كشف تقرير كتبه
مارك لاندر بصحيفة "نيويورك تايمز"، عن أن مساعد وزير الخارجية الجديد لشؤون نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل يرى "الحالة الرواندية" في الأزمة المتصاعدة في
سوريا.
وأشار التقرير إلى ما قاله توم مالينوسكي عندما سألته ابنته عن الدور الذي لعبته إدارة الرئيس
كلينتون قبل 20 عاما، حين فشلت الإدارة بمنع حرب
الإبادة في رواندا. ولاحظ مالينوسكي الذي كان كاتب خطابات وزير الخارجية وارن كريستوفر، أن الأخير لم يذكر كلمة رواندا في أي من خطاباته التي كتبها لرئيسه. وقال مالينوسكي "ما الذي سيقوله أبناؤنا وأحفادنا عن زماننا، قبل عشرين عاما.. مهما فعلنا، فالإجابة التي سنتفوه بها لن ترضيهم بالكامل". وما لم يقل بعد وهو واضح للعيان، هو رد
إدارة أوباما على الكارثة الإنسانية في عصرنا: الحرب الأهلية السورية.
ويقول الكاتب إن "ظلال رواندا طغت على إدارة أوباما التي لعب عدد كبير من أفرادها ممن كانوا مع كلينتون دورا مهما في نقاش المسألة الرواندية". وبحلول الذكرى العشرين للإبادة في رواندا التي تأتي في ظل التراجعات في الدبلوماسية السورية مما يعني أن إدارة أوباما "تعيش الحالة الرواندية".
وأشار الكاتب إلى خطاب ألقته مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة سامنثا باور قبل أسبوعين والذي ربطت فيه بوضوح بين الحالتين، وكان الخطاب في المتحف الأمريكي لضحايا الهولوكوست. وكانت تتحدث بعد عودتها للتو من وفد رئاسي لرواندا شارك في إحياء ذكرى المذابح هناك.
ويشير الكاتب إلى أن باور اشتهرت نظرا لنقدها الحاد لإدارة الرئيس كلينتون وفشلها عام 1994 بوقف المذابح، ولكنها أثنت على الرئيس أوباما لإنشائه لجنة في البيت الأبيض لترد بسرعة على العنف الذي يتطور إلى مذبحة. وأشارت إلى جهود هذه الإدارة من دعم حملة الناتو في ليبيا والإطاحة بالرئيس معمر القذافي عام 2011، إلى عمل المستشارين العسكريين الأمريكيين في البحث عن زعيم ميليشيا جيش الرب اليوغندي، جوزف كوني. ولكن أمام كل هذه الأعمال "تظل سوريا".
ولكنها وبعد إحصاء سلسلة من الفظائع التي شهدتها الأعوام الثلاثة الماضية من التجويع والبراميل المتفجرة والتعذيب المبرمج، تحدثت بصراحة ووضوح أن رد العالم لم يكن مناسبا وأن "هناك حاجة للقيام بجهود أكثر"، ورفضت في الوقت نفسه الدعوات لدور أمريكي في النزاع، إما التدخل أو عدم التدخل. وبالنسبة للمراقبين فقد كان هذا نوعا من التوبيخ لرئيسها الذي تحدث عن التدخل العسكري الأمريكي بنفس العبارات أثناء زيارته للفلبين.
ويقول أصدقاء باور إنها تتحدث عن الحاجة لوزن ودراسة عدد من الردود على المذابح. وما يجعل من قضية راوندا إشكالية للإدارة، هي أن المسؤولين فيها لعبوا دورا على الجانب الآخر في الأزمة. فباور التي كانت صحافية أثناءها كانت ناقدة حادة لسوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الحالية، والتي كانت في حينه موظفة صغيرة في مجلس الأمن القومي، وعبرت عن أسفها لباور بسبب تردد الولايات المتحدة في اتخاذ فعل. وقالت رايس لباور: "عاهدت نفسي أن لا أواجه أزمة مثلها أبدا، وسأقف إلى جانب اتخاذ فعل، وأتحمل اللهيب الذي تحتاجه الأزمة".
ولم تتحدث رايس عن رواندا في الآونة الأخيرة، ولكنها دافعت عن قرار الرئيس أوباما عدم التدخل في سوريا وقالت: "إن كان البديل هنا هو التدخل وإرسال قوات أمريكية هناك كما يرى البعض، إلا أن تقدير الرئيس أنها ليست في المصلحة القومية"، حيث تحدثت في شباط/ فبراير إلى برنامج (مع الصحافة)". وهذا الموقف يؤشر لخيار خاطئ ترى فيه باور نوعا من التسليم وعدم التورط.
ويرى الكاتب أن موقف مالينوسكي الذي كان مديرا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" لا يقترب من موقف رايس أو باور، ولكن لا يعني أن الدراما التي حصلت في رواندا لم تترك آثارها على الإدارة. ففي خطاب لمشروع ترومان للأمن القومي بداية هذا الشهر، تحدث مالينوسكي عن غياب الحماس العام لفعل شيء بشأن سوريا. وقارن المزاج العام غير المبالي بالخوف والقلق اللذين رافقا النقاش حول رواندا وكوسوفو والبوسنة خلال فترة كلينتون. واقتبس من كتاب باور (مشكلة من الجحيم) الذي ذكر كيف أنها قالت لناشطي حوق الإنسان إنهم بحاجة لدعم الرأي العام إن هم أرادوا وقف المذابح في رواندا. وعلق مالينوسكي بالقول: "وعدت نفسي أن لا أتخلى عن المسؤولية إذا حصل وتسلمت منصبا في الحكومة".
وكناشط لحقوق الإنسان، دعا مالينوسكي الإدارة الأمريكية إلى العمل وتقديم الدعم الإنساني ووقف المذابح في سوريا، ولكنه تعاطف مع وضع أوباما والخيارات الصعبة التي يواجهها هناك. ومن خلال موقعه كمسؤول في مجال حقوق الإنسان فإن بإمكانه أن يمارس الضغط من الداخل. ولم يتحدث مالينوسكي عن سوريا في سياق حديثه عن رواندا، لكن الحاضرين فهموا الرسالة.
ونقل الكاتب عن أحد رموز المحافظين الجدد إليوت أبرامز: "بدا لي وكأنه رمى التحدي" أمام الإدارة. ويقول زملاء سابقين لمالينوسكي إنه يشعر بالشجاعة للحديث عن الوضع السوري بسبب موقف جون كيري، وزير الخارجية الداعي إلى دعم المعارضة أكثر من موقف أوباما.
ومع اقتراب إدارة أوباما من نهايتها يدور الحديث عن الإرث، وكل هؤلاء المسؤولين يبدو أنهم راغبون بالحفاظ على سمعتهم بعد مغادرتهم المناصب. ومن هنا فإن دوافعهم شخصية. وفي حديثه عن ابنته، لاحظ مالينوسكي أنها كانت تقرأ كتاب باور الذي وصف لقاء رفض فيه البيت الأبيض التحرك في رواندا "ماذا تفعلون في هذا الوقت"، " أشعر بالفضول"، وسيظل الجواب على هذا السؤال في الوضع السوري مخيبا كما يقول الكاتب.