اقتصاد عربي

تبخّر 1.2 مليار دولار من الاستثمارات السعودية ببنك "كريدي سويس"

لم يشارك مسؤولو البنك الأهلي السعودي في مناقشات استحواذ "يو بي إس" على "كريدي سويس" - جيتي
كشفت تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن البنك الأهلي السعودي المدعوم من الحكومة خسر جزءا كبيرا من استثماراته في "كريدي سويس"، بعد استحواذ مجموعة "يو بي إس" على المصرف السويسري.

واستحوذ البنك الأهلي السعودي على ما يقرب من 10 بالمئة من "كريدي سويس" مقابل 5.5 مليارات ريال (1.46 مليار دولار) في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مستفيدا من طفرة أسعار النفط العام الماضي، وذلك بتوجيه من ولي العهد محمد بن سلمان، وفقا لما نقلته الصحيفة الأمريكية عن أشخاص مطلعين على الأمر.

وأبرم السعوديون الصفقة عندما كانت أسعار النفط أقل بقليل من 100 دولار للبرميل، حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى اضطراب في أسواق الطاقة.

ووفقا للصحيفة، كان مسؤولو البنك الأهلي السعودي خارج المناقشات، حيث سمعوا عن المحادثات مع "يو بي إس" عبر وسائل الإعلام مساء الجمعة، فيما قال أشخاص مطلعون؛ إن "كريدي سويس" تواصل مع كبار المساهمين لمناقشة حقوقهم، وإبلاغهم بأنهم من المحتمل أن يخسروا معظم استثماراتهم.

وأظهرت حسابات وكالة رويترز أن البنك السعودي، الذي يعتبر من بين أكبر المساهمين في البنك السويسري المتعثر، مُني بخسارة تقارب 1.17 مليار دولار في استثماراته، في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون فيه الاستثمار السعودي في "كريدي سويس" مدخلا للمملكة إلى القطاع المصرفي العالمي، مما يعزز مكانتها الناشئة كقوة استثمارية تغذيها النفط.

ونقلت الصحيفة عن محلل اقتصاديات الشرق الأوسط بمعهد "تشاتام هاوس"، ديفيد باتر، قوله؛ إن البنوك السعودية لم تستثمر بكثافة في المصارف الأجنبية حتى وقت قريب.

وأضاف أن بنوك المملكة الخليجية لديها طموح للحصول على ملف مصرف عالمي كجزء من أجندة تنويع مصادر الاقتصاد، التي تشمل زيادة المحفظة الاستثمارية لصندوق الثروة السيادي السعودي.




وجاء تقرير "وول ستريت جورنال" رغم التطمينات التي أعلنها البنك الأهلي السعودي، قائلا؛ إن استراتيجيته لن تتأثر بانخفاض قيمة استثماراته في البنك السويسري، الذي استحوذ عليه منافسه المحلي "يو بي إس".

وقال البنك السعودي في بيان بالبورصة؛ إن "أي تغيير في القيمة العادلة للاستثمار في مجموعة كريدي سويس، لن يؤثر على توقعات وخطط البنك المالية لسنة 2023".

وتعيد "الخسائر الفادحة" بكيفية تبخر استثمارات دول الخليج في البنوك الغربية وصناديق التحوط خلال الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، بحسب "وول ستريت جونال".

وانخفضت قيمة الأصول الأجنبية في محافظ دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2008 بمقدار 100 مليار دولار إلى ما مجموعه 1.2 تريليون دولار، دون احتساب المقتنيات الشخصية الهائلة للعوائل الحاكمة لدول الخليج، حسبما أفاد مجلس العلاقات الخارجية ومقره نيويورك عام 2009.

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس السويسري ألان بيرسيه عن استحواذ بنك "يو بي أس" الأكبر في البلاد على منافسه "كريدي سويس"، الذي يعيش أزمة، بعد مفاوضات شاقة.

وبلغت قيمة الصفقة ثلاثة مليارات فرنك سويسري (3.02 مليار يورو) مستحقة الدفع على شكل أسهم، أي 0.76 فرنك للسهم الواحد، بعدما كانت قيمة سهم كريدي سويس الجمعة 1.86 فرنك سويسري.

وقال الرئيس السويسري بيرسيه، في مؤتمر صحفي الأحد، بحضور رئيسي المصرفين كولم كيليهير عن "يو بي أس" وأكسيل ليمان عن "كريدي سويس"؛ إن هذا الحل "ليس مفصليا لسويسرا فقط (...) بل لاستقرار مجمل النظام المالي" العالمي.

من جهتها، أعلنت وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر-سوتر في المؤتمر الصحفي، أن إفلاس "كريدي سويس" كان سيؤدي إلى "أضرار اقتصادية لا يمكن إصلاحها"، قائلة: "لذا فإن على سويسرا أن تضطلع بمسؤولياتها بما يتخطى حدودها".

و"كريدي سويس" هو بنك استثماري سويسري متعدد الجنسيات وشركة خدمات مالية، حيث واجه في السنوات الأخيرة عددا من التحديات والنكسات التي أثرت على سمعته وأدائه المالي.



كان انهيار Archegos Capital Management في آذار/ مارس 2021 من الحوادث الرئيسية التي أثرت على ""كريدي سويس"، حيث كان المصرف السويسري أحد البنوك العديدة التي قدمت خدمات السمسرة الرئيسية لشركة Archegos، وعندما تخلفت الشركة عن سداد طلبات الهامش، تسببت في خسائر كبيرة للائتمان. 

بالإضافة إلى ذلك، كان المصرف يتعامل مع تداعيات فضيحة Greensill Capital، التي تضمنت شركة تمويل سلسلة التوريد التي انهارت في عام 2021، حيث كان "كريدي سويس" أحد المستثمرين الرئيسيين في Greensill، واضطر إلى تجميد 10 مليارات دولار من الأموال المستثمرة في الشركة.

وقد أدت هذه الحوادث إلى مغادرة المديرين التنفيذيين، وخسائر كبيرة، وإلى الإضرار بسمعة مصرف "كريدي سويس"، فيما أعلنت الشركة منذ ذلك الحين عن خطط لإصلاح ممارسات إدارة المخاطر والأعمال لمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.