شهد 2019 أحداثا ساخنة غيرت بالمشهد
المصري لأول مرة منذ انقلاب
2013، منها وفاة الرئيس محمد مرسي، وظهور المقاول محمد علي، وتوسع رقعة الغضب الشعبي
رغم عجز كل أطياف المعارضة، والإطاحة بنجل السيسي من المخابرات العامة، ثم مؤخرا الإفراج
عن رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق سامي عنان، بعد حبسه عامين.
في ظل تلك المتغيرات، يطرأ سؤال حول
السيناريوهات المتوقعة للحالة السياسية في مصر في العام القادم
2020.
"لا
تغيير في السياسيات"
يرى السياسي المصري محمد محمود رفعت أن "هناك بادرة انفتاح ديمقراطي
بدا واضحا في نهاية 2019 في مصر".
رئيس حزب الوفاق القومي، توقع في حديثه لـ"عربي21" ألا تحقق
تلك البادرة شيئا، معللا ذلك بأن "الهدف منها هو امتصاص الغضب الشعبي".
وأوضح أنه "الانفتاح الذي أبداه النظام مؤخرا لا يأتي عن قناعة،
كما أنه لا يحمل في طياته أي تغيير حقيقي في السياسات".
"سيقوض من داخله"
ويرى السياسي المصري عز الكومي أن "أحداث 2019 لا شك أنها ستؤثر على
2020، وأهمها على الإطلاق استشهاد الرئيس مرسي، وظهور المقاول محمد علي، ابن المؤسسة
العسكرية القريب من رجالها والعليم بخباياها، وأخيرا الإفراج عن سامى عنان بغير عفو
صحي، ما يشكل علامة استفهام خاصة، وأنه محكوم بعشر سنوات".
رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى سابقا، أضاف لـ "عربي21":
"لكن المشهد المصري ملتبس، ولا يمكن التنبؤ بما يحدث غدا في ظل حالة التجاذبات
الموجودة بالساحة الدولية".
وأوضح: "خارجيا؛ تعتبر دول أوربا أن السيسي كلب الحراسة للسواحل
الجنوبية للمتوسط، وأنه يبيع الاستقرار لها، وأن البديل له موجات متلاحقة من الهجرة
غير الشرعية للقارة العجوز قد تصل لـ20 مليون شخص".
ولفت أستاذ القانون المصري إلى أنه "وبرغم أن بعض دول أوربا تعتبر
هذا خديعة، وأن السيسي يبيع لهم الوهم، لكنها لا تقبل بحكم الإسلاميين".
وتوقع أن "يكون لفشل السيسي والإمارات بالملف الليبي تداعيات كبيرة
بدخول تركيا على الخط، وستحبط طموحات السيسي بالاستيلاء على النفط الليبي كما كان يمنيه
خليفة حفتر".
ويعتقد الكومي أن "أمريكا غير راضية عن تدخل مصر والإمارات وروسيا
بليبيا، وقد تقبل بالدور التركي، وهو ما ظهر بفشل الاتحاد الأوربي بإدانة تركيا".
داخليا يرى البرلماني السابق أن "النظام الانقلابي مؤخرا انتقل
من حالة الهجوم لحالة الدفاع، كما ظهر واضحا بالتوصيات الكثيرة والإدانات الحقوقية
الدولية التي وجهت للملف الحقوقي المصري بمجلس حقوق الإنسان، والردود على فيديوهات
محمد علي".
وقال: "بالأمس القريب، تم الكشف عن عدد ضباط الجيش المعتقلين بالسجن
الحربي والاشتباكات التي تمت بين الضباط المعتقلين وإدارة السجن"، متوقعا أن يكون
لكل هذه الأمور "أثر بالغ في 2020".
ويرى السياسي المصري أن الإفراج عن سامي عنان وإبعاد محمود السيسي إلى روسيا "يؤشر بأن هناك حالة عدم استقرار بالمؤسسة العسكرية، بالرغم من شعور
السيسي بأنه يسيطر على زمام الأمور وجمع السلطات بيده".
وختم الكومي بالقول: "لكن تظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر 2019 غيرت
هذه المعادلة، بعد النزول المفاجئ للشعب، وتمزيق صور السيسي، ووطئها بالأقدام"،
ويؤكد أن النظام سيقوض من داخله".
"لكي ننجح بـ2020"
من جانبه، قال السياسي المصري محمود فتحي: "للأسف، فالمعارضة طوال
2019 لديها أزمات حقيقية، وكانت دون المستوى بأطيافها من إسلاميين وليبراليين وغيرهم،
وهناك أزمة بخطابها، وبنيتها التنظيمية، وترتيب الأولويات، والعلاقة بغيرها، وحتى ضعف
الحاضنة والقبول الشعبي".
رئيس حزب "الفضيلة"، أكد لـ"عربي21" أنه كي تنجح المعارضة في 2020، لا بد لأجيال الوسط
والشباب تجاوز جيل الشيوخ، الذي فشل بإدارة المرحلة لمدة 10 سنوات ما قبل الثورة، ثم
إدارة الثورة، وحتى الآن".
ويعتقد أن "السيناريو المحتمل هو أن ينتج جيل الوسط والشباب حالة
تنظيمية تيارية بها قيادة تنظيمية صغيرة تؤثر بشرائح شعبية، وتصطف بمشروع وطني حقيقي،
وتستفيد من الشيوخ، وتتجاوزهم بمشاريعها الفكرية وحلولها وحاضنتها الشعبية".
ولا يتوقع مؤسس تيار الأمة أن "ينتج الإفراج عن سامي عنان، والانفراجة
السياسية مع ظهور محمد علي في 2020، إلا بدور لجيل الوسط"، مضيفا أن "خروج
عنان، والترضيات داخل الجيش، واستجابة الشارع لدعوات التظاهر؛ مؤشرات لحدوث جديد، عندما
تنتج الحالة السياسية مشاريعها، وتذهب للاصطفاف، وتتوافق على الحد الأدنى لمشروع وطني، وتلتف حولها الحاضنة الشعبية".
وأكد فتحي أنه "لا حل في 2020 إلا باصطفاف أصحاب المشاريع المتقاربة، وإقناع الشارع، ثم إعداد مشروع وطني"، لافتا إلى أن "بقاء الحالة الكلامية
بلا مشاريع، ولا مستقبل، ولا خارطة طريق، ولا قيادات رمزية وتنظيمية، يفيد السيسي".