تقارير

بلدة حوارة تسيطر على الطريق التاريخي الرابط شمال الضفة بجنوبها

بلدة حوارة، كلمة سريانية تعني البياض أو الأبيض، ويعود ذلك للون تربة أراضيها البيضاء "الحِوَّر"
على الطريق الرئيسي التاريخي الواصل بين مدينتي نابلس والقدس، وهو أحد الطرق الرئيسة الرابطة شمال الضفة الغربية بجنوبها تقع واحدة من أهم البلدات التاريخية الفلسطينية التي ذاع صيتها مؤخرا.

على بعد 7 كم من جنوب مدينة نابلس تتمركز بلدة حوارة التي تحتضن الكثير من المواقع الأثرية، من أبرزها ضريح يعتقد أنه للصحابي سلمان الفارسي والذي يعتبر أهم ميدان في البلدة.

وأوضح غسان دويكات، الباحث والناشر في تاريخ فلسطين المحلي أن بلدة حوارة، كلمة سريانية تعني البياض أو الأبيض، ويعود ذلك للون تربة أراضيها البيضاء "الحِوَّر".

وأشار دويكات في حديثه لـ"عربي21" إلى أن اسم "حوارة" يطلق أيضا على عدة مناطق بخلاف هذه البلدة حيث يطلق على منطقة أثرية في قضاء حيفا، وهو اسم قرية تابعة لمحافظة إربد شرق الأردن.


                              غسان دويكات، الباحث والناشر في تاريخ فلسطين المحلي


وقال: "لا تظهر بلدة حوارة على خارطة المؤرخ الألماني غوستاف باير والمؤرخة بالقرن الثاني عشر الميلادي، في حين أنها ظهرت كقرية وذكرت في سجلات محكمة نابلس الشرعية خلال العهد العثماني، الأمر الذي يعني أن القرية تأسست في الفترة الواقعة ما بعد 1200م إلى بداية الفترة العثمانية عام 1516م، وإلى آخر مائتي عام فيها على أبعد تقدير".

وأضاف: "في العهد العثماني الأول كان لواء نابلس يقسم إلى قسمين؛ جبل شامي ويضم كل القرى الواقعة شمالي جبل عيبال، وجبل قبلي ويضم كل القرى الواقعة جنوبي جبل جرزيم، وكانت حوارة ضمن هذا التقسيم من قرى جبل قبلي".

وتابع: "مع تغير التشكيل الإداري للواء نابلس إلى نواحي ومقاطعات، فقد كانت حوارة ضمن ما عُرف بجورة عمرة، ثم وباستمرار التغيير الإداري وإعادة تقسيم القرى، تم إنشاء عدد من النواحي، فأصبحت جورة عمرة تُعرف بناحية جماعين، فبقيت حوارة تابعة لناحية جماعين حتى نهاية الحكم العثماني".

وأشار دويكات إلى أنه بالقرب من حاجز حوارة وللأعلى لجهة الغرب على أطراف السفح الشرقي الجنوبي لجبل جرزيم يوجد مقام يعتقد أنه للصحابي سلمان الفارسي، ويقع للشمال منه ومقابل حاجز حوارة بالضبط نبع ماء مخنة، كان يقصدها مزارعي ورعاة القرى المجاورة لسقي دوابهم وغسلها وملئ جرارهم والسباحة والاغتسال واستغلالها للري قبل أن يستولي عليها المستوطنون مع الأراضي المحيطة بها.



وأوضح أنه يوجد في حوارة وجوارها عدة مواقع دينية وأثرية مثل؛ قبر ومقام الشيخ بشارة، وفي روايات اسمه مقام النبي صاهين، وبجانب قبره زاوية للصحابي عكاشة بن الصامت، كان الناس يقدمون النذر ويضيئون الشموع تقربا ودعاء.

كما توجد فيها بحسب دويكات خربة عطارود تقع جنوب حوارة للغرب من قوزا، وهي موقع يشتمل على تل أنقاض وبناء مرتفع وقطع فخار وأكوام حجارة وأساسات ومغارة وحبلات وصهاريج.

وأكد أن البلدة تحتض باب بيت الخربة، وتشتمل على بركة مبنية ومنقورة في الصخر، وصهريج وصخور منحوتة، ومغائر ونُقر في الصخر، وخربة الطيرة، تقع للشمال من حوارة، وخربة مطر التي تقع  إلى الشرق من حوارة.

وقال دويكات: "ترتفع حوارة عن سطح البحر حوالي 530 متر، ومعدل أمطارها حوالي 580 ملم، وتتبع محافظة نابلس حيث تقع إلى الجنوب من المدينة حوالي 7 كم، ويحدها من الشمال عصيرة القبلية وبورين، ومن الجنوب زعترة وياسوف، ومن الغرب جماعين وعينابوس، ومن الشرق بيتا وأودلا وعورتا".

وأضاف: "تقع حوارة على الشارع الرئيسي والتاريخي الواصل بين مدينة نابلس والقدس، وهو أحد الطرق الرئيسة الواصلة شمال الضفة الغربية بجنوبها، وتم فتحه لمرور العربات التي تجرها الخيول والدواب في العهد العثماني".

وتتمركز البلدة بحسب الباحث في التاريخ في الطرف الغربي الجنوبي لسهل البها أو سهل مخنة؛ وهو سهل داخلي يتكون من ضلعين بشكل زاوية 45 تقريبا، يمتد من أسفل زعترة في الجنوب ويتجه للشمال حتى قرية بلاطة، حيث يأخذ بالاتجاه شرقا مع الاتساع حتى قرى سالم وبيت فوريك وبيت دجن، ويعرف بعدة تسميات حسب القرى المطلة عليه؛ سهل مخنة وسهل عسكر وسهل سالم.



وأوضح أنه يحيط بحوارة بشكل مباشر ثلاثة تجمعات استيطانية صهيونية وعسكرية؛ أولها؛ مستوطنة يتسهار، والتي أُقيمت عام 1983م، وتقع للغرب من حوارة، وأقيمت على اراضي ثلاث قرى فلسطينية؛ حوارة وبورين وعصيرة القبلية.

وأشار إلى أن التجمع الاستيطاني الثاني؛ هو تجمع "تبواح" أو تفوح، وهو عبارة عن تجمع يقع للجنوب من حوارة ويتكون من ثلاث مراكز:

أ ـ استيطاني يضم مستوطنة سكنية بإسم مستوطنة كفار تبواح.
بـ ـ ومركز عسكري يضم معسكر تبواح.
ج ـ وحاجز عسكري تبواح، المعروف والمشهور بحاجز زعترة، وهو مفترق طرق رئيسي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها، ويربط غرب الضفة الغربية بشرقها.

أما التجمع الاستيطاني الثالث بحسب دويكات فهو معسكر حوارة، يقع للشمال من حوارة وعلى أراضيها وأراضي قرية بورين، وهو في الأصل معسكر للجيش الأردني، ويقع للغرب منه حاجز حوارة على طريق القدس نابلس، استولت عليه عام 1967م.

وأشار إلى أن الهجوم الكبير الذي تعرضت له البلدة في 26 شباط/ فبراير الماضي على أيدي مئات المستوطنين المسلحين وأسفر عن دمار كبير في البلدة يعتبر الأكبر منذ 4 عقود من الزمن.

وأوضح أنه بعد الأحداث التي شهدتها البلدة مؤخرا وحصارها أصبح اسم "سلمان الفارسي" أحد مفردات الصراع لوجود ميدان بهذا الإسم.

وقال: "ففي حين كان مفترق الطرق الواقع شمال حوارة ويتفرع من طريق نابلس القدس ليصل إلى قلقيلية غربا ومعروفا باسم مفترق يتسهار، يسعى الفلسطينيون وبعض المواقع الإلكترونية والجهات لتبني التسمية العربية للمفترق بعد الأحداث الأخيرة ليصبح؛ مفترق سلمان الفارسي، وقد أصبح الإسم متداولا بقوة بين العامة وكثير من المواقع الإلكترونية".

ومن جهته أكد مدير حماية آثار محافظة نابلس الدكتور إياد ذوقان أن حوارة إحدى البلدات الـ56 التي تتبع إداريا لمدينة نابلس، مشيرا إلى أنه يحدها من الشرق بلدات عورتا وبيتا وأودلا..  ومن الغرب جماعين وعينبوس ومن الشمال عصيرة القبلية وجنوبا بلدة زعترة.

وقال ذوقان لـ" عربي21": "ينحدر سكان بلدة حوارة من عديد المناطق المختلفة أهمها منطقتي الشام والحجاز".


                                    إياد ذوقان.. مدير حماية آثار محافظة نابلس

وأشار إلى أنه وبحسب اتفاقية أوسلو فقد قسمت البلدة التي تبلغ مساحتها ما يقارب الـ 8500 دونم إلى قسمين: منطقة (ب): والتي تبلغ مساحتها 3208 دونم أي ما يعادل 38% من مساحة البلدة الكلية، ومنطقة (ج): والتي تبلغ مساحتها 5190 دونم أي ما يعادل 62% من المساحة الكلية.

وأشار ذوقان إلى أن أهم الثورات التي عايشتها البلدة هي ثورة سنة 1936ضد الاحتلال الإنجليزي، وأن من أبرز القيادات العسكرية الذين ثاروا على الاحتلال الإسرائيلي؛ ابن بلدة حوارة  الشهيد نجم عودة الذي استشهد في منطقة عين البيضا مع 15 مقاتلا في منطقة الأغوار الفلسطينية سنة 1970م .

وشارك أهالي بلدة حوارة بانتفاضة الـ1987 وانتفاضة الـ2000. وقدمت البلدة عديد الشهداء والأسرى.

وأوضح أن أهم حمايل حوارة الرئيسية هم: عودة وأصولهم من الحجاز ولهم أقارب في السوافير وبيتونيا، وفي حِمص، وكذلك الخموس وأصولهم من مخماس في القدس، والضميدات وأصولهم من غور دامية، وأبو حميدة.

واستعرض عضو المجلس البلدي لبلدة حوارة صفوت خموس أهم الخدمات التي يقدمها للمجلس للسكان لا سيما في ظل الحصار المفروض على البلدة والاعتداءات اليومية من قبل قطعان المستوطنين على السكان فيها.



وقال خموس لـ "عربي21": "إن أول مجلس قروي لبلدة حوارة تأسس في عام 1965م".

وأضاف: "نظرا لزيادة عدد السكان فقد تحول إلى مجلس بلدي عام 1998م، الذي يتألف من ١١ عضوا، وهو واحد من المجالس المحلية التي تشكل حاليا ما يعرف باسم مجلس الخدمات المشترك؛ إضافة إلى الهيئات المحلية المحيطة بالبلدة".

وأوضح خموس أن تعداد سكان البلدة يصل الآن إلى 9 آلاف نسمة، مشيرا إلى أن عدد سكانها بلغ عام 1922م حوالي 921 نسمة، وفي عام 1945م حوالي 1300 نسمة، وبعد الاحتلال الصهيوني عام 1967م حوالي 1900 نسمة ارتفع إلى 3400 عام 1987م.

وأكد على أن البلدة مصنفة من مناطق (ج) حسب اتفاق أوسلو الذي وقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1993م، ما يعني أنها تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

وشدد على أن 3 حواجز عسكرية إسرائيلية تقطع أوصال البلدة وهي: حاجز حوارة العسكري شمال البلدة، حاجز يتسهار وسط البلدة وحاجز زعترة من الجهة الجنوبية.

وقال عضو المجلس البلدي: "الهجوم الذي تعرضت له بلدة حوارة في 26 شباط/ فبراير الماضي هو الأعنف الذي تتعرض له منذ انتفاضة الحجارة عام 1978م"، مشيرا إلى أنه تم من 3 محاور، وأن المستوطنين انطلقوا من 3 مستوطنات تحيط بالبلدة وهي: يستهار، براخا، وإيتمار.

وأكد أنه يوجد في البلدة عدة مدارس لجميع المراحل الدراسية، وفيها عيادة طبية عامة ومركز لرعاية الأمومة والطفولة، وتتوفر فيها كافة الخدمات.

وأشار إلى أنه يوجد في البلدة جمعية حوارة الخيرية وتشرف على مركز لتدريب الخياطة وروضة أطفال.
وعلى الرغم من حصار البلدة من كل الاتجاهات وتواجد جيش الاحتلال فيها على مدار الساعة فإن المقاومة الفلسطينية نجحت مؤخر من تنفيذ سلسلة عمليات فدائية في البلدة أدت إلى مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال.