في مثل هذه الأيام قبل مئة يوم، تم
تنصيب رئيس حكومة
الاحتلال بنيامين
نتنياهو، ومنذ حينها لم تتوقف عن تلقي الإدانات
العربية، والإذلال الأوروبي، والخلاف المتفاقم مع الولايات المتحدة، والخلاصة أن
الإسرائيليين أمام مئة يوم من الأزمة السياسية.
بعد مئة يوم من تنصيب حكومة نتنياهو
السادسة، ما زال يواجه رفض الرئيس جو بايدن دعوته لزيارة البيت الأبيض، مما مثل
ذروة تدهور العلاقات الخارجية لإسرائيل منذ تنصيب الحكومة، وهكذا تجد اتفاقات
التطبيع نفسها في طريق التيه، فيما الزعماء الأوروبيون يوبخون الاحتلال علناً،
والتطبيع مع السعودية لا يبدو أنه في الأفق، ولعل إيران هي أكثر الأطراف سعادة
بهذه المئة يوم، لأنها تقترب من أن تصبح دولة نووية.
باراك رافيد المراسل السياسي لموقع
ويللا نقل عن "مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية يتعامل بشكل وثيق مع العلاقات
مع الحكومة الإسرائيلية، أكد أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كان وزملاؤه في
الإدارة ينظرون بذهول لسلوكها، وعندما أدت اليمين أدركت واشنطن أن العلاقات معها ستكون
صعبة، لكنهم لم يعتقدوا أن حليفهم الأكثر أهمية في الشرق الأوسط سيتحول بسرعة
لحالة من الفوضى الكاملة".
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أنه "عندما ظهر نتنياهو على الكنيست في مراسم أداء اليمين
الدستورية في 29 ديسمبر 2022، كانت مهمتان من أصل ثلاث مهام رئيسية حددها لحكومته
في مجال السياسة الخارجية، الأولى احتواء البرنامج النووي الإيراني، والثانية توسيع
اتفاقية التطبيع، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة التطبيع مع السعودية، مع
العلم أنه حتى قبل التنصيب ظهرت حكومة نتنياهو السادسة مشلولة من وجهة نظر
دولية".
وأشار إلى أن "إدارة بايدن قررت مقاطعة
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بيتسلئيل سموتريتش وأعضاء الكنيست
من أحزابهم، صحيح أن البيت الأبيض لم يقل ذلك علنًا، لكنه فرض حظرا على لقاء أي
عضو في الإدارة الأمريكية معهم، فيما اتبعت معظم الدول الغربية سياسة مماثلة، مع
أن هذا وضع غير مسبوق في تاريخ الاحتلال لا يضر فقط بمكانته الدولية، بل يمنع تقدم
العديد من القضايا التي تهمه، لأنه مع مرور الوقت سرعان ما اتضح للعالم أن
لنتنياهو سيطرة محدودة على أجندة حكومته".
وأكد أنه "في الأيام المائة التي
مرت منذ ذلك الحين، بدأت علاقات إسرائيل مع دول العالم تتدهور إلى السقوط، بسبب
عدم قدرة نتنياهو على السيطرة على وزرائه اليمينيين المتطرفين، ومحاولاته الترقيع
وراءهم، وفي واشنطن وعواصم أوروبا اندهشوا لرؤية كيف ينقل الصلاحيات في الضفة
الغربية إلى بن غفير وسموتريتش، موجة من التخطيط والبناء الاستيطاني على مستوى
غير مسبوق، وعلى نطاق واسع".
وأوضح أنه "إذا لم يكن ذلك
كافياً، فإن تصريحات سموتريتش حول محو قرية حوارة، وإنكار وجود الشعب الفلسطيني،
أحدثت صدمة عميقة لدى حلفاء إسرائيل، مما أثّر على العلاقات مع العالم العربي،
ورغم لقاء نتنياهو بالفعل بالملك الأردني للمرة الأولى منذ سنوات، لكن منذ ذلك
الحين تدهورت العلاقات مع المملكة، ولا يمر أسبوع لا يستدعي الأردن سفير الاحتلال
لتوبيخه، أو ينشر بيانا يدين تصرفات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، صحيح أن
نتنياهو تحدث مع الرئيس المصري عبر الهاتف، لكن لم تتم دعوته لزيارة رسمية
وعلنية".
وأكد أن "نتنياهو أراد توسيع
اتفاقيات التطبيع، لكن الدول المطبّعة بالفعل سعت لتبريد العلاقات مع إسرائيل بشكل
كبير منذ تشكيل الحكومة الجديدة، قبل عام اجتمعت قمة النقب التاريخية بمشاركة
وزراء خارجية الولايات المتحدة والإمارات والبحرين والمغرب ومصر، وكان يفترض عقد
قمة أخرى لمتابعتها في المغرب، لكن تم إلغاؤها، وكان من المفترض أن تتم أول زيارة
لنتنياهو للخارج في أبو ظبي بداية شهر يناير، لكن الزيارة ألغيت، ولم يتلق دعوة
للبحرين أو المغرب حتى الآن".
وأوضح أن "نتنياهو صرح أنه يريد
دفع اتفاق التطبيع مع السعودية، لكن في الأشهر الثلاثة الأخيرة، فإن هذا المسار لا
يتحرك في الاتجاه الصحيح فقط، بل حصل تراجع منذ تشكيل الحكومة الجديدة، ونشر
السعوديون عشر إدانات لإسرائيل، وشحذوا صياغة الإدانات، وعادوا لاستخدام مصطلح
"حكومة الاحتلال" بعد فترة طويلة، كما أنهم مهتمون باستخدام التطبيع مع
إسرائيل كورقة مساومة لتحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة، ولكن عندما تكون
العلاقات بين بايدن ونتنياهو غير مستقرة ومتوترة، سينخفض الدافع السعودي".
يكشف الرصد الإسرائيلي المتشائم عن
الضرر الذي لحق بمكانة دولة الاحتلال بسبب خطة الانقلاب القضائي، صحيح أن البيت
الأبيض تعامل في البداية مع الخطوة على أنها شأن إسرائيلي داخلي، وحاول عدم التدخل
فيها، لكن الواقع كان أقوى، مع توسع الاحتجاج ضد الحكومة، ومع تقدم الخطة التشريعية،
حيث ازداد النقد في الولايات المتحدة، لا سيما في المجتمع اليهودي، وأعضاء الكونغرس
ومجلس الشيوخ، وفي النهاية البيت الأبيض، وصولا للانتقادات الدولية لسياسة
الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، ووصلت لاستدعاء سفيره لتوبيخه.
الخلاصة الإسرائيلية للمائة يوم الأولى
من عمر حكومة نتنياهو حادة ومؤلمة له، إضافة لإحراجه الشخصي، مما سيكون له آثار
سلبية للغاية على الاحتلال، ولذلك من المشكوك فيه أن نتنياهو سيتلقى دعوة للبيت
الأبيض في الأشهر المقبلة، بسبب القلق من الفوضى السائدة في دولة الاحتلال،
وانعكاساته على أمن المنطقة، لأنه منذ عودته للسلطة، لم يتمكن نتنياهو من إحراز أي
تقدم نحو الأهداف التي حددها لنفسه في المجالين السياسي والأمني، مما يهدد مستقبله
السياسي.