فتحت
الديون السعودية شهية المستثمرين الأجانب بشكل كبير، رغم تضرر إيرادات المملكة، أكبر مُصدر للنفط في العالم، جراء تراجعات أسعار بشكل كبير منذ منتصف عام 2014.
وشهدت أول صكوك سعودية مقومة بالدولار الأمريكي، إقبالا كبيرا من المستثمرين الأجانب، حتى أنهم تقدموا بطلبات تتجاوز 33 مليار دولار، للإصدار البالغ حجمه 9 مليارات دولار.
ورغم أن الصكوك السعودية هي أضخم طرح من الصكوك السيادية عالميا، إلا أن طلبات تقدمت تغطي الطرح أربع مرات تقريبا.
ونجحت السعودية في جمع 36.5 مليار دولار من المستثمرين الأجانب في الأسواق العالمية، ما يعكس الشهية الكبيرة لديهم على الديون السعودية.
طرح سندات
ودفعت تراجعات
النفط، الحكومة السعودية لطرح أول سندات دولة مقومة بالدولار العام الماضي، جمعت من خلالها 17.5 مليار دولار، إضافة لقرض دولي بقيمة 10 مليارات دولار.
وتُعد السندات السعودية المطروحة في تشرين الأول/ أكتوبر، هي الأضخم بين طروحات الأسواق الناشئة بشكل عام.
وبلغت طلبات الاكتتاب من المستثمرين الأجانب عليها حينها، نحو أربعة أضعاف السندات السعودية المطروحة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بنحو 67 مليار دولار أمريكي.
وارتفع حجم الدين السعودي حاليا إلى 93.4 مليار دولار، تُشكل 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فيما كان 84.4 مليار دولار بنهاية 2016، تشكل 12.3% من الناتج.
وحدثت القفزة الكبيرة في الدين السعودي بالتزامن مع تراجع أسعار النفط، صعودا من 38 مليار دولار في 2014، تشكل 5.9% من الناتج.
ورغم الارتفاع الكبير في الديون السعودية منذ تراجع النفط، إلا أنها لا زالت بين أقل دول العالم في حجم ديونها مقارنة بناتجها المحلي.
وقالت وزارة المالية السعودية، الخميس الماضي، إن حجم أول إصداراتها من الصكوك المقومة بالدولار بلغ 9 مليارات دولار تساوي 33.75 مليار ريال.
نسبة الدين
وقال مازن السديري رئيس قسم الأبحاث في شركة الاستثمار كابيتال، إن نجاح السعودية في توفير مبالغ كبيرة من الأسواق العالمية بعد تراجعات أسعار النفط يعود لأن نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي، ما زالت ضمن أقل المعدلات عالميا.
وأضاف أن التصنيف السيادي للسعودية ما زال استثماريا، ويعكس قدرتها العالية على سداد الديون من خلال التدفقات المالية الكبيرة لديها.
ومنحت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، الطرح السعودي من الصكوك، تصنيف "A1" مستقر.
وذكر السديري أن من عوامل الإقبال الكبير على أدوات الدين السعودية، وجود رؤية مستقبلية واضحة للبلاد حتى 2030.
التوجه خارجيا
وقال محمد العمران الرئيس التنفيذي لشركة أماك للاستثمارات، إن الإقبال الكبير على الصكوك السعودية يعكس الشهية الكبيرة لدى المستثمرين العالميين على الصكوك كأداة دين.
وأضاف أن الإقبال الكبير على الصكوك السعودية الأخيرة رغم خفض التسعير، يعكس ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد السعودي.
وأشار إلى أن حجم الإقبال على الديون السعودية، يشجع المملكة على طرح مزيد من الإصدارات خلال العام الجاري، بتسعير جيد.
ويفضل العمران أن تلجأ وزارة المالية السعودية للاستدانة من الأسواق العالمية خلال العام الجاري، بدلا من الضغط على سيولة البنوك المحلية، خاصة في ظل الإقبال الكبير والتسعير المنخفض.
وتعاني السعودية - أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم - في الوقت الراهن، من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه في 2014.
عجز الموازنة
وأعلنت السعودية، عن موازنة 2017 بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال تساوي 237.3 مليار دولار، وبعجز مُقدر قيمته 198 مليار ريال تساوي نحو 52.8 مليار دولار.
وفقدت الأصول الاحتياطية الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، 31% من قيمتها منذ بدء تراجعات الذهب الأسود "النفط" في منتصف 2014، بما يقارب 214 مليار دولار.
ورغم أن قيمة ما تبقى من احتياطيات يظل عند مستويات مريحة (في حدود 500 مليار دولار)، كونها تكفي لتمويل واردات البلاد لنحو 45 شهرا (أكثر من ثلاث سنوات ونصف)، إلا أن تخوفات مراوحة أسعار النفط الخام عند المستويات الحالية، يهدد بمزيد من التراجعات اللاحقة.
خسائر النفط
وتعاني أسعار النفط الخام من هبوط حاد منذ نحو عامين، نزولا من 120 دولارا للبرميل منتصف 2014 إلى حدود 50 دولارا في الوقت الحالي، الأمر الذي دفع منتجي النفط حول العالم لاتخاذ خطوات لتعزيز الإيرادات غير النفطية.
وفي 7 نيسان/ أبريل الجاري، أبقت وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمية تصنيف المملكة عند (A-/A-2) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأبقت وكالة "موديز"، في الخامس من نيسان/ أبريل الجاري، على نظرتها المستقبلية المستقرة للسعودية مع تصنيف ائتماني عند (A1).
وفي آذار/ مارس الماضي، أعلنت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، عن تخفيض تصنيف السعودية السيادي من -AA إلى +A، مع نظرة مستقبلية مستقرة.