هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للمعلق كريشناديف كالامور، يتساءل فيه عن الظروف الغريبة التي اختفى فيها الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
ويقول كالامور إن خاشقجي كان يعرف ماذا سيحصل له لو عاد إلى بلاده، مشيرا إلى ما كتبه خاشقجي في "واشنطن بوست" العام الماضي عن حملات الاعتقالات، قائلا إنه "قد يواجه الاعتقال" لو عاد إلى البلاد من المنفى الاختياري، إلا أن هذا ما حدث له فعلا عندما زار القنصلية السعودية في اسطنبول برفقة خطيبته.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن خاشقجي وخطيبته ذهبا للحصول على ورقة ضرورية ليتزوجا، وترك مع خطيبته هاتفيه المحمولين، ودخل البناية في الساعة الواحدة ونصف يوم الثلاثاء، ولم ير أو يسمع منه منذ ذلك الوقت.
ويلفت كالامور إلى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن خطيبته، قولها: "أنا أنتظر أمام القنصلية منذ 12 ساعة تقريبا.. كنا نحاول الزواج".
ويصف الكاتب خاشقجي بالقول إنه "قبل أن يصبح معروفا في الغرب، وبصفته كاتب عمود في (واشنطن بوست)، ومستخدما معروفا في (تويتر) بأكثر من مليون متابع، وناقدا حادا للنظام السعودي، يوزع وقته بين واشنطن ولندن واسطنبول، كان صحافيا معروفا في داخل المملكة ومن داخل المؤسسة، وكتب خاشقجي عندما كان شابا عن المجاهدين الذين كانوا يقاتلون الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان، وكتب تحديدا عن واحد، وهو أسامة بن لادن، الذي كان موضوعا لعدة مقابلات أجراها خاشقجي معه قبل أن يصبح زعيم تنظيم القاعدة، الشخصية الشريرة في الغرب".
ويقول كالامور إن "احتجاز خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول يجب ألا يكون مفاجئا؛ لأن السعودية حاولت في الأشهر الماضية تقديم وجه جديد للعالم على شكل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قدم رؤية جديدة للبلد، فأعلن عن إصلاحات مهمة، بما فيها السماح للمرأة بقيادة السيارة، وبدأ ما قال المسؤولون في السعودية إنه حملة واسعة ضد الفساد، التي ورطت عددا من المواطنين المؤثرين في البلد، بمن فيهم أعضاء في العائلة الحاكمة".
وينوه الكاتب إلى أن "المملكة لاحقت في الوقت ذاته المعارضين والخارجين عن رأي الحكومة، واعتقلت العشرات، بينهم ناشطات في مجال حقوق المرأة، التي قالت إنهن كن يعملن لصالح دول أخرى، فيما أسكتت أصواتا أخرى بسبب التعبير عن مواقف ناقدة".
ويتساءل كالامور عن السبب الذي جعل خاشقجي يقع في الشرك سريعا، "فبعد هذا كله، وقبل مغادرته المملكة عام 2017 انتقد النظام السعودي، وعزل مرتين من منصبه بصفته محررا لصحيفة مؤثرة، المرة الأولى عام 2003 بعد نشر مقالة ناقدة لعالم إسلامي مؤثر من القرن الرابع العاشر، والمرة الثانية في عام 2010 عندما كتب ناقدا الإسلام السلفي، وانتقد المملكة في مقابلات وصف فيها نظام الملكية المطلقة بـ(البالي)، ودعا للديمقراطية بصفتها حلا".
ويفيد الكاتب بأن خاشقجي عمل في السنوات اللاحقة مستشارا إعلاميا للسفير السعودي في لندن ثم الولايات المتحدة الأمير تركي الفيصل، مشيرا إلى أنه كتب في صحيفة "واشنطن بوست" قائلا: "ربما يبدو متناقضا أن تعزلك الحكومة في الداخل ثم تقوم بخدمتها في الخارج"، وأضاف: "ومع ذلك فإن هذا هو التناقض الظاهري السعودي، وبعبارات صارمة فإن السعودية تحاول تغيير مواقف الإصلاحيين الليبراليين والشيوخ المحافظين".
ويستدرك كالامور بأن "هذا الرأي لا يفسر ما يجري في أهم دول إسلامية، ففي تقرير لقناة (بي بي سي) العام الماضي كشف فيه أنه ومنذ عام 2015، اختفى ثلاثة أمراء كانوا يعيشون في أوروبا، ويعتقد أنهم تعرضوا لاختطاف ونقلوا إلى السعودية، وفي العام الماضي تم احتجاز عدد من أهم أثرياء المملكة في فندق فاخر، ولم يفرج عنهم إلا بعد التخلي عن جزء من ثرواتهم. مع أن النيابة أكدت أن هذه الاعتقالات دليل على عدالة النظام القضائي، وأن الاعتقالات هي جزء من المعركة ضد الفساد".
ويذكر الكاتب أن "وكالة أنباء (رويترز) نشرت الأسبوع الماضي تحقيقا موسعا عن تراجع ثروة عائلة ابن لادن، التي ظلت ولعقود شركة التعهدات المفضلة لدى ملوك السعودية، حيث ينسب إلى ولي العهد، الذي صعد في تموز/ يوليو، الفضل في ذلك أو يلام بناء على الطرف الذي تتحدث معه في هذه التحركات، وقال خاشقجي العام الماضي في مقابلة معه إن ولي العهد (يخلق مناخا من الاستفزاز والخوف)، وحذر من أن الملكية السعودية والبلاد التي أنشئت عام 1932 تمضي باتجاه (حكم الرجل الواحد)".
ويشير كالامور إلى التقارير التركية التي صدرت يوم الأربعاء، التي تفيد بأن خاشقجي لا يزال في القنصلية، فيما يقول السعوديون إنه فعلا زار القنصلية لطلب أوراق ثم غادر وهو ليس في القنصلية أو السعودية.
ويذهب الكاتب إلى أن "الوضع لن يتحسن في ظل التوتر في العلاقات التركية السعودية بشأن المواقف من القضايا الإقليمية، ودعم تركيا لقطر المحاصرة منذ عام 2017، ومواقف أنقرة المتعاطفة مع حركة الإخوان المسلمين، التي تصنفها السعودية وحليفتها الإمارات جماعة إرهابية، ومن المتوقع أن يفاقم اختفاء خاشقجي هذه المنافسات، فيما استدعت الخارجية التركية يوم الخميس السفير السعودي في أنقرة".
ويختم كالامور مقاله بالإشارة إلى أن فحصا للكاميرات التي تراقب القنصلية لم يظهر مغادرة المعارض السعودي، لكن "نيويورك تايمز" ذكرت أن هناك سيارات دبلوماسية دخلت وخرجت من مجمع القنصلية.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا