"قوة داعش تكمن في ضعف أعدائها"، هي فكرة مركزية انطلقت منها صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية في تحليلها لنقاط قوة
تنظيم الدولة، بعيد سنة من الإعلان عن إقامتها، تمكنت خلالها من السيطرة على نسب مهمة من أراضي كل من
العراق وسوريا، وما تزال مستمرة في التوسع على الرغم من تحالف 60 دولة ضدها تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكدت الصحيفة الفرنسية في تقريرها الذي ترجمه "
عربي21"، أن من ضمن نقط قوة التنظيم ما يمكن اعتباره "تعب" ساكنة المناطق التي تتواجد بها من الحروب، فعلى الرغم من كونهم يتمنون الخلاص من قبضته، إلا أنهم لا يرغبون في ذلك إذا جاء عن طريق التفجيرات والقتال.
وفسر ذات التقرير تمكن تنظيم الدولة من استرجاع بعض المدن والمناطق التي يفقد سيطرته عليها بضعف كل من النظامين العراقي والسوري، فحسب خبيرة سياسية نقلت "ليكسبريس" تحليلها، فإن "تطور تنظيم الدولة هو ناتج عن الفوضى التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط"، ما يعني أن قوته تكمن في ضعف أعدائه، خصوصا وأنه لم يتم لحد الساعة معالجة أي من الأسباب التي أدت إلى ظهوره، والتي لخصتها المتحدثة ذاتها في "تهميش السنة" في العراق.
هذا في وقت فسر خبير آخر للصحيفة سبب تقدم التنظيم في
سوريا بإعطاء مثال سقوط مدينة تدمر التاريخية، والذي تم لأن قوات جيش النظام "لم تبد المقاومة الكافية"، بالنظر إلى قلتها العددية، موضحا في نفس السياق أن جيش النظام "مجبر" على القتال وغير متحفز له.
ونقطة
القوة الأخرى لتنظيم الدولة التي تحدث عنها التقرير هي قدرته على "إدارة الرعب"، فحسب باحث أمريكي، يرتكز تأثير التنظيم على تمكنه من حشد دعم أقلية كافية للسيطرة على باقي السكان، وقدرته على استقطاب من السلطات المحلية، هذا إلى جانب خوف السكان من الأعداء الخارجيين (الشيعة والأكراد والنظام السوري)، علاوة على نجاحه في تكريس صورة قدرته على الانتقام "الوحشي" من أعدائه ومن كل من يحاول الهرب من سيطرته.
هذه الصورة "الوحشية" التي استطاع التنظيم إكسابها لنفسه تساهم في تكريس انتصاراته على الميدان، خصوصا مع توالي الأنباء حول عدم قيام القوات النظامية العراقية والسورية بالقتال بالشراسة الكافية في مواجهته، يورد نفس المقال.
ويتجلى جانب آخر من مظاهر قوة "تنظيم الدولة" حسب التقرير، في عمله على إعادة النظام والخدمات الاجتماعية في المناطق التي يسيطر عليها، وهو الأمر الذي يساهم في خضوع ساكنة هذه المناطق التي عانت من ويلات الحرب لسنوات طويلة، خصوصا مع عمله على إقامة إداراته المالية والصحية وعمله على ضمان توصيل الساكنة بالكهرباء والمياه الصالحة للشرب، ما يساهم بطريقة أو بأخرى في حشد مزيد من المتعاطفين والمقاتلين لصفوفه.
ينضاف إلى ذلك قدرته الكبيرة على "التنظيم والصبر"، تضيف "ليكسبريس" في تقريرها، الذي وصفت فيه تنظيم الدولة بكونه منظما تنظيما مركزيا، ويتوفر في الوقت نفسه على قدرة كبيرة على توزيع المهام، وهو ما يساهم حسب الخبراء في قدرته على التقليل من أضرار الضربات الجوية التي يتعرض لها من خلال نظامه الأمني العالي التنظيم، ما جعل بعض المحللين يذهبون إلى اعتبار أن "داعش" ليست "مجرد جماعة إرهابية بل حركة سياسية".
إلى ذلك، اعتبر التقرير أن من ضمن مظاهر قوة تنظيم الدولة، هو استمرارية جاذبيته للمقاتلين الذين ما يزالون ينضمون لصفوفه، على الرغم من التشديدات الأمنية التي تقوم بها الدول للحؤول دون سفر مواطنيها للمناطق التي يسيطر عليها، ما يمكنه من خلق نوع من "التوازن" في قواته، بالنظر لكونه يفقد ما يناهز ألف مقاتل شهريا على الميادين، حسب ما تفيد التقديرات الأمريكية.
وختمت "ليكسبريس" تقريرها بالإشارة إلى أن قوة "داعش" تبرز كذلك في قدرتها على خلق "فروع" لها في عدة دول من العالم في فترة قياسية، ما يجعل الخبراء يرون أنها "بعيدة عن التراجع والانحسار" حاليا.