ملفات وتقارير

البطالة تفاقم أزمات الشمال السوري.. ما هي الحلول؟

يقدر أن ما لا يقل عن 90 في المئة يعيشون تحت خط الفقر في سوريا- مجموعة العمل

كشفت منظمات محلية عن ارتفاع معدلات البطالة في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة إلى مستويات "مقلقة"، محذرة من تداعيات سلبية.


وفي التفاصيل، أكدت منظمة "منسقو استجابة سوريا" أن نسبة البطالة في الشمال السوري وصلت إلى 85 في المئة بين السكان المدنيين هذا العام، وهي نسبة غير مسبوقة في المنطقة.


وأوضحت أن من أهم أسباب البطالة، غياب فرص العمل، وعدم وجود الخبرة الكافية وضعف التدريب والكفاءات الوطنية وعدم توافر الخبرات العملية لمعظم الخريجين، ونقص المتابعة والدعم من أماكن تخرجهم.


وحول الحلول أشارت المنظمة إلى ضرورة ربط التعليم والتدريب باحتياجات السوق، وتوفر البدائل والعمل على إقامة المشروعات كي تتسع لأكبر قدر ممكن من الأيدي العاملة، والاهتمام كذلك بالصناعات الصغيرة، والحرف اليدوية، التي بدورها تستقطب عددا كبيرا من الأيدي العاملة في حال توفر الدعم اللازم لها.

 

اقرأ أيضا: منظمة: حياة "مأساوية" تلاحق أطفال مخيم الهول في سوريا

وتتقاطع الأرقام التي نشرتها المنظمة مع إحصائيات أممية تحذر من ارتفاع في مستوى الفقر، ودخول النسبة الأكبر من ساكني المخيمات تحت خط الجوع.


ما الأسباب؟


وإلى جانب تداعيات الحرب وتأثيرها المستمر على الواقع الاقتصادي، تسهم حالة عدم الاستقرار جراء استمرار احتمالية تجدد العمليات العسكرية والقصف المتقطع من قوات النظام وروسيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في عدم جذب الاستثمارات الخارجية، وتوطين الاستثمارات المحلية.


ويشير الدكتور مأمون سيد عيسى الناشط الطبي والإغاثي في الشمال السوري، إلى بطء وتيرة التعافي المبكر في الشمال السوري، إلى جانب اعتماد المنطقة على الاستيراد بشكل كامل، علما بأن هناك مئات التراخيص التجارية، إلا أن غالبيتها هي عبارة عن ورشات صغيرة، لا تستطيع النهوض باقتصاد المنطقة.


ورغم وجود مدن صناعية عديدة في الشمال السوري، إلا أن السيد عيسى يقول لـ"عربي21" إن النشاط الاقتصادي في المنطقة ما زال في الحد الأدنى.


ويشير إلى ضعف القطاع الزراعي، نتيجة عدم تقديم الدعم للمزارعين مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، وكذلك بسبب تقلص المساحات الزراعية وشح الأمطار وموجة الجفاف التي تضرب المنطقة عموماً.


وفي السياق ذاته، يلفت السيد عيسى إلى عدم وجود سوق تصريف المنتجات المحلية إلى خارج المنطقة، بسبب الظروف السياسية والأمنية، وعدم وجود حكومات معترف بها دوليا.


ما الحلول؟


ووفق السيد عيسى فإن توفير الاستقرار، وتثبيت حالة وقف إطلاق النار، من شأنهما زيادة الاستثمارات والمشاريع الإنتاجية في الشمال السوري، معتبرا أن "من الضروري توفير أنظمة حوكمة في المنطقة، إلى جانب العمل على إنشاء حكم قضائي مستقل".


وإلى جانب ذلك، فهو يلفت إلى وجود ظاهرة الاحتكار، من قبل بعض الجهات، وخاصة احتكار المستوردات، وهو ما يسهم في الحد من التنافسية التي تستقطب العمالة.

 

اقرأ أيضا: مجزرة مروعة للنظام السوري باستهدافه مخيمات للنازحين

من جانبه، يقول وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري، إن هناك تضارباً في نسبة البطالة، لكن نستطيع القول إن هناك نسبة كبيرة من البطالة.


وفي حديثه لـ"عربي21" يوضح أن متوسط الأجور المتدني يبقى ضعيفا ولا يساعد على تحريك الأسواق بسبب ضعف القدرة الشرائية.


دون المستوى المطلوب


من جانب آخر، يلفت المصري إلى المحاولات التي تبذلها الحكومة المؤقتة بالتعاون مع غرف الصناعة والتجارة والزراعة في سبيل تشغيل المناطق الصناعية، ويستدرك بالقول: "لكن ما زالت وتيرة العمل دون المستوى المطلوب، لأن المستثمر يحتاج إلى بيئة آمنة".


وشدد الوزير على ضرورة تشجيع الاستثمار الخارجي، وخاصة بعد استثناء الولايات المتحدة بعض مناطق الشمال السوري من قانون عقوبات "قيصر".


وقال المصري: "نسعى بمساعدة جميع الأطراف إلى تحويل الشمال السوري إلى بيئة مقنعة للاستثمار، رغم المعوقات وعدم وجود مؤسسات مالية".


وتولي تركيا أهمية خاصة لتحسين الوضع الاقتصادي في الشمال السوري، وهو ما تعبر عنه الزيارات التي تجريها الوفود التركية الرسمية إلى الشمال السوري، وآخرها زيارة وزير الداخلية سليمان صويلو إلى الشمال السوري الأحد".


وتقدر منظمات محلية عدد السكان في الشمال السوري بنحو 4.5 مليون نسمة، يتوزعون على مناطق إدلب وأرياف حلب الشمالية والشرقية.


مناطق النظام


وانتقالا إلى مناطق سيطرة النظام، فإنه لا يبدو الحال أفضل من الشمال السوري، إلا أن النظام يتحدث عن نسب لا تتجاوز الـ30 في المئة، وهو ما يقابل بتشكيك من قبل أوساط محلية ودولية.


وما يؤكد ذلك اعتراف المدير السابق لـ"مكتب الإحصاء المركزي" التابع للنظام شفيق عربش، قبل أشهر بأن معدل الفقر في سوريا بلغ 90 في المئة بين عامي 2020 و2021، وفقاً لإحصائيات شبه رسمية.


يذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أكدت أن نحو 90 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.