اقتصاد عربي

أزمة الدولار تضرب قطاعات في مصر.. وإعادة وقف العمل بتذاكر "السوتو"

انخفاض مستمر لسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية- جيتي
تواجه مصر شحا في الدولار والعملة الصعبة حيث تعاني البلد من قلة موارد الدولار، ما انعكس سلبا على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد وسط عجز الحكومة عن إيجاد الحلول اللازمة.

وكان قطاع النقل الجوي آخر المتأثرين بأزمة الدولار، وجددت وزارة الطيران المدني التأكيد لشركات الطيران العاملة في مصر، على تنفيذ أمرها الصادر في حزيران/ يوليو الماضي، بإيقاف العمل بنظام "السوتو" واقتصار إصدار التذاكر على الرحلات التي تنطلق من مصر إلى الخارج فقط.

وقررت الوزارة إيقاف إصدار أي تذاكر طيران من داخل مصر لرحلات خارجها حتى لو كانت محطة توقفها في البلاد "ترانزيت".

نظام "سوتو"
وفي حزيران/ يوليو الماضي أبلغت وزارة الطيران المدني شركات الطيران العاملة في مصر، بقرار إيقاف العمل بنظام السوتو "SOTO" وعدم إصدار أي تذاكر طيران لرحلات تبدأ وتنتهي خارج البلاد.

ويتيح نظام تذاكر "سوتو SOTO" حجز أي تذكرة طيران وشراءها من دولة غير مدرجة على خط سير الرحلة.

وهذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها مصر نظام "سوتو"، فقد عمدت إلى قرار مماثل أواخر 2016، حيث ألغت وزارة الطيران العمل بهذا النظام، بسبب تحقيق شركات السياحة مكاسب ضخمة نتيجة فرق العملة بين سعر البنك والسوق السوداء.


وبررت الوزارة حينها قرارها بسبب حدوث زيادة كبيرة، أعلى بكثير من المعدلات الطبيعية في مبيعات بعض وكلاء السياحة لتذاكر "السوتو" لتحقيق استفادة من فروق سعر صرف الجنيه المصري ما يضر بالاقتصاد. 

وفي آذار/ مارس 2017، أعادت وزارة الطيران العمل بنظام "السوتو"، بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.

قطاعات متضررة
وتشكل أزمة الدولار في مصر إحدى أهم مشاكل اقتصاد البلاد المعرض للانهيار، حيث بدآ تأثيرها واضحا على الاقتصاد.

وتسببت الأزمة بإغلاق آلاف المصانع، حيث أظهر تحليل للمركز المصري للدراسات الاقتصادية الشهر الماضي، أن الاقتصاد تراجع على توليد فرص عمل أمام الشباب الخريجين من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة في جميع التخصصات بنسبة فاقت الـ50 بالمئة خلال عام.

وكشف التحليل، عن تراجع قدرة قطاع تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، على خلق وظائف بنسبة 50 بالمئة، من تعداد طلبات التشغيل، خلال الربع الثالث من العام.

وعلى وقع أزمة السيولة الخانقة، تدرس مصر السماح بتمليك الأراضي في مصر للمستثمرين الأجانب دون أي قيود، بهدف زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في البلاد وتحفيز استغلال وتعمير الأراضي الصحراوية.

وقررت الحكومة تسهيل إجراءات شراء العقارات والأراضي من قبل المستثمرين الأجانب، دون فرض قيود تحدد عددًا محددًا من العقارات. ويهدف هذا الإجراء إلى تحفيز تدفق المزيد من العملات الأجنبية إلى البلاد.

كما أنه تأثر القطاع الصحي بالأزمة، فقد تصاعدت الشكاوى من غياب أصناف عديدة من الأدوية، لا سيما التي تعالج الأمراض المزمنة، ما دفع الحكومة المصرية إلى التدخل عبر تشكيل لجنة لتحديد أولويات استيراد المستلزمات الطبية بعد أن طغت مشكلات نقص الدولار على مجمل الأزمات التي يعاني منها سوق الدواء في مصر حاليا.

ديون ثقيلة
وتعتبر مصر من أكبر المقترضين من صندوق النقد الدولي، حيث وصل الدين الخارجي المصري إلى 164.728 مليار دولار بنهاية حزيران/ يونيو الماضي بقيمة 9.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2022.

وازداد الاحتياطي النقدي الأجنبي بشكل طفيف إلى 35.102 مليار دولار نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بشكل طفيف للمرة الأولى منذ 17 شهرا.

الجنيه يهوي
وكان العام الماضي من أسوأ الأعوام على الجنيه المصري حيث إنه واصل الانهيار مع بداية العام من مستوى نحو 24 جنيها للدولار الأمريكي إلى نحو 31 جنيها في البنوك المحلية، مقابل 15.7 جنيه مطلع عام 2022.

وبالتزامن مع ذلك تجري التعاملات بشكل حقيقي إذ انخفض الجنيه من مستوى 31 جنيها مقابل كل دولار إلى نحو 53 جنيها.

ومر الجنيه المصري منذ آذار/ مارس 2022 بثلاث تخفيضات خسر فيها 50 بالمئة من قيمته، ومنذ آخر خفض للجنيه في آذار/ مارس 2023 عند نحو 30.90 جنيه ثبت البنك المركزي سعر صرف الجنيه مقابل الدولار .

وسبق أن تعهد النظام المصري باعتماد سعر صرف مرن ضمن شروط صندوق النقد الدولي نهاية عام 2022 للتوصل إلى حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لكن السعر الرسمي ظل دون تغيير ما أدى إلى توقف صرف باقي شرائح قرض الصندوق.

القادم "أصعب"
وحذرت تقارير في وقت سابق من أن "الأصعب قادم" في الأزمة الاقتصادية التي تعيشيها مصر، حيث ستواجه البلاد، خطر التخلف عن سداد ديون بقيمة 165 مليار دولار في حال لم تنجح الحكومة بتوفير العملة الأجنبية.

وذكرت وكالة بلومبيرغ الشهر الماضي، أن مصر قبل شهرين بدت وكأنها على شفا انهيار مالي، لكن الحرب على قطاع غزة سلطت الضوء على دورها الدبلوماسي والإنساني باعتبارها البوابة الوحيدة لقطاع غزة وضرورة تقديم المساعدة لها.

وأكدت بلومبيرغ، أنه مع ترحيل نحو 28 مليار دولار من الديون الخارجية القصيرة الأجل إلى العام المقبل، و21 ملياراً أخرى لإطفاء ديون في الأمدين المتوسط والطويل، باتت هناك حاجة ماسة لمصادر سيولة نقدية إضافية.

بالتزامن مع ذلك، فقد خفضت وكالة "فيتش ريتنغز" تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى "B-" من "B"، بنظرة مستقبلية مستقرة للمرة الثانية خلال العام 2033.

وأشارت الوكالة إلى بطء التقدم في الإصلاحات، والانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، وفي مراجعات برامج صندوق النقد الدولي، وفق ما نقلته "بلومبيرغ".

وقالت "فيتش": "إن هذا الانخفاض يعكس المخاطر المتزايدة على تمويل مصر الخارجي، واستقرار الاقتصاد الكلي، ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل".

وكشفت "فيتش" عن ارتفاع كبير في استحقاقات الديون الخارجية المصرية، من 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023، إلى 8.8 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في حزيران/ يونيو 2024، و9.2 مليار دولار في العام المالي 2025.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع