أمر اعتقال ثان بحق موظف جديد بالقنصلية الأمريكية بإسطنبول.
وكانت السلطات الأمريكية ألغت تأشيرات السفر إلى
تركيا عقب قيام أنقرة بتوقيف موظف تركي في القنصلية الأمريكية بإسطنبول يدعى متين توبوز بعد اتهامه بالتجسس والارتباط بجماعة فتح الله
غولن.
وكانت النيابة العامة التركية قالت إن هناك ارتباطا بين "توبوز" بالمدعي العام السابق الفار زكريا أوز ومدراء شرطة سابقين يشتبه بانتمائهم لجماعة غولن وتورطهم بالمشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقوبل القرار الأمريكي بقرار تركي مشابه قالت أنقرة إنه من مبدأ "المعاملة بالمثل" في الوقت الذي أعرب فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العاصمة الأوكرانية كييف عن أسفه لخطوة واشنطن وقال إن مسؤولي الخارجية تواصلوا مع نظرائهم هناك بعد صدور القرار.
ويرى مراقبون أن التوتر الأخير بين البلدين يرتبط بشكل وثيق بملفين رئيسيين الأول يتعلق بالمشهد السوري والترتيبات الجديدة لإدارة مناطق خفض التوتر والثاني يتعلق بالتحقيقات الجارية بشأن جماعة فتح الله غولن المقيم في أمريكا وعناصره الذين شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة.
ضربات قاسية للتحالف
صحيفة الواشنطن بوست قالت في تقرير لها اليوم الاثنين إن التحالف المتوتر بين واشنطن وأنقرة والذي يرتكز على روابط استخباراتية وعسكرية وتجارية تعرض لضربات قاسية بسبب الخلافات العميقة بشأن الحرب في
سوريا ومصير المعارض التركي فتح الله غولن.
وقالت الصحيفة في التقرير إن القرار المتبادل بإلغاء تأشيرات السفر أثار التباسا بين المسافرين وكشف عن مدى اتساع الفجوة بين شركاء حلف الناتو.
ووصفت "واشنطن بوست" قرار الولايات المتحدة إلغاء التأشيرات لغير المهاجرين بالانتقامي خاصة وأنه جاء عقب أيام من القبض على موظف القنصلية الأمريكية في إسطنبول والذي يحمل الجنسية التركية.
ولفتت إلى أن هذه التطورات "قوضت" تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإصلاح العلاقات مع أنقرة بعد توترات شهدتها مرحلة سلفه باراك أوباما.
وتشير الصحيفة إلى أن التوترات كذلك تزايدت مع تجاهل إدارة ترامب اعتراضات تركيا بشأن توطيد العلاقة مع الأكراد المقاتلين ضد تنظيم الدولة وهي تنظيمات تعتبرها تركيا "أرهابية".
انزعاج أمريكي
الكاتب والباحث بالشأن التركي معين نعيم قال إن التوتر في العلاقات بين تركيا وأمريكا ليس وليد اللحظة وكان يأتي سابقا على موجات لكنه تزايد في الآونة الأخيرة بعد خذلان واشنطن لأنقرة في التوافق على دور الأخيرة في دخول سوريا والمشاركة في الإشراف على الأوضاع بعيدا عن دعم الفصائل الكردية.
وأوضح نعيم لـ"
عربي21" أن المصالح التركية بدا واضحا أنها تتعارض مع المصالح الأمريكية لذلك بدأت الأخيرة تتحرك بشكل واضح وعلني للضغط من خلال تأشيرات السفر ولا أظن أنها ستتوقف عند هذا الحد لكن ما يحدد مداها هو الموقف التركي من الترتيبات الجارية في إدلب وجماعة فتح الله غولن.
ولفت إلى وجود انزعاج أمريكي من تركيا بسبب الضغط المستمر على "قوات سوريا الديمقراطية" في ظل العمليات العسكرية الجارية في الرقة والتي تشارك فيها فصائل مصنفة بأنها إرهابية لدى أنقرة.
وأشار نعيم إلى أن اقتراب تركيا في علاقاتها مع إيران وروسيا أكثر من السابق وهذا بطبيعة الحال لا يرضي الولايات المتحدة. وتابع: "إقدام أنقرة على خطوة سيادية كهذه رسالة مهمة وإلا لكانت الجرأة الأمريكية أكبر بكثير".
ويرى أن الأزمة الحالية "كشفت مدى تأثير ملفي سوريا وفتح الله غولن بالعلاقة بين البلدين" لكنه لفت إلى أن العلاقة قد تتغير بناء على ما سيظهر من نتائج في الملفين.
وعلى صعيد الحوادث التي وقعت في الولايات المتحدة مع مرافقي الرئيس التركي مرارا والاشتباك مع عناصر مؤيدة لحزب العمال الكردستاني بالإضافة لاعتقال رجل أعمال تركي هناك قال نعيم إنها لا تنفصل عن مجمل التوتر في العلاقة بين الجانبين.
وأشار إلى أن القاضي المكلف بالتحقيق مع رجل الأعمال التركي رضا ضرات بتهمة خرق العقوبات المالية المفروضة على إيران أشارت تقارير إلى ارتباطه بجماعة فتح الله غولن وهذا يشير إلى مدى الضغوطات التي تحاول العديد من الجهات ممارستها على تركيا.
ويرى نعيم أن هناك تيارا في الولايات المتحدة يسعى بكل قوة لممارسة ضغوطات كبيرة على الجانب التركي لتهميش دورها في المنطقة خاصة الملف السوري.