دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، الأطراف السورية إلى "تبادل الأسرى"، ما أثار حفيظة معارضين لنظام الأسد.
ورأى معارضون في دعوة بيدرسن "مساواة بين الضحية والجلاد، والتفافا على القرارات الأممية التي تدعو النظام إلى إطلاق سراح المعتقلين، والكشف عن مصيرهم.
وأطلق بيدرسن "مبادرته" في تصريحات لوكالة "رويترز" على هامش اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة، مبررا ذلك بـ"غياب الثقة بين الجانبين، كما هو واضح، وأيضا بين سوريا (النظام) والمجتمع الدولي، لذلك نأمل أن اللجنة الدستورية يمكن أن تشكل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح".
ورأى أنه "إذا تمت عملية التبادل على نطاق واسع جنبا إلى جنب مع اللجنة الدستورية، وغير ذلك من مظاهر التغيير على الأرض في سوريا، فسيبعث ذلك برسالة مهمة مفادها أنه من الممكن أن تكون هناك بداية جديدة".
وبنظر جميع الأطراف الدولية والمحلية، فإن قضية المعتقلين قد تشكل بوابة لإطلاق العملية السياسية، غير أن المعارضة ترفض المساواة بين المعتقلين لدى نظام الأسد، الذين تقدر أعدادهم بربع مليون معتقل غالبيتهم من معتقلي الرأي، وبين أسرى النظام لدى الفصائل العسكرية، من العسكريين.
وتطالب المعارضة بالضغط على النظام في هذا الملف الإنساني، وتعتبره أولوية على رأس أجنداتها السياسية.
اقرأ أيضا: لماذا استبق الأسد "قمة أنقرة"بعفو عام.. ما علاقة روسيا؟
بدوره، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين والمفقودين، ياسر الفرحان، إن المعتقلين لدى النظام هم من السياسيين والناشطين والمتظاهرين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في حقول الإعلام والإغاثة.
وأضاف لـ"عربي21": "نقارب هذه القضية وفقا لمقتضيات العدالة بالاحتكام إلى قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يهدف في جزء من مهامه إلى حماية الأفراد من سلوك الحكومات المستبدة، وإن القانون الدولي الإنساني الذي يحكم العلاقة ما بين الأطراف المتقابلة في نزاع مسلح لا يكفي وحده لتحقيق العدالة لأن التوصيف ليس كذلك حتى بالنسبة للمنشقين ولمن حمل السلاح في حالة الدفاع المشروع.
وأكد الفرحان أن القرار 2254 المعتبر مرجعية للعملية السياسية نص في البند 12 على الإفراج عن كافة المحتجزين ابتداء من الأطفال والنساء ولم ينص على تبادل الأسرى، وكذلك كافة قرارات مجلس الأمن ابتداء من 2042 و2043 المتضمنة مبادرة المبعوث الأسبق كوفي عنان، مشيرا إلى واجب الأمم المتحدة في أن تكون حارسا للقرارات الدولية.
وقال إن بيدرسن قدم في إحاطاته لمجلس الأمن قضية المعتقلين أولوية له في عمله بالاستناد إلى القرار 2254 وهو بذلك سيعمل على تنفيذ مضمونه بغض النظر عن التصريح الأخير الذي ننظر إلى عبارة (واسعة النطاق) فيه على أنها مطالبة بتبييض السجون السرية والعلنية.
وأشار إلى تسليم المعارضة الأسبوع الماضي للأمين العام والوسيط الدولي والدول الصديقة رسائل تؤكد فيها أن إطلاق عمل اللجنة الدستورية يجب أن يترافق مع المضي قدما في الإفراج عن المعتقلين، وكذلك بحث قضايا الحكم الانتقالي وباقي الموضوعات.
وتابع: "من معرفتنا بالمبعوث الأممي، نستطيع القول إن الدعوة هنا تأتي كشكل من أشكال المحاولة منه للمضي قدما في هذا الملف، وفتح الطريق لبحث إطلاق سراح المعتقلين، وربما جاء التعبير بهذه الطريقة لكسر الجمود".
هل يستجيب النظام؟
وعن توقعاته لاستجابة النظام لهذه الدعوة، ربط الفرحان بين ذلك وبين وجود ضغط من المجتمع الدولي على النظام، منهيا بقوله: "نأمل أن تُسفر الضغوط عن إطلاق النظام لسراح المعتقلين، كما شاهدنا جدية دولية في موضوع اللجنة الدستورية".
من جانبه، اعتبر رئيس "الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين"، المحامي فهد الموسى، أن الأولى بالمبعوث الدولي الدعوة الفورية إلى تطبيق القرارات الدولية الخاصة بقضية المعتقلين، محذرا في هذا الجانب من أن تكون الدعوة هذه مقدمة للالتفاف على القرارات الدولية.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن هذه الدعوة غير كافية لمعالجة قضية المعتقلين والمختفين قسريا، لافتا إلى أن "من الضروري إطلاق سراح كافة المعتقلين وبيان مصير المختفين، قبل اجتماع اللجنة الدستورية".
مساواة بين الضحية والجلاد
وفي الشأن ذاته، اعتبر الموسى أن دعوة بيدرسن تساوي بين الضحية والجلاد، موضحا أن "المعتقلين لدى النظام هم من معتقلي الرأي، وتقدر أعدادهم بربع مليون شخص، إلى جانب 150 ألف شخص مجهولي المصير، بينما يتواجد لدى المعارضة عدد محدود من الأسرى العسكريين".
وقال: "لا يمكن المساواة بين المعتقل السياسي، والأسير العسكري حقوقيا وقانونيا"، مضيفا أنه "حري بالمبعوث الأممي أن يدعو النظام إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين".
واستدرك الموسى بأن "الأولوية اليوم لإطلاق سراح النساء والأطفال، ومعتقلي الرأي في سجون النظام، ومن بعد ذلك يتم الحديث عن تبادل الأسرى من العسكريين".
الاعتقالات مستمرة
وفي السياق ذاته، اتهم الموسى النظام السوري بمواصلة اعتقال السوريين في مناطق سيطرته، مشيرا إلى توثيق الشبكات الحقوقية لمئات حالات الاعتقال التي تسجل في مناطق سيطرة النظام، وتحديدا من العائدين لتلك المناطق.
اقرأ أيضا: تحرير الشام تنشر صور قائد مقاتلة أسقطتها بريف إدلب (شاهد)
واعتبر أن النظام لا يميز بين معارض ومحايد، حيث يصر النظام على عقاب أبناء المناطق الثائرة ضده، بالاعتقالات ومصادرة الممتلكات لمنعهم من العودة بشكل نهائي.
وتابع الموسى بأن "النظام يعتبر من كل خرج من سوريا ما بعد اندلاع الثورة إما معارضا أو محايدا يجب معاقبته، وخصوصا من فئة الشباب، لأنهم تخلفوا عن الالتحاق بالجيش".
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، قد وثقت في آب/ أغسطس الماضي نحو 600 حالة اعتقال تعسفي على يد أطراف الصراع في سوريا، بينها 362 حالة تحولت إلى اختفاء قسري، منها 269 حالة، بينها تسعة أطفال و11 سيدة، على يد قوات النظام السوري.
حديث دولي عن انتخابات "حرة"
في الأثناء دعا المبعوث الأمريكي الخاص للشأن السوري جيمس جيفري، السبت، جميع الأطراف في سوريا إلى الالتزام بالقرار الأممي 2254 بشأن تعديل الدستور.
وأضاف في تصريحات لقناة "الحرة" الأمريكية، أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومجلس الأمن سيوفرون الدعم لهذه العملية، كما يجب الالتزام بالقرار بشأن عملية تعديل الدستور السوري.
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الدستورية تحت رعاية الأمم المتحدة، في جنيف في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وفي سياق متصل، أكدت تصريحات من واشنطن وموسكو أن الخطوة التي ستعقب اللجنة الدستورية هي إجراء انتخابات، حيث اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن تشكيل اللجنة الدستورية تقدم واضح في المسار السياسي للحل في سوريا، وقال: "لقد أصبحت أمرا واقعا، ويجب أن تسبق الانتخابات السورية المقررة وفق القرار الدولي 2254 إصلاحات دستورية".
من جانبه، قال "جيفري"، في تصريح، إن الخطوة القادمة في العملية السياسية السورية بعد اللجنة الدستورية هي إجراء انتخابات بحسب قرار الأمم المتحدة رقم 2254، معربا عن ثقته بقدرة المنظمة الدولية على تنظيم انتخابات حرة في سوريا.
هذه أهمية إعادة فتح معبر القائم-البوكمال.. "استفادة ثلاثية"
لهذه الأسباب.. لن تدعم روسيا تحركا عسكريا قريبا في إدلب
مخاوف من انهيار وقف إطلاق النار بإدلب بسبب خروقات النظام