اقتصاد عربي

فواتير سحور باهظة وعظام للفقراء.. حقبة السيسي ترسخ الطبقية

جمعية خيرية وزعت قبل أيام عظاما على عائلات فقيرة كمساعدة رمضانية- جيتي

حذر خبراء ومحللون اقتصاديون من اتساع الفجوة بين الطبقات الفقيرة والغنية، وتآكل الطبقات المتوسطة في مصر؛ بسبب السياسات الاقتصادية التي ينتهجها النظام المصري منذ منتصف عام 2014، والتي ترتكز على الاقتراض وفرض الضرائب وإهدار موارد الدولة.

وتداول نشطاء صور فواتير سحور وإفطار بأسعار باهظة في بعض المطاعم والفنادق تتجاوز إحداها دخل أسرة فقيرة في عام، وقارنوها بصور اصطفاف سيدات قرويات أمام إحدى الجمعيات الخيرية بالإسكندرية للحصول على عظام عجل لصنع مرقة طعام.

ووصلت قيمة إحدى الفواتير في أحد فنادق القاهرة لعدة أشخاص أكثر من 16 ألف جنيه (نحو 900 دولار أمريكي) في وقت يعاني فيه الكثير من المصريين من الغلاء وارتفاع الأسعار تارة بسبب ارتفاع الأسعار عالميا، وتارة أخرى بسبب خفض قيمة الجنيه.

 

صورة من احتفاء مسئولي احدي الجمعيات في أبيس بالإسكندرية عقب توزيع 16 عظمه علي 16 أسرة فقيرة
خبر يصيب الواحد بالقهر pic.twitter.com/3tBLfvCFwj

 


ولأول مرة وصلت معدلات الفقر في مصر إلى 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/ 2018، قبل أن تتراجع إلى نحو 30 في المئة عام 2019/2020، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وسط توقعات بزيادة تلك النسبة في أعقاب أزمتي جائحة كورونا وخفض الجنيه للمرة الثانية.

وكانت وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد، أقرت حينها أن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الفقر بنسبة 4.7 في المئة، خلال الفترة بين عامي 2016 إلى 2018، هو تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة ذاتها، وهو ما تطلب تكلفة على المجتمع والدولة المصرية.

ورغم التكلفة الباهظة لما يسمى برنامج الإصلاح الاقتصادي واتباع تعليمات صندوق النقد الدولي، إلا أنها فشلت بعد عدة سنوات في تطبيقها، حيث اضطرت مصر للجوء إلى الصندوق أكثر من مرة لاقتراض المزيد من الأموال وخفض الجنيه للمرة الثانية على التوالي، تحذير مؤسسات ودوريات اقتصادية كبرى من استمرار الأزمة.

ولا يلوح في الأفق موعد لاستمرار معاناة المصريين، إذ أكد رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي أن الأزمة الحالية قد تطول، جاء ذلك خلال تفقده، الثلاثاء، مركز عمليات التحكم والمتابعة للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة: "يا جماعة الأزمة الموجودة هذه قد تطول قليلا، معنى هذا أن آثارها سوف تلازمنا، ولا بد من إدراك ذلك والتعامل معه".


ترسيخ الطبقية وزيادة الفقر

وإذا ما كانت حقبة السيسي، رسخت للطبقية في مصر وانحصرت بين طبقات ثرية وأخرى فقيرة في ظل تآكل الطبقات الوسطى، يقول الخبير الاقتصادي والاستراتيجي الدكتور علاء السيد إنه "رغم برنامج صندوق النقد الدولي عام 2016، إلا أن الاقتصاد المصري بعد مرور كل هذه السنوات أصبح غير قادر على مواجهة الأزمة المالية والتمويلية الخانقة الناتجة عن التحولات العالمية الحاصلة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فاقمت من أحوال الفقراء عددا وأوضاعا".

وأكد السيد في حديثه لـ"عربي21": أن "نحو 60 من الشعب المصري يقبع تحت خط الفقر وليس 30 بالمئة، وخلال السنوات الماضية تآكلت بشكل ملحوظ الطبقات المتوسطة بسبب الضغوط الكبيرة التي تمارسها الدولة عليهم من جهة كالضرائب والدمغات والرسوم، وسياستها الاقتصادية الكارثية التي أدت إلى زيادة الفقر والفقراء".

 

 

اقرأ أيضا: ميدل إيست آي: هل ما نشهده هي الأيام الأخيرة للسيسي؟


وتوقع الخبير الاقتصادي أن "تبلغ الأسعار ذروتها خلال الشهور المقبلة مع استمرار ظهور نتائج خفض الجنيه وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الأسعار عالميا، ما يجعل الدولة تحت ضغط والمواطنين تحت ضغوط لا تقاوم، ولا أعتقد أن لديها من الحنكة والقدرة على تقليل آثار الصدمات الاقتصادية وسوف تلجأ إلى إجراءات قاسية بحق المواطنين مثل استمرار رفع الدعم وزيادة أسعار الخبز المدعم".

وعلق أستاذ علم الاجتماع السياسي والروائي المصري، في تغريدة له على موقع تويتر بالقول: "صورتان تعبران عن التفاوت الطبقي في مصر الآن.. جمعية خيرية توزع عظام بقر على الفقراء، وفاتورة مطعم بقيمة 4250 جنيها تقريبا، مقابل سحور لعشرة أفراد".

تغريدات

 

صورتان نعبران عن التفاوت الطبقي في مصر الآن.
جمعية خيرية توزع عظام بقر على الفقراء، وفاتورة مطعم بقيمة ٤٢٥٠ جنيها تقريبا، مقابل سحور لعشرة أفراد. pic.twitter.com/uAJyzD7hgC

 

 

 

ومالها عربيه الفول وفحل البصل وتضرب بيضتين واحلي سحور من غير فواتير

 


ربع مليار فقير جدد

وارتفعت تكلفة الطعام والمشروبات في مصر بنسبة 23.2 بالمئة، خلال آذار/ مارس الماضي على أساس سنوي، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، ضمن بيانه عن ارتفاع التضخم إلى 12.1 بالمئة، مقابل 4.8 بالمئة للشهر ذاته من العام السابق.

وحذرت منظمة أوكسفام الخيرية في بريطانيا، فإن العالم مقبل على كارثة، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، والذي سيؤدي إلى دخول 263 مليون شخص إضافي ضمن دائرة الفقر المدقع هذا العام، ما يعادل عدد سكان بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا مجتمعين.

وقالت "أوكسفام" إن عددا كبيرا من الحكومات على وشك التخلف عن سداد ديونها، وسوف تضطر إلى خفض الإنفاق العام لدفع الدائنين واستيراد الغذاء والوقود.

اتساع الرقعة وزيادة الفقراء

بدوره، قال الباحث العمالي، كريم نوبي: "نرى في مصر عجب العجاب؛ نشاهد وجود أكبر علم في أفريقيا، وأكبر نجفة معلقة في الشرق الأوسط، وأطول برج، ونرى من يتحدث إلينا بأننا دولة فقيرة، هناك بلا شك تفاوت كبير في كل شيء في مصر نتيجة اختلال الأولويات واختلاط المصالح".

وأعرب في حديثه لـ"عربي21" عن تخوفه من اتساع رقعة الفقر وتلاشي الطبقات المتوسطة، قائلا: "أرى أن التعويم الأخير للجنيه المصري كتب شهادة وفاة الطبقة المتوسطة أو جزءا كبيرا منها"، مشيرا إلى أن "الأزمة الأساسية هي عدم فهم معنى التخطيط الاقتصادي و وجود ضبابية حول سياسة الدولة الاقتصادية".

وأضاف: "إذا استمرت موجة ارتفاع الأسعار، فإن توقعي مبني على اتجاه الحكومة نحو الفقراء، ومن المتوقع جدا أن تتسع رقعة الفقر ويزيد عدد الفقراء بسبب بسيط جدا؛ هو أن برامج الإصلاح ثابتة القيمة والأسعار حولهم متغيرة القيمة نحو الارتفاع بمفهوم أوضح أنها ضعيفة القيمة وغير مجدية".

وكان البنك الدولي توقع أن تدفع الجائحة، وعدم المساواة، 198 مليون شخص إضافي إلى هوة الفقر المدقع في 2022.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) قالت، الأسبوع الماضي، إن تكلفة السلع الغذائية أصبحت أعلى من أي وقت مضى، بسبب الحرب على أوكرانيا.