سياسة عربية

بعد لقائه الأسد.. هل سقطت ورقة التوت عن المعارض المصري حمدين صباحي؟

صباحي ناقض مواقفه السابقة التي نددت بقمع الأسد للثورة السورية- فيسبوك/ رئاسة النظام السوري
أثارت زيارة السياسي والمعارض المصري والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي إلى سوريا، ولقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في العاصمة دمشق، على رأس وفد من المؤتمر القومي العربي، ردود فعل واسعة في الشارع المصري والعربي ضد التطبيع الشعبي مع نظام الأسد.

وقالت رئاسة النظام  السوري في بيان لها، إن اللقاء "تركز حول العروبة والفكر القومي، والانتماء والهوية، ودور الأحزاب العربية تجاه الشارع العربي، في ظل التحديات المتزايدة والغزو الفكري الغربي، ودعم سوريا في مواجهة العقوبات والحصار الظالم".

بدوره، أكد الوفد " ضرورة العمل في المرحلة القادمة، من أجل تفعيل دور الأحزاب والمنظمات الشعبية؛ للاستفادة من الأجواء الإيجابية على الساحة العربية، لدعم المساهمة الشعبية في مسيرة إعمار سوريا، وكسر كل أشكال الحصار عليها".

واعتبر الوفد أن سوريا باتت أمينة على المقاومة، وهي بصمودها حمت الهوية العربية وثقافتها وحضارتها، وفق البيان.



 
وفي أيار/ مايو الماضي قررت جامعة الدول العربية، استئناف مشاركة وفود حكومة النظام السوري في اجتماعاتها، وتنهي أكثر من 11 عاماً من تعليق عضوية دمشق إثر قمع النظام للثورة السورية التي انطلقت عام 2011 للمطالبة بالحرية بعد نحو 40 عاما من حكم حزب البعث وعائلة الأسد. 

في المقابل، انتقدت الولايات المتحدة قرار عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، قائلة إن دمشق لا تستحق هذه الخطوة، وشككت في رغبة رئيس النظام في حل الأزمة الناجمة عن الحرب الأهلية في بلاده.


صباحي يعلق على زيارته
في أول تعليق صحفي، قال صباحي، مؤسس حزب الكرامة والتيار الشعبي، إنه "يتفهم كل وجهات النظر التي اعترضت على زيارته سوريا، ويقدر الدوافع التي شرحت وربما التي لم تُشرح في الآراء"..

وأضاف في تصريحات صحفية: "الدفاع عن وحدة سوريا وعن شعبها وأرضها الموحدة هو أمر رئيسي فلو تفتتت سوريا فإن ما يلحق بالأمة العربية سيكون بالغ الضرر".

وتابع: "أقدر وقوف سوريا الصلب ضد العدوان الأمريكي الصهيوني والجماعات "الإرهابية،" وأقدر احتضان سوريا المشرف للمقاومة وإنتاجها لخط مقاومة التطبيع، وكلها عوامل جعلتني أقتنع شخصيا بأن سوريا لعبت دورا يستحق التقدير وقد كانت هذه الزيارة تعبيرًا عن ذلك"، بحسب قوله.



ويعد صباحي سياسيا مصريا يعتنق الفكر الناصري "القومي" ومرشحا رئاسيا  خسر انتخابات عام 2012، كما أنه عارض نظام الرئيس الراحل محمد مرسي ودعم الإطاحة به في الانقلاب العسكري عام 2013، ثم ترشح منفردا للانتخابات الرئاسية أمام وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي في 26 أيار/ مايو 2014 وحصل على نسبة ضئيلة من الأصوات، كانت أقل من الأصوات الباطلة.


حزب الكرامة يرفض التعليق
رفض حزب الكرامة التعليق على زيارة مؤسسه إلى سوريا ولقاء الأسد في دمشق، ولم يصدر أي بيان صحفي بشأن الزيارة، وقال المتحدث باسم الحزب، عماد حمدي، ردا على سؤال عن طبيعة الزيارة وأهدافها: "لا يوجد أي تعليق حتى الآن على تلك الزيارة".

وبسؤاله عن ما إذا كان صباحي قد تشاور مع الحزب في أمر الزيارة أضاف لـ"عربي21": "لا يوجد لدي أي معلومة تتعلق بالزيارة، ولا أعتقد أن هناك أحدا من الأعضاء يمكنه الحديث عنها، ولا أتوقع أن يكون هناك بيان، ولكن الأمر يخضع للدراسة".

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر الزيارة وتصدرت قائمة الأعلى تداولا وسط انتقادات واسعة للقاء، وذَكًرَ بعض النشطاء صباحي بمواقفه وتصريحاته السابقة من جرائم الأسد بحق السوريين، فيما اعتبر آخرون الخطوة انقلابا على مسيرة المعارضة، يدعم الحكام الديكتاتوريين الذين يحكمون بالحديد والنار، واعتبر البعض الآخر الخطوة نهاية حمدين السياسية.





صباحي والطنطاوي ودعم الأسد
على المستوى السياسي، استهجن السياسي المصري المعارض، محمد سعد خيرالله، الزيارة، واعتبرها لا تضيف ولا تنقص من رصيد حمدين صباحي "لأنه انتهى سياسيا منذ عام 2014 عندما شارك كمرشح وحيد أمام السيسي وحصل على أصوات قليلة، تفوقت عليه فيها الأصوات الباطلة".

لكن الأهم في الأمر، بحسب تصريحات خير الله، لـ"عربي21"، هو "الالتفات إلى ما هو قادم، وأعني هنا السياسي أحمد الطنطاوي الذي أعلن ترشحه للرئاسة، والذي يعد امتدادا لحمدين صباحي والذي حضر المؤتمر القومي العربي العام الماضي 2022 في لبنان عندما كان رئيسا لحزب الكرامة داعما ومؤيدا لنظام الأسد، وكان أحد الموقعين على البيان الختامي".

واختتم خير الله حديثه بالقول: "الطنطاوي أيضا لديه نفس الرؤى والتوجهات وشخصية كربونية من صباحي، ولكن آن الآوان أن يدرك الجميع أنهما في بوتقة واحدة، فهما يعتبران أن الأسد هو من وقف ضد المؤامرة الكونية ضد القومية العربية.. إلخ".


ورقة سياسية انتهت
يقول القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمد عماد صابر: "ليس هناك جديد يذكر أو قديم يعاد، حمدين فقد تأثيره السياسي منذ قبوله بأن يكون محللا لنظام الانقلاب، وفقد تأثيره منذ خفت صوته أو اختفى إزاء ما يمر به الوطن من كوارث في حين  كان  صوته جهوريا في زمن الدكتور مرسي".

وأضاف خلال حديث لـ"عربي21": "حمدين يعبر بزيارته الكاشفة عن انحيازات بائسة وكاشفة عن انحراف البوصلة السياسية والأخلاقية لشريحة كبيرة من اليسار المصري يمثلها حمدين، الذي لا يرى في بشار إلا أنه قومي يشاركه التوجه السياسي".

واستدرك صابر: "كما أنه يرى أن النظام العربي يتجه نحو التطبيع مع بشار، لذلك فحمدين يعبر بهذه الزيارة عن انتهازية سياسية يساير من خلالها توجه النظام العربي عموما والمصري خصوصا ويوثق حبال الصلة التي لم تنقطع مع بشار، في تناقض فج ليس مستغربا مع كل شعارات الثورية التي رفعها حمدين وجماعته إبان ثورات الربيع العربي".








رأي مغاير
في المقابل، يرى رئيس حزب الجيل المصري، ناجي الشهابي، أنها "زيارة سياسية جيدة، تأتي بعد عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر بالجامعة العربية، وسوف تعود عضوا كاملا في الجسد العربي، والوطن العربي يعاني من غياب دورها القومي، وما حدث في سوريا هو مؤامرة دولية".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" أنه "للأسف شاركت دول عربية كثيرة في هذه المؤامرة، ويحسب للرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري مقاومة هذا المخطط الدولي، ولم يمكنوه من تحقيق أهدافه، وبالتالي فإن زيارة حمدين صباحي هي زيارة تدعم هذا التوجه"، وفق قوله.

ورفض الشهابي ما أثير من لغط بشأن الزيارة، وقال إن "من ينتقدون الزيارة لهم أهدافهم الخاصة، وكل فريق له حساباته الخاصة من الرافضين لتلك الزيارة ما بين ارتباطات بالغرب أو بالإخوان أو غيرهم من القوى الغربية المناوئة للوطن العربي"، بحسب زعمه.