قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن سيطرة المعارضة السورية على معبر
نصيب الحدودي، وهو آخر المعابر الحدودية التي كانت بيد النظام السوري، وتربط بين دمشق والأردن، قد تركت آثارا اقتصادية على الأردن، الذي يشعر أنه اليوم محاصر من الجهات كلها، ويواجه أزمات اقتصادية بسبب استمرار تدفق المهاجرين السوريين الهاربين من الحرب.
وتضيف الصحيفة أن الأردن أغلق منطقة جابر المقابلة لمعبر نصيب، الذي وقع تحت سيطرة المعارضة الأسبوع الماضي، ومعه توقفت حركة
التجارة في المنطقة الحرة، وهو ما يظهر أثر الحرب السورية وعرضة الأردن لمخاطرها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن إغلاق المعبر جاء بعد عملية نهب جرت في المنطقة الحرة، ويأتي في وقت يعاني منه الاقتصاد الأردني من ضغوط الأزمة السورية، حيث يستقبل مئات الآلاف ممن فروا إليه من مناطق
سوريا. وتساعد المنظمات الدولية والدول المانحة في تحمل جزء من أعباء توفير المساعدة للاجئين السوريين، الذين يتوزعون على معسكرين في الأزرق والمفرق وعدد من المدن الأردنية الأخرى.
وتنقل الصحيفة عن رئيس هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية نبيل رمان، قوله: "توقفت حركة الشاحنات على الحدود ويخسر الاقتصاد الأردني بسبب هذا". وأضاف: "نحن في دائرة مغلقة، انظر إلى جيراننا، الحدود كلها تعاني من وضع سيئ. وعندما تغلق الحدود يتدهور الاقتصاد".
ويذكر التقرير أن سكان القرى السورية على الجانب الآخر من الحدود تدفقوا مشاة وعلى دراجات هوائية أو بالسيارات يوم الخميس الماضي، بعد ساعات من سيطرة المعارضة السورية على المعبر، ونهبوا الطعام وأجهزة الكمبيوتر وأموالا نقدية و350 سيارة. ويقدر رجال الأعمال الأردنيون الخسائر بحوالي 100 مليون دولار أمريكي.
وتنقل الصحيفة عن ماهر الصوري، الذي يملك شقيقه شركة تعرضت للنهب في المنطقة، قوله: "لم يتركوا أي رافعة أو ونش أو جرافة.. أخذوا كل شيء". وسجل عملية النهب على هاتفه النقال، حيث ظهرت غرف تنتتشر فيها الوثائق والأثاث - وقد عبث فيها النهابون - والنوافذ والثريات التي قلعت. ولأن الشاحنات عالقة بين الحدود السورية والأردنية، فقد بدأت الشركات المعنية بالمطالبة بالتعويضات من الحكومتين الأردنية والسورية.
ويلفت التقرير إلى أن وزارة الداخلية قررت تشكيل لجنة من أجل تقييم الخسائر التي تكبدتها الشركات، مع أن وزير الإعلام الأردني محمد المومني يقول إن المهمة ستكون صعبة، نظرا لفقدان الوثائق والعقود.
وعبر عدد من التجار عن غضبهم بسبب عدم تدخل القوات الأردنية ووقف عملية النهب. وينبع هذا من الموقف المحايد الذي اتخذته الحكومة الأردنية من الحرب الدائرة في سوريا. ويقول المومني: "المشكلة بالنسبة لنا هي أنها منطقة حرة، ولكن ثلثيها موجودان داخل سوريا". ويضيف: "كان التحرك بالنسبة لنا مثيرا للمشاكل من الناحية الأمنية".
وتبين الصحيفة أن الأردن كان قد أغلق حدوده مع سوريا من مدينة الرمثا شمال الأردن في عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الثورة ضد النظام السوري. ولا يزال اللاجئون السوريون يعبرون إلى الأردن من خلال معبر حدودي إنساني، فيما يتم نقل المواد الإنسانية من الأردن إلى سوريا من الرمثا، وتحت إشراف الأمم المتحدة.
ويستدرك التقرير بأنه رغم تراجع التجارة بين البلدين، فإن التجار لا يزالون يعتمدون على موانئ لبنان وسوريا، حيث يتم إنزال الشحنات في موانئ مثل طرطوس، وتحميلها على شاحنات تنقل بالطرق إلى معبر جابر ومنها إلى دول الخليج. وحتى الأسبوع الماضي كانت عائلة الصوري تستخدم ميناء طرطوس لنقل الرخام والحديد والفحم الحجري عبر معبر جابر. ووصلت قيمة التجارة في المنطقة الحرة العام الماضي إلى 500 مليون دولار، وهي أقل من 1.4 مليار دولار عام 2013.
وترى الصحيفة أنه مع إغلاق معبر جابر وتوقف التجارة عبر الطرق من طرطوس إلى الأردن، فإن البدائل المتوفرة لكل من الأردن والدول الجارة تظل بطيئة ومكلفة. ويمكن للمستوردين الأردنيين مثلا استخدام ميناء حيفا أو العقبة من خلال قناة السويس، لكن كلا الطريقين بطيء ومكلف ماليا. وبالنسبة للطريق عبر العراق، فيجب على الشاحنات دفع ضريبة مرور لتنظيم الدولة، الذي لا يزال يسيطر على هذه المناطق. ومن هنا تظل خسارة الطريق السوري ذات آثار على الاقتصاد الأردني. ويقول صاحب شاحنة علق على المعبر وكان يحمل البسكويت في طريقه إلى دمشق، إن قوات النظام تخلت عن المعبر دون أي قتال.