مقالات مختارة

إعادة افتتاح السفارات

1300x600
من غير المستبعد أن يكون العام الجديد 2015 عاماً لانفتاح أطراف عديدة على النظام السوري، وإعادة العلاقات مع سوريا يرأسها بشار الأسد. هذا ما تنبئ عنه التحركات المصرية والروسية بشأن إطلاق مبادرات بين النظام والمعارضة، قد تفضي إلى تسوية ما للصراع الذي أتعب الجميع، وقد يكون العام الجديد فرصة لخلق مثل هذه التسوية.

والانفتاح الذي تحدثنا عنه بداية يؤشر إليه، مثلاً، معاودة السفارة السورية في الكويت فتح أبوابها مجدداً للعمل، بعد توقف دام تسعة أشهر. صحيح أن مسؤولين كويتيين أكدوا أن الخطوة "لا تعني وجود تقارب مع نظام بشار الأسد، وإنما جاءت تقديراً للظروف الإنسانية لأكثر من 150 ألف مواطن سوري مقيم"؛ وصحيح أن وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجارالله ذكر أن السفارة السورية عادت للعمل مجدداً في الكويت بطاقم عمل قليل، وأن السوريين في الحقيقة "هم من قرروا إغلاق السفارة، والآن عادت للعمل لمتابعة أوضاع الرعايا السوريين"، مشيراً إلى أن السفارة الكويتية في دمشق لن تعود لممارسة عملها في سوريا حتى انتهاء الأزمة. لكنّ هذا، على وضوحه، يعني بداية الاعتراف بالواقع لا تغييره. ثم إنه ليست الكويت وحدها من يدخل مرحلة فتح السفارات السورية، فتونس فعلت ذلك، وثمة أنباء متداولة عن أن مصر تنوي ذلك، لاسيما أن لديها مقاربة مختلفة عن الشأن الخليجي، وثمة تقارب مصري-روسي مهم، وهناك قبول من المعارضة السورية لأن تستضيف القاهرة (بدلاً من موسكو) محادثات سورية-سورية للوصول إلى اتفاق إطار بين الجانبين (المعارضة والنظام).

خطوة أو خطوات فتح السفارات السورية من غير المستبعد أن تتوالى، وهذا يعني أن مقاربة إسقاط النظام التي تبنتها أنقرة والرياض على وجه الخصوص، تتراجع لمصلحة إيجاد حلول سياسية وتسويات توافقية. وقد عدّ محللون هذا الأمر فشلاً للمقاربة الخليجية حيال سوريا. ووجد هذا الأمر ارتياحاً في الأوساط المؤيدة للنظام السوري داخل سوريا وخارجها. ومن أفضل من عبّر عن هذا الارتياح إحدى المحطات المقربة من النظامين السوري والإيراني، التي قالت في تحليل لها إنه برغم أن "فتح السفارة الكويتية في دمشق لن يتزامن مع عودة القائم بالأعمال السوري إلى الكويت، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الخرق المزدوج لعودته إلى بلد عضو في الكتلة الصلبة من دول التعاون الخليجي، التي موّلت الحرب على سوريا... فيما لم يذهب الكويتيون رسمياً إلى مواقف عدائية تمنع العودة عنها، بالرغم من انخراط رموز من تيارها السلفي المحلي في دعم "أحرار الشام" وغيرها. وكانت زيارة أمير الكويت قبل سبعة أشهر إلى طهران، ووصفه آية الله محمد علي خامنئي بأنه مرشد المنطقة كلها، مؤشراً مبدئياً على قرب إعادة فتح السفارة السورية، إذ ما إن طلبتها دمشق، حتى وافقت عليها الكويت".

في الحسابات والتوازنات، ينبغي عدم نسيان أن النظام السوري مستنزف، وأن هناك احتقاناً في صفوف الطائفة العلوية بشأن التجنيد الإجباري، وأن هناك أنباء تتحدث عن تململ في أوساط إيرانية مؤثرة بخصوص الدعم لدمشق، في ظل انخفاض أسعار النفط الذي يترك آثاراً قاسية على كل من طهران وموسكو.

في الأحوال كلها، سيبقى السؤال مطروحاً عما إذا كان العام الجديد سيدخل المسألة السورية في مرحلة جديدة قد يدشنها إعادة افتتاح السفارات.



(نقلاً عن صحيفة الغد الأردنية)