تقارير

كيف تتعامل مراكز الأبحاث الأجنبية مع الحكام العرب؟ إسرائيل والسيسي نموذجا (2من2)

لا يُعرف سوى القليل من التفاصيل عن شخصية السيسي، ناهيك عن حياته الشخصية. (فيسبوك)
تهتم مراكز الأبحاث والصحافة الدولية عموما ـ والإسرائيلية على وجه الخصوص ـ بدراسة الشخصيات صانعة الأحداث أو المؤثرة فيها، أو التي قد تتصدر أحد المواقع القيادية في الشرق الأوسط وغيره من المناطق العالمية ذات الاهتمام. وتشمل هذه الدراسات تغطية شاملة لكافة جوانب الشخصية: النفسية والاجتماعية والفكرية، الجذور والنشأة، التدرج الوظيفي، نقاط القوة والضعف، ما تحظى به من قبول أو رفض على مختلف الأصعدة، مدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي محليا وإقليميا ودوليا، كيف يمكن الاستفادة منها أو تحجيم خطرها، والمصير المتوقع لهذه الشخصية، وكذلك مستقبل الدولة التي تحكمها على كافة الأصعدة.

هذه المعاني أكدها جان بيير فيليو ـ أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في معهد باريس للعلوم، فيقول: "أليس الرجال الأقوياء غالبًا ما يكونون في الواقع رجالًا ضعفاء غير قادرين حقا على الحكم؟! ألا يزعمون أنهم يجسدون عظمة بلدهم؛ بينما هم في الواقع يمثلون مصائب شعوبهم؟!".

بمثل هؤلاء الرجال الأقوياء ظاهرا، الضعفاء باطنا، حُكمت الكثير من شعوب المنطقة، ونتج عن حكمهم كوارث مازلنا نتجرع غصصها حتى اليوم.

لكل هذه الأسباب والدوافع، فقد حظيت شخصية السيسي باهتمام كبير من مركز الأبحاث ووسائل الإعلام الإسرائيلية التي قدمت عرضا شاملا لها. وهو عرض يفسر لماذا فشلت كل القوى السياسية مدنية أو إسلامية في التعامل مع المجلس العسكري وتوقي المصير الذي آلت إليه ثورة يناير، بل وإيصال العسكر مرة أخرى إلى سدة الحكم. ويفسر أيضا الواقع الذي تعيشه مصر والمنطقة اليوم، وما يُنتظر في قادم الأيام.

وسنتناول في هذه الدراسة شخصية السيسي بكافة مضامينها وأبعادها وتصرفاتها من خلال ما نشرته مراكز الأبحاث والصحافة الإسرائيلية وذلك عبر المحاور التالية:

1 ـ أهمية دراسة الشخصيات.
2 ـ السيسي ابن المؤسسة العسكرية.
3 ـ السمات الشخصية للسيسي.
4 ـ الأساطير اليونانية وإدارة السيسي لمصر
5 ـ هل السيسي شخصية يمكن الاعتماد عليها

المحور الثالث ـ ملامح شخصية السيسي

تنوعت صور التحليل الإسرائيلية لملامح وسمات شخصية السيسي، وربطتها بإدارته للمشهد المصري على كافة الأصعدة ، ومدى تأثيرها على سياساته الداخلية والخارجية، وما قد يُبنى عليها من توقعات حول مستقبله ومستقبل مصر والمنطقة:

1 ـ شخصية غامضة 

تكتنف شخصية السيسي ونشأته وأصوله وعائلته الكثير من الغموض، فمن هو؟! يقول جاك نيريا الرئيس الأسبق لقسم البحوث بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: "لا يُعرف سوى القليل من التفاصيل عن شخصية السيسي، ناهيك عن حياته الشخصية. فهو حريص جدًا على عدم فتح حوار مع وسائل الإعلام عن نفسه أو عائلته أو أفكاره الشخصية. معظم التفاصيل المتعلقة بالسيسي نادرة، ويصعب التحقق منها. وهو متكتم للغاية بشأن طفولته وأصوله. وهو غامض بشأن خططه المستقبلية" .

2 ـ صورة متقنة الصنع

ويقول جاك نيريا أيضا عن السيسي أنه "صورة متقنة الصنع". وقد نجح في صناعة هالة حول نفسه يسميها نيريا "حمى السيسي"، فهو:

ـ "معروف بخطبه العاطفية ونبرته الناعمة، مثل: نفضل الموت قبل أن يشعر الشعب المصري بالألم، يجب قطع اليد التي تؤذي أي مصري، متى أردتم التغيير فسوف تتغير الأشياء، أنتم نور أعيننا.

ـ ولطالما شدد على أن الجيش المصري سينفذ أوامر الشعب.

ـ وكان حريصًا جدًا على مطالبة الناس بالتحرك قبل أن يقوم بأي مهمة.

ـ وأتقن أسلوبه في التعامل مع وسائل الإعلام من خلال اختيار فريق علاقات عامة قادر جدًا على التعامل مع جميع مظاهره ووظائفه وأحداثه العام" .

ـ "لا شك أن "حمى السيسي" يغذيها جزئياً السيسي نفسه أو من حوله ممن يدعمونه أو ممن يؤيدونه. يؤكد هؤلاء المؤيدون على جاذبيته وشعبيته وأنه هو من يتخذ قرارات صعبة وقاسية وغير شعبية، ومع ذلك يقدم نفسه في الوقت نفسه على أنه حامي إرادة الشعب. ويلقي خطابات.

ـ السيسي ليس وافداً جديداً في السياسة المصرية. بصفته عضوًا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، كان لمدة عامين ضابط الارتباط بين المجلس العسكري والأحزاب السياسية المختلفة. مكنه ذلك من: تعلم تعقيدات السياسة في مصر، والتعرف شخصيًا على كل فصيل سياسي" .

3 ـ عدد لا يحصى من التناقضات

يرى ديلون ميليت أن شخصية السيسي مليئة بالتناقضات، فيقول: "عبد الفتاح السيسي هو عدد لا يُحصى من التناقضات:

ـ تعلم حفظ القرآن في المدرسة؛ لكنه كرئيس لمصر تحدث بشدة ضد التطرف الإسلامي، ودافع من أجل شكل أكثر حداثة واستنارة من الإسلام.

ـ انضم إلى الجيش في سن مبكرة، وأصبح ضابطًا في وحدة ميكانيكية، ثم في النهاية وزيرا للدفاع؛ لكنه لم يشاهد القتال مرة واحدة.

ـ أثناء دراسته في كلية الحرب بالولايات المتحدة، نشر مقالاً بعنوان الديمقراطية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، عندما أتيحت له الفرصة، أطاح بأول حكومة مصرية منتخبة ديمقراطياً على الإطلاق، وأعاد النظام الشمولي الذي أطاح به الشباب من قبل خلال الربيع العربي.

ـ السيسي الذي اعترف يوما بمزايا الديمقراطية الغربية على الطغيان في الشرق الأوسط؛ تحول هو نفسه إلى طاغية يقبض على أي شخص متهم بالمعارضة.

ـ في الوقت الذي تفاقمت فيه المصاعب الاقتصادية التي يواجهها المصريون العاديون؛ كانت حكومة السيسي تنفق مئات الملايين من الدولارات على بناء السجون. وبحلول عام 2016، كانت الحكومة قد بنت بالفعل 13 سجنًا جديدًا" .

4 ـ خمسون ظلا للسيسي

نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقالا للكاتب المصري أحمد مليجي عنوانه: خمسون ظلا للسيسي، يقول فيه: "عندما شاهدت فيلم خمسون ظلا للرمادي، الذي يحتوي على رسالة مهمة جدًا توضح كيف يمكن لرجل قوي وغني أن يُظلل نفسه ليكون رجلا نبيلا ولطيفا للغاية في محاولاته لإقناع فتاة بريئة أن السادية هي طريقة أخرى للحب لا يفهمها المجتمع أو يقدرها. وهذه للأسف هي الطريقة التي يدير بها السيسي مصر بأكثر من 50 لونًا أو ظلا لشخصية واحدة، منها:

ـ ظل الاتحاد: ما يُسمى بانتخابات الرئاسة عام 2014، والتي جاءت بنتيجة 96٪ فوز للسيسي لم تكن سوى إهانة لذكاء شعبي، إذ كانت وسيلة لإقناع العالم بأن الشعب المصري كله قد صوت له كما لو كان هو المنقذ الجديد.

هذا هو السيسي كما يراه الإٍسرائيليون في صحافتهم ومراكز أبحاثهم: صورة متقنة الصنع، يتسم بالغموض سواء من حيث النشأة والأصول، أو الأفكار والتوجهات. شخصية مليئة بعدد لا يحصى من التناقضات، ذات ظلال رمادية متعددة.
ـ ظل الحب: في خطاباته لأهل مصر الطيبين، كان السيسي لطيفًا للغاية، وأظهر لهم الاحترام كما لو كان يهتم بهم، ووعدهم أن مصر ستصبح قوة عظمى إذا تم التحلي بالصبر لبضع سنوات.

ـ ظل سيناء: ما يجعل سيناء نسخة جديدة من أفغانستان هو الطريقة التي يتعامل بها الجيش مع الوضع هناك من خلال فرض حظر تجول لمدة ستة أشهر على السكان هناك، وإجلاء أكثر من 1200 أسرة على الحدود لخلق منطقة عازلة واسعة مع غزة. كان إخلاء هذه العائلات الفقيرة بإشعار مدته 48 ساعة فقط أمرًا ساديًا للغاية. ولهذا، لا أستغرب تصاعد مستوى العنف في سيناء.

ـ الظل الأمني: هناك سمتان رئيسيتان لمصر السيسي: الاعتقالات الجماعية، والإفلات من العقاب على انتهاكات قوات الأمن. لذا، لا يجرؤ أحد في مصر على انتقاد أداء السيسي أو شخصيته.

ـ ظل جنون العظمة والاستقطاب: وهو أسوأ ظل فعلته بشعبي آلة الدعاية الخاصة بالسيسي" .

5 ـ ديكتاتور نموذجي!!

"تحدث السيسي عن إرادة الشعب بالطريقة النموذجية للديكتاتوريين، كما لو كان الشعب موحدا. فاعتقل بمرسي ، وعلق الدستور، ودعا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة. ولكن لم يلزم الجيش نفسه بأي جدول زمني. وكان أوضح مؤشر على أن مصر تعود إلى الوراء هو رجوع الدولة العميقة التي حكمت مصر منذ عبد الناصر ، وقيامه باستبدال الرئيس المخلوع المنتخب ديمقراطيا برئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور. تكشف السيرة الذاتية لمنصور أنه بدأ مسيرته القانونية في القسم التشريعي في مكتب الرئيس عبد الناصر. إذن، فهو ليس الرجل الذي سيسمح بأي تحركات لاستعادة الديمقراطية" .

6 ـ السباحة مع التيار

السيسي يسبح دائما مع التيار، ويعرف من أين تؤكل الكتف. وهذا ما ينتهجه دائما في خطابه مع الغرب، وحتى مع الداخل المصري للتغطية على انتهاكاته الشديدة لحقوق الإنسان وفشله في مواجهة داعش في سيناء. ومثال ذلك أنه "افتتح عام 2015 بدعوة دراماتيكية إلى "ثورة" في الإسلام لإصلاح تفسيرات الدين الراسخة منذ مئات السنين، والتي قال إنها جعلت العالم الإسلامي مصدرا "للدمار" وحرضته ضد بقية العالم. كان الخطاب أجرأ جهد لعبد الفتاح السيسي حتى الآن لوضع نفسه كمحدث للإسلام. هدفه المعلن هو تطهير الدين من الأفكار المتطرفة من التعصب والعنف التي تغذي جماعات مثل القاعدة والدولة الإسلامية". "إنه ببساطة يحاول التقرب من الغرب ويبحث عن شركاء لمواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وبذلك يضفي الشرعية على نظامه الذي لا يزال ينظر إليه المجتمع الدولي بريبة. قد تقدم تعليقات السيسي صوتًا جيدًا في وسائل الإعلام الغربية؛ لكن عليها ألا تخطئ في اعتباره المصلح الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط" .

المحور الرابع ـ الأساطير اليونانية وإدارة السيسي لمصر

تعتبر الأساطير اليونانية أحد الروافد المهمة للفكر الغربي ثقافة وأدبا وفلسفة. ولها أيضا تطبيقاتها في مجال التحليل النفسي، وعلم النفس السياسي، وعلوم الإدارة. لذا، فقد استخدمت مراكز الأبحاث والصحافة الإسرائيلية أسطورتين من هذه الأساطير في تحليل شخصية السيسي ومدى تأثيرها على مجريات المشهد في مصر :

1 ـ  أسطورة سيسفيوس

 طرح بول ريفلين سؤالا مهما حول شخصية السيسي ومدى إمكانية نجاحه أو فشله في إدارة البلاد، فيقول: "هل سيصبح رئيس مصر المنتخب حديثًا هو سيسفيوس، ملك كورنث  الأسطوري، الذي حُكم عليه أن يقوم إلى الأبد بدحرجة صخرة ثقيلة فوق تلة في هاديس ،  وكلما وصلت إلى القمة تتدحرج مرة أخرى؟" . إذن، من هو سيسفيوس أو سيزيف هذه الشخصية الأسطورية التي عنون بها بول ريفلين مقاله حول السيسي؟:

ـ "سيسفيوس أو سيزيف في الأساطير اليونانية كان ملك كورنثوس. أسس مدينة أفيرا التي حكمها كأول ملك لها.

ـ كان شخصًا ماكرًا ومخادعًا. انتهك في مناسبات عديدة قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف، حتى يتمكن من إثبات أنه ملك لا يرحم" ،

ـ "كان مسرورًا بعمليات القتل هذه لأنها سمحت له بالحفاظ على حكمه بالقبضة الحديدية" .

ـ "صوره هوميروس  ومن تلاه من الكتاب بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤما. فقد أغرى ابنة أخيه، واغتصب عرشه، وأحدث تمردا وانقلابا وثورة وهياجا.

ـ هذه الأسطورة هي تجسيم للساسة الذين يطمحون ويسعون باستماتة إلى الكرسي والمنصب السياسي، وهم مهزومون مغلوبون في مسعاهم بصفة دائمة مستمرة. لأن السطوة والسلطة مجرد شيء فارغ خاو تماما مثل دحرجة الجلمود لأعلى التل" .

2- عقدة كاساندرا

في مقال للكاتب سامر الأطرش في صحيفة أزمنة إسرائيل Times Of Israel، يقول فيه: "غالبًا ما يتحدث السيسي عن نفسه كما لو كان كاساندرا التي تذهب تحذيراتها أدراج الرياح"  ، فمن هي كاسندرا ؟ وما مغزى تشبيه السيسي بها؟!:

ـ "كاساندرا في الأساطير الإغريقية هي ابنة بريام ملك طروادة.
ـ كانت محبوبة لأبولو الذي وعدها بنعمة التنبؤ بالمستقبل إن استجابت لرغباته، فوافقت على العرض؛ لكن ما إن حصلت على الموهبة حتى سخرت من أبولو وطلبه، ورفضت تحقيقه. فانتقم منها أبولو بأن جعل كل تنبؤاتها لا يصدقها أحد" .
ـ "يستخدم العديد من علماء النفس عقدة كاساندرا لوصف الآثار الجسدية والعاطفية التي يشعر بها الذين يعانون من أحداث شخصية مؤلمة. ويمكن أن تنطبق أيضا على الأشخاص الذين يعانون دائمًا من الإذلال لعدم الاستماع إليهم أو تصديقهم أبدًا عندما يحاولون شرح أنفسهم للآخرين" .

المحور الخامس ـ هل يمكن لإسرائيل الاعتماد على السيسي؟

"التقييم الإسرائيلي الواسع الانتشار بأن إسرائيل ومصر أصبحتا في عهد السيسي أقرب من أي وقت مضى". لكن مع ذلك تثور أسئلة مهمة في مراكز الأبحاث والصحافة الإسرائيلية هل تستطيع إسرائيل التدخل في صناعة الأحداث وتوجيهها في المنطقة؟ هل السيسي شخصية يمكن الاعتماد عليها والوثوق بمستقبلها؟ وما الذي يجب على إسرائيل فعله لدعمه ومواجهة المخاطر التي تتهدده؟ ما مدى إمكانية استقرار الأوضاع في مصر في ظل وجوده؟

ونوجز الإجابة عن هذه الأسئلة في عنوانين رئيسيين:

1 ـ استقرار مصر ضروري لأمن إسرائيل

"تحتفظ مصر بموقع جيو سياسي حيوي. لذا، فإن الاضطرابات الداخلية فيها وتداعياتها المحتملة، بما في ذلك صعود الحكم الشمولي الإسلامي، يمكن أن تكون مدمرة للاستقرار الإقليمي والدولي. من أجل ذلك، تنظر إسرائيل وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية إلى استمرار استقرار مصر على رأس أولويات سياستها الخارجية. وفي المقابل، ستستفيد مصر من المشورة والمساعدة السرية التي يمكن أن تقدمها إسرائيل بشأن قضايا مثل إدارة المياه، تحرير الاقتصاد، تأمين سيناء، السيطرة على الأجهزة الأمنية في القاهرة، وتسهيل مساعدتها في الكونجرس الأمريكي" .

2 ـ القمع والاستبداد لا يضمنان بقاء الأنظمة

"يشتري القمع الوقت للأنظمة في أحسن الأحوال. لكنه في كثير من الأحيان يعزز تصميم المحتجين. ولقد مكّن القمع القاسي حكومة السيسي، أحد أكثر قادة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحشية، من قمع احتجاجات سبتمبر عام 2019. لكن السؤال هو: إلى متى" .

"إن الفرصة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة تكمن في إنشاء مؤسسات حكومية فعالة وصادقة كجزء من الكفاح المستمر والحازم ضد الفساد الحكومي ، فضلاً عن تشكيل أنظمة ديمقراطية جديدة. عندها فقط سيتم تجنب العودة إلى العنف الذي تسببه الأنظمة الاستبدادية. لكن من الضروري أن نعترف بأن هذه العملية ستكون طويلة وشاقة. لذلك، قد نمتنع عن الترويج لتغييرات جذرية وسريعة، لا سيما تلك التي تشجعها قوى خارجية، حيث أثبتت هذه الخطوات بالفعل أن الضرر الذي تسببه يتجاوز بكثير الاستفادة التي تقدمها هذه القوى" .

"يجب على القادة الإسرائيليين على كافة المستويات أن يكونوا مستعدين للرد على الاحتمال الغير وارد، ولكنه خطير، بأن نظام السيسي سوف يتفكك؛ وقد تكون نتيجة الإطاحة به هي تمزيق معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر. إن إدراج هذا الخطر كجزء من العقيدة الاستراتيجية الشاملة لقوات الدفاع الإسرائيلية سيساعد على الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل" .

الخلاصة

هذا هو السيسي كما يراه الإٍسرائيليون في صحافتهم ومراكز أبحاثهم: صورة متقنة الصنع، يتسم بالغموض سواء من حيث النشأة والأصول، أو الأفكار والتوجهات. شخصية مليئة بعدد لا يحصى من التناقضات، ذات ظلال رمادية متعددة. شخصية مثل سيسفيوس، تتميز بالمكر والخداع والأعمال العبثية غير واضحة الأهداف ، ولا يصدق تنبؤاته أحد مثلما كانت عقدة كاسندرا، يسبح دائما مع التيار، ويعرف دوما من أين تؤكل الكتف.

ولكن مع هذه الأوصاف كلها، يرى الإسرائيليون أن بقاء السيسي ضروري للأمن القوي الإسرائيلي، ويجب دعمه بكل الوسائل الممكنة علنية أو سرية؛ لكن مع الوضع في الاعتبار أن القمع والاستبداد لا يضمنان بقاء الأنظمة المستبدة، وأنه لا بد من قيام حكومات ديمقراطية تحقق الاستقرار في المنطقة.

اقرأ أيضا: كيف تتعامل مراكز الأبحاث الأجنبية مع الحكام العرب؟ إسرائيل والسيسي نموذجا (1من2)