بعد تدمير قوات النظام السوري معظم أحياء
حمص القديمة، وتهجير معظم سكانها من
السُنة، وإخراج عناصر الجيش الحر من أحيائها من خلال اتفاقية لوقف القتال تحت إشراف الأمم المتحدة، اتخذ النظام السوري قرارات جديدة للاستحواذ على مناطق أخليت من سكانها بسبب الدمار والحصار، ليتم تحويلها لمراكز خدمية لأبناء قتلى قواته من الطائفة العلوية.
وجاء في خبر نشرته صحيفة البعث التابعة للنظام السوري أن "أعضاء اللجنة الفرعية لدعم أسر قتلى الجيش السوري بحمص قدّموا عدة مقترحات للحكومة بشأن استملاك عقارات لتصبح منطقة حرفية لمصلحة ذوي القتلى وذلك بعد إخضاعهم لدورات في المهن تمكنهم من ممارسة عمل معين"، وفق قول الصحيفة.
ويقول الصحفي نبيل شوفان، الذي ينحدر من حمص، لـ"
عربي21"، إن هذه "المحاولات هي جزء من المعركة غير العادلة المفروضة على الشعب السوري عامة وأهل حمص خاصة".
ولفت شوفان إلى أن النظام، وقبل انطلاق الثورة بخمس سنوات، أعطى محافظ حمص حينها، إياد غزال، صلاحيات بهدم أجزاء من حمص القديمة لتحويلها لمرافق وأبنية تجارية يقوم باستثمارها تجار محسوبون على النظام، والآن قضية توسيع استملاك العقارات هي بالتأكيد استملاك تعسفي سيسمح للمحافظة ومسؤولي الأزمة في حمص بأن يتصرفوا بصلاحيات مطلقة بما يريدون من أملاك المهجرين".
ويعتقد شوفان أن التهجير الممنهج لأهالي حمص لم يكن عبثيا، إنما تلاه خطوات باحتلال ممتلكات السكان الهاربين من جحيم الحرب، منوها إلى ضرورة التفات المجتمع الدولي لهذه القضية ومحاسبة النظام على كافة الجرائم الإدارية وليس فقط العسكرية.
ويعيش في مدينة حمص حاليا غالبية مطلقة من أبناء الطائفة العلوية المؤيدة لنظام الحكم في
سوريا وينتشرون في أحياء عكرمة والزهراء، وذلك بعدما اضطرت معظم العائلات السنية التي كانت تقطن المدينة، للنزوح إلى لبنان والأردن وتركيا، تحت وطأة الحملات العسكرية والاقتحامات والقصف اليومي على أحيائهم.
من جانبه، يرى الصحفي ثائر الطحلي، وهو من أبناء حي الخالدية في حمص، أن تصرفات النظام منذ بداية الثورة كانت تتبلور حول إجراء تغيير ديمغرافي داخل مدينة حمص.
فعلى الرغم من كل الدعوات التي أطلقها النشطاء منذ البداية للوحدة الوطنية ونبذ
الطائفية، أصرّ النظام السوري على تهجير السكان من المناطق السنية، بالإضافة إلى طرد العائلات السنية التي كانت تقطن في الأحياء ذات الغالبية العلوية، على حد قوله.
ويضيف الطحلي لـ"
عربي21": "النظام الآن يحاول ترميم المناطق المدمرة في المدينة ويدعو سكانها إلى العودة إليها ولكن بشروط تعجيزية، أهمّها إثبات الملكية الذي بات شيئا من المستحيل بعد أن عمد عام 2012 إلى حرق سجلات الملكية العقارية، فضلا عن الاعتقال والتنكيل والتهديد بحق العائلات التي تنجح في إحضار موافقة الدخول إلى الحي من قبل الأفرع الأمنية".
ويشار في هذا السياق لدور حزب الله اللبناني الفاعل في منع عودة المهجرين السنة إلى أحياء حمص القديمة، ودعم مشاريع النظام في بناء منشآت حرفية لذوي قتلى قوات النظام والشبيحة، إضافة لتبني مشروع تجنيس عائلات شيعية لبنانية وعراقية لتوطينهم في المدينة التي يطلق عليها النشطاء اسم "عاصمة الثورة السورية".