أفكَار

سؤال القيم والمحتوى الفكري في الفضاء الرياضي.. قطر نموذجا

كأس العالم الذي يجري لأول مرة في قطر عربي، خلق هزة عنيفة في العالم الغربي (الأناضول)
من الضروري أن نقدم ملاحظتين على هامش تنظيم قطر لكأس العالم: الأولى، أنه لأول مرة، تنتبه النخب العربية الإسلامية إلى أهمية الفضاء الذي توفره الرياضة للتعبير عن المحتويات الفكرية والثقافية والقيمية والسياسية، فقد ظل هذا الفضاء حكرا على هيمنة المضامين الغربية، وبسبب اختلاط المحتوى الفكري والسياسي بالفرجة والإمتاع، فقد تجرع الجمهور العربي الإسلامي وحتى الأفريقي مرارة تمرير هذه المضامين الغربية في مقابل الحصول على المتعة أو الاستفادة من التنفيس الذي توفره هذه اللعبة.

وقد زاد الانتباه أكثر لهذه الظاهرة، بعد الحملة الغربية التي خيضت ضد قطر على خلفيات قيمية وحقوقية، وتبين للجميع، أن هدف الغرب، هو أن يبقى تنظيم هذه الأحداث العالمية حكرا عليه، وأن يبقى الفضاء الرياضي، فضاء غربيا خاصا يصرف فيه محتواه الفكري والقيمي والسياسي كما يشاء مستغلا بذلك الفرجة والمتعة التي تحققها هذه اللعبة لتأمين مرور رسائله. والمثير للانتباه أن الإسلاميين أنفسهم، الذين كانوا يتبنون رؤية سلبية عن الرياضة، بحجة أنها إلهاء للشعوب، وأن الأفضل ممارسة الرياضة لا متابعة فعاليتها.

هؤلاء تغيرت رؤيتهم بالكامل، مع تنظيم قطر لهذه النسخة العالمية، وبدأت فكرة الاندماج والمشاركة والتكيف، تتوسع لتضم إلى جانب الثقافة والتربية والسياسة والخدمات الاجتماعية، الفعالية الرياضية.

الملاحظة الثانية، تتعلق بتعدد المحتوى القيمي والثقافي، وأن الوقت قد حان لتجسيد قيم التعدد، وعدم الاقتصار على نموذج واحد مهيمن، يعرض محتواه الفكر وتمثلاته القيمية، كما لو كانت الرؤية الوحيدة التي يجب أن تستنسخ في كل التجارب. وأن العالم الذي يطبعه التعدد، لا يمكن أن يختصر في الغرب، ولا يمكن أن يختصر في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، بل يضم هذا العالم شعوبا وثقافات مختلفة، وأن هؤلاء لهم الحق، كما للغرب، أن يبصموا على حدث تنظيم كأس العالم بشيء من ثقافتهم وقيمهم وتمثلاتهم، وربما أيضا بشيء من رسائلهم في السياسة للعالم.

سؤال المحتوى الفكري والقيمي

 ينبغي أن نعترف بأن حدث كأس العالم الذي يجري لأول مرة في قطر عربي، خلق هزة عنيفة في العالم الغربي، وأثار الانتباه بشكل عملي إلى سؤال الثقافة والقيم المغايرة، كما رفع التحدي بخصوص الإمكان الإبداعي والفكري والتنظيمي الذي يمكن لبلد عربي أن يطرحه في مقابل الأفكار والأشكال التنظيمية التي أنتجت تجارب تنظيم كأس العالم في دول مختلفة.

الواقع أن السؤال المهم ليس بالضرورة هو ذلك الذي أثير حول حقوق الإنسان في البلدان العربية الإسلامية، أو حول منظومة القيم العربية الإسلامية، ومدى قدرتها على الانفتاح والتسامح مع ظواهر غربية أضحت تشكل جزءا لا يتشكل من منظومة حقوقها ومن رؤيتها الثقافية في كثير من الدول الأوربية على الخصوص.

الإجابة عن هذا السؤال ليست مستحيلة ولا صعبة، فكرة القدم، كما قال يورغن كلوب مدرب الفريق الإنجليزي ليفيربول، هي مجرد لعبة للاستمتاع في نهاية الأسبوع، غرضها التنفيس، وليس حل مشكلة الفقراء. تبعا لرؤية هذا المدرب الفيلسوف، فإنه لا يمكن أن نصادر على الدول العربية والإسلامية والأفريقية حقها في أن تعرض نسخة للفرح والإمتاع، بطريقتها وأسلوبها، ووفقا لقيمها وتقاليدها.

الجواب عن هذا السؤال سهل، لأن العالم ليس هو أوربا، وأمريكا أو كندا. وكرة القدم، إذا أرادت أن تكون عالمية، فإنه من الضروري، أن تعبر عن تعدد العالم، بما يعنيه ذلك من تباين الثقافات والتقاليد والقيم، وما يتطلبه من القدرة على التفهم والاحترام.

التحدي الذي استشعره الغرب من تنظيم دولة عربية لكأس العالم، أي مضمون للثقافة ستقدمه هذه الدولة للعالم؟ وأي محتوى فكري ستسلط الضوء عليه؟ وأي شكل إبداعي ستفاجئ العالم به؟ وأي رسالة سيقع تسليط الضوء عليها في هذا الحدث؟ وكيف ستستغل هذه الدولة العربية الفضاء الرياضي لكي تبث هذه الرسالة، وما حجم تأثيرها على الرسائل التي سبق وأن مررها الغرب عبر المحتفلات الرياضية الدولية، ويريد تحصينها وتأمين استمرارها؟

البعض كان يتصور أن قطر ستبذل جهدا في تقديم نموذج مماثل للنسخ السابقة، أو بالأحرى النسخ الغربية، فانفتاحها على النماذج الأنغلوساكسونية، كان يشير إلى أنها لن ترفع السقف أعلى من هذه النماذج، لكن، إذا كان هذا هو العرض ستقدمه قطر للعالم، فالرؤية بهذا الشكل لن تكون جذابة ولا مغرية، وفي أحسن أحوالها ستكون نسخة مكررة عن نسخة تنظيم الولايات المتحدة الأمريكية لكأس العالم.. إذا كانت الرؤية أن تقدم نموذجا أمريكيا، فالأفضل أن تنظمه أمريكا، فهي أفضل من يمثل نموذجها، وفي جميع الأحوال، حتى لو أرادت أي نخبة عربية ذات ميول أنغلوساكسونية أن تقدم نموذجا بريطانيا أو أمريكيا، فلن تكون قادرة على أن تأتي به بشكل ينافس تقديم أمريكا وبريطانيا لنموذجيهما.

قطر اختارت مسارا آخر متحديا، يرتكز على منظومة القيم الإسلامية، مع خوض معركة الندية على مستوى الرؤية والمضامين الحقوقية، إذ قدمت مقاربتها الخاصة لموضوع الاحتياجات الخاصة، بشكل صعق النموذج الغربي وأثبت تحيزه ونفاقه.

قطر اختارت مقاربة الندية والمساجلة، واستثمرت في مضمونين فكريين، الأول قيمي، حاولت من خلاله تقديم صورة عن مقاربتها لبعض الإشكالات الحقوقية لتكشف نفاق الغرب (مثال الاحتياجات الخاصة)، والثاني سياسي، حاولت من خلال المقاربة نفسها، أن تثبت مظلومية القضية الفلسطينية، والازدواجية الغربية في التعامل مع قضايا الشعوب العادلة.

قطر استثمرت طويلا في هذا المسار، وجعلت من أذرعها الإعلامية سندا لها في هذه المقاربة، ونجحت إلى أبعد الحدود في ذلك.

الغرب كان يتصور أن دخول العالم العربي إلى فضاءات الرياضة، لن يسمح له بأكثر من بث محتوى تعودت النظم العربية على إنتاجه من أجل التخفف من ضغوط الغرب السياسية.. لقد كان ينتظر أن ينصب التركيز في المحتوى الفكري والقيمي على مضمونين اثنين: مضمون الاعتدال الذي تم إنتاجه في سياقات مخصوصة (مكافحة الإرهاب) بضغط غربي أعقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، لم يعد له اليوم أي جاذبية بالنسبة للشعوب، فقد أضحى أقرب ما يكون لورقة سياسية، تستعملها الأنظمة العربية للتخفف من ضغط سياسي غربي أو لكسب تمويل، أو تأمين الوجود في تحالف يحصن منظومة أمن، أما فعالتيه الفكرية، وتأثيره الاجتماعي، فقد أضحى موضوعا محدودا غير ذي أثر، إن لم نقل بأن أثره أصبح سلبيا، لا سيما داخل الشعوب العربية المسلمة، التي أضحت تتخوف من أي برنامج أو محتوى مصاغ تحت يافطة الاعتدال، بحكم ما رسخته التجارب السابقة، من أن مشاريع الاعتدال ليست في الجوهر سوى تطهير برنامج التعليم من المحتوى الديني وتقليص حضوره.

أما مضمون الانفتاح والتعدد والتسامح، فيحتاج هو الآخر إلى مضمون يؤسس له، أي بأي محتوى فكري وقيمي نؤسس لمفهوم الانفتاح والتعدد والتسامح، هل الوحدة التي تمثلها الهوية الجامعة (الهوية العربية الإسلامية مثلا) أم الاختلاف كما رسخته أدبيات النماذج الغربية الحداثية.

وتبعا للاعتبارين السابقين، أي محدودية أثر مضمون الاعتدال، وحاجة مضمون التعدد والتسامح والانفتاح إلى مضمون يؤسسه، فإن سؤال المحتوى الفكري والقيمي سيظل مطروحا على التجارب المخالفة للغرب، لا سيما التجارب العربية التي يفترض أن تقدم ترشيحها لتنظيم كأس العالم.

 الواقع أن المضمون الأول، محوري، لكنه استهلك، ولم تعد له أي جاذبية فكرية، ومضمون التعدد والاندماج، هو الآخر مهم، لكن، الاستثمار الطويل فيه أتى بنتائجه المحدودة، ولا يمكن التعويل على أكثر مما حقق.

ما المزعج في المحتوى الفكري والقيمي الذي قدمته قطر؟

من المهم أن نلاحظ أن الغرب استبق حملة قوية ضد قطر حتى قبل أن تكشف عن المحتوى الفكري والقيمي الذي ستؤطر به هذه الفعالية العالمية، وحاولت الضغط عليها من خلال موضوعين اثنين: المثلية الجنسية وحقوق العمال.

التأمل في هاتين التهمتين، والخلفية التي تصهرهما، يرجح أن يكون الدافع سياسيا، فالواقع يظهر قدرا من المفارقة في هذا الموضوع، فقطر من خلال تعزيز علاقاتها مع ألمانيا مؤخرا، أسهمت بجزء كبير في حل أزمة الطاقة التي تتعرض لها لا سيما في ظروف الصراع مع روسيا وما يحمله ذلك من تأثير مباشر على مصادر تأمين الطاقة العالمية. والتقدير، أن ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية حاولت أن تمارس قدرا من الابتزاز السياسي والحقوقي، لم تنكشف لحد الآن مؤشراته.

الدولة العربية التي تريد أن تطرح ملفها للترشيح مرة أخرى، ينبغي أن تكون حذرة في التهييء الطويل المدى لرؤيتها الفكرية، وترقب حملات ظالمة مثيلة للتي حصلت لقطر، وفوق هذا وذلك، يتطلب منها الموقف، أن تبذل جهدا كبيرا في بلورة محتواها الفكري، وتحويله من مجرد أفكار إلى صور ورموز وتجارب وسرديات وتعبيرات ومواقف ولوحات فنية وقدرة إعلامية ضخمة
 
لكن، بعيدا عن ملابسات السياسة، ثمة اعتبارات قوية تفسر هذه الحملة، تتعلق بمعلومات تسربت للدول الغربية عن محتوى فكري وقيمي مفترض تعده قطر لتأطير هذا الحدث العالمي، وأن هذا المحتوى، لا يكتفي بفعل المنافسة، بل إنه يذهب إلى حد نسف الأطروحة الفكرية والقيمية الغربية التي حاولت أن تهيمن بها على فضاءات الرياضة وتمنع الآخرين من الحق في إنتاج محتوياتهم الخاصة، بحجة مركزية وتفوق النموذج الغربي، وأن مكان الآخرين، لا يكون إلا حيث يجتهدون في تمثيل هذا النموذج، وينالون تنقيطا مهما من الجهة الوصية على هذا النموذج.

ولذلك، كان التركيز على الموضوع الحقوقي، وبشكل خاص على المثلية، بعد أن تراجع الضغط على محور حقوق العمال.

ربما يبدو الرهان على هذا الموضوع الخلافي مقصودا، فالغرب يعلم أن هذا الموضوع لا يحظى بالإجماع داخله، ولا يحظى بأدنى شرعية داخل المجتمعات العربية الإسلامية، بل وحتى داخل أغلب المجتمعات الآسيوية فضلا عن أكثر شعوب أمريكا اللاتينية. لكنه مع ذلك، يغامر بطرحه واستعماله كورقة للاستفزاز.

تفسير ذلك يعود إلى الاختلاف الجذري الذي تقوم عليه فلسفة المحتوى الفكري والقيمي في كل من الغرب والشعوب الأخرى، ففي الغرب تقوم كل عناصر هذا المحتوى على قاعدة الاختلاف، بينما تتجه الشعوب الأخرى، وخاصة منها العربية الإسلامية، إلى بناء محتواها الفكري والقيمي على قاعدة الوحدة.

اختيار المثلية الجنسية كان مقصودا، لأنه المثال الأبرز الذي يعكس الاختلاف والفرز الحاد، إذ لم يكن القصد منه، سوى التشويش على جاذبية فلسفة أخرى، تقوم على الوحدة والاندماج والتماسك، مما يفترض أن مختلف الجنسيات التي سافرت لمشاهدة هذه الرياضة العالمية قد وقفت عليه وتأملت أبعاده وآثاره.

ملخص النظر في هذه القضية، أن جزءا من تفسير الانزعاج الغربي من تنظيم دولة عربية لكأس العالم، يعود إلى هذا المحتوى الفكري والقيمي والثقافي، لا سيما وأنه جاء في سياق عالمي دقيق، محكوم بصراع الغرب والشرق، وصار المضمون الفكري جزءا من أدوات الصراع، لا سيما ما يرتبط بمفهوم العدالة، ونقد ازدواجية الغرب في معاييره.

في المحتويات الفكرية المؤلمة للغرب

ثمة من يعتقد أن الغرب لن يعيد الكرة مرة أخرى بعد تنظيم قطر لهذه النسخة من كأس العالم، وأن أي دولة عربية لن تحلم بتنظيم هذه الفعالية بذلك في النسخ القادمة، وأنه لا يريد مرة أخرى أن يكرر تجربة السماح لمضمون فكري ينسف أطروحته، ويكشف انسداد أفق المشروع الفكري والقيمي الغربي، ويبرز جوانب الثراء والغنى الذي تعكسه المحتويات الفكرية والإقليمية الإسلامية، وأنه لذلك لن يسمح بتكرار التجربة.

في المقابل، ثمة من يرى العكس من ذلك، ويرى أن أفضل أسلوب لنسيان نسخة قطر، هو أن يسند تنظيم هذه الفعالية العالمية مرة أخرى لدولة عربية أخرى، تتبنى مشروعا هجينا تبعيا للنموذج الغربي.

والحقيقة أن النموذج الذي قدمته قطر، فتح أعين النخب السياسية العربية، بما في ذلك المنخرطة في النموذج الغربي، والمناصرة لأطرحته الحداثية، إلا أن الرهان على مفردات الحداثة الغربية، لن يقدم أي مضمون جذاب، وأنه سيكون نسخة جد مشوهة، وأن الأفضل إن كان هذا هو العرض، أن يسند تنظيم هذه الفعالية لمن يمثل هذا النموذج، لا من يستعرض نسخة هجينة مشوهة منه.

ما من شك أن تنظيم قطر لكأس العالم سيغير نظرة النخب العربية الإسلامية للرياضة وكيفية استثمار فضاءاتها، وسيدفع نخب الحكم للاعتقاد أن ملف الترشيح، لا يتطلب فقط الجوانب التقنية واللوجستية والمالية والبنى التحتية، وإنما يتطلب قبل هذا وذلك رؤية فكرية، وقدرات إبداعية، ومحتوى فكريا وقيميا جذابا، وموارد بشرية مؤهلة قادرة على الإبداع في هذه الفعالية، وقدرة تنظيمية مبدعة.

لا يفتقد العالم العربي المنظومة القيمية والأخلاقية الجذابة والمقنعة، ولا الرصيد الثقافي المتنوع، ولا التجربة الحضارية، ولا الرأسمال البشري، ولا القدرات الإبداعية للجواب عن هذه التحديات.. لقد أثبت تنظيم قطر لهذا الحدث العالمي، والصراع على تصريف القيم ضمن فضاءاته، أن أهم ما يجب التفكير فيه ومن اليوم، هو المحتوى الفكري والقيمي والثقافي والرسائل التي يمكن أن نقدمها للعالم، والرسائل التي يراد إيصالها للعالم، والدور الذي نريد أن نقنع العالم بقدرتنا على فعله.

ثمة محتويات فكرية كثيرة تصلح أن تكون قاعدة لتسليط الضوء عليها في هذه الفعالية، بحيث يمكن أن تخلق الحدث، وتكون محور الجذب العالمي لمختلف الشعوب والثقافات.

ثمة محتوى فكري يمكن الاستثمار فيه والنجاح فيه بدرجات كبيرة، هو صورة التضامن في نسيج المجتمع العربي، ومركزية الأسرة فيه، وكفاح المرأة لتأمين تماسكها وتوفير شروط تألق الطاقات والمواهب.

خمسة أسباب تسوغ الرهان على هذا الموضوع في النسخة العربية القادمة، الأول أنه مضمون تجميعي وغير صراعي، ولا يفتعل أي مشاكسة مع الغرب. والثاني، أن الطلب عليه أصبح عالميا وملحا من مختلف الثقافات والمجتمعات والدول، بما في ذلك المجتمعات الغربية. والثالث، أن النموذج العربي لا ينافس في هذا الموضوع. رغم بعض التحديات التي أصبحت تظهر من حين لآخر. والرابع، أن النماذج والتجارب العربية التي يمكن أن يقع تسليط الضوء عليها ستكون مبهرة وجد مؤثرة، والخامس، أن التحديات التي يعيشها العالم اليوم، وبشكل خاص هيمنة الكبار على الصغار، لا يمكن معالجتها إلا بمقاربة تركز على مفهوم التضامن، وقيم التضامن، وتجارب التضامن، والعالم العربي عبر تاريخه، بما في ذلك تاريخ أزماته، يقدم درسا مهما في هذا الموضوع.

الدولة العربية التي تريد أن تطرح ملفها للترشيح مرة أخرى، ينبغي أن تكون حذرة في التهييء الطويل المدى لرؤيتها الفكرية، وترقب حملات ظالمة مثيلة للتي حصلت لقطر، وفوق هذا وذلك، يتطلب منها الموقف، أن تبذل جهدا كبيرا في بلورة محتواها الفكري، وتحويله من مجرد أفكار إلى صور ورموز وتجارب وسرديات وتعبيرات ومواقف ولوحات فنية وقدرة إعلامية ضخمة لتمريره وترسيخه ومخاطبة مختلف الشعوب بمضمونه ورسالته.