الأحياء "المغضوب عليها" مصطلح غريب قد لا يعيه إلا من يسكن دمشق وعاين مراحل الثورة فيها منذ بدايتها، هذه الأحياء التي احتضنت الثورة منذ انطلاقتها ونظم أهلها المظاهرات، وظهر فيها بداية العمل المسلح قبل كثير من بلدات الريف، لكنها اليوم تعتبر مناطق أمنية بامتياز تحاصرها حواجز النظام وآلياته وتحاول جاهدة تهجير أهلها باسم مشاريع إعادة تنظيم العمران.
أدنى مقومات الحياة لأهالي أحياء "كفرسوسة، والشاغور، وبرزة، والمزة بساتين، وأجزاء من حي الميدان، والزاهرة، وقدسيا، ودمر البلد، وجديدة عرطوز"، كالماء والكهرباء والخبز شبه مفقودة، ففي حين تنحسر أزمة
الخبز تبدأ أزمة
الكهرباء التي تستمر حتى يتعايش الناس معها، فتبدأ أزمة جديدة كأزمة
الماء التي تشل كل شيء فيه حياة.
وحول أزمة الحياة التي تعانيها هذه الأحياء، قال الناشط من دمشق "حذيفة خالد" في حديث خاص لـ "عربي21"، إن "هذه الأحياء تعاني من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة جدا بالتزامن مع حرارة الصيف المرتفعة والتضييق الأمني عليها، بالترافق مع شح المياه حيث يعاني أهالي هذه المناطق بشدة وهم يسعون حول الصنابير المتنقلة للحصول على القليل من المياه التي لا تسد الحاجة اليومية".
وبين أن السكان اضطروا للعودة إلى بعض الأساليب البدائية للحصول على المياه، ناهيك عن بعض المشاكل التي ظهرت في ظل غياب من ينظم هذه الأمور، مشيرا إلى أنه في
أحياء دمشق البعيدة قليلا عن مركز المدينة تزداد الأزمة سوءا، حيث انتشرت في الأحياء المنظمة أي "المناطق الخاضعة لمشاريع التخطيط والتنظيم" الخاضعة لسلطة النظام، ظاهرة الصهاريج التي تعبئ الماء في الخزانات وبأسعار مرتفعة تصل لـ" 15" ليرة للتر الواحد الذي كان يباع بليرة سورية واحدة سابقا".
وقال خالد، إن "معظم سائقي الصهاريج يرتدون الزي العسكري المموه، ويتكلمون بلهجة أهالي الطائفة العلوية".
أما المأساة، فتكمن في المناطق غير المنظمة (العشوائيات) حيث الناس لا يملكون المال لشراء الماء، إضافة إلى الخلافات التي تنجم عن سرقة "محركات دفع المياه" وخاصة التي تملك قوة "سحب" أكبر وتحرم باقي البيوت الموجودة على نفس الخط من الماء، و"غالبا ما توجد هذه المحركات عند الميسورين الذين يشربون النرجيلة كل مساء مع الضابط الموجود على الحاجز القريب من حيهم".