مقالات مختارة

إلى القيادات الفلسطينية: فلترفضوا بطاقات VIP كبداية

علي الصالح
 البوادر تشير إلى أن الانتفاضة مقبلة لا محالة- وفا
البوادر تشير إلى أن الانتفاضة مقبلة لا محالة- وفا
حكومة الاحتلال ونتيجة غلها وغضبها من الإنجازات السياسية والدبلوماسية التي حققتها السلطة الفلسطينية، أيا كان وزن هذه الإنجازات، وحتى إن اختلفت حولها الآراء، وأيا كان تقييمنا للمعركة السياسية والدبلوماسية على أرض الأمم المتحدة، وغيرها من الساحات الدولية، بدأت بسحب بطاقات الشخصيات المهمة VIP في السلطة الفلسطينية، ولو إلى حين تدخل الوسطاء، وإيجاد حلول وسط، تتطلب من رجال السلطة ربما تقديم مزيد من التنازلات في زمن حكومة الثالوث الفاشي العنصري الصهيوني بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود وإيتمار بن غفير زعيم القوة الصهيونية وبتسلئيل سموتريتش رئيس حزب الصهيونية المتدينة.

بدأ بن غفير وزير الأمن القومي خطوته هذه التي تعكس إفلاسا سياسيا، كما وصفتها وزارة الخارجية الفلسطينية، بشخصيتين بارزتين في قيادة المعركة السياسية والدبلوماسية هما، رياض المالكي وزير الخارجية ورياض منصور المندوب الفلسطيني الدائم في الأمم المتحدة، ومحاولة حرمانهما من حرية التحرك وسرعته، ظنا منه أنه بذلك سيعيق الإنجازات الفلسطينية السياسية والدبلوماسية على الساحة الدولية.

وألحق بن غفير هذا القرار بقرار آخر بسحب هذه البطاقات من ثلاثة من قيادات حركة فتح هم، نائب رئيس الحركة محمود العالول وعزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح وروحي فتوح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، عقابا لهم لتجاوزهم «الخط الاخضر» لزيارة الأسير المحرر ورفيقهم في اللجنة المركزية كريم يونس، داخل مناطق 1948، الذي أفرج عنه بعد قضاء كامل مدة حكمه (40 عاما) في معتقلات الاحتلال، إضافة إلى وضع اليد على 139 مليون دولار من أموال السلطة. وشملت العقوبات أيضا إلغاء تراخيص بناء أعطيت مؤخرا للفلسطينيين القاطنين في المناطق المصنفة «ج» الخاضعة أمنيا وإداريا لجيش الاحتلال، ويسعى المستوطنون لبسط سيطرتهم عليها.

ويتوقع كما أسلفنا، أن تتراجع حكومة نتنياهو عن عقوباتها، وهذه تقديرات مسؤولين أمنيين في قيادة الجيش والأمن الإسرائيليين، بأن هذه الحكومة الإسرائيلية ستجد نفسها مرغمة على رفع هذه العقوبات التي فرضها المجلس الوزاري الأمني المصغر «الكابينت» على السلطة الفلسطينية. وستجد إسرائيل حسب المسؤولين الأمنيين طريقة لتحويل أموال الموازنة للسلطة، حتى لا تلحق بها ضربة اقتصادية شديدة، ويتوقع أيضا إعادة تصاريح الـVIP التي تم سحبها إلى أصحابها. ولكن لما لا نعتبر هذه العقوبات، خاصة سحب بطاقات VIP، فرصة لرفض هذه البطاقات التمييزية بين فئات الشعب الفلسطيني، والإصرار على رفضها تضامنا معه، وهو الذي يعاني الأمرين ويتذوق طعم المرار ويخاطر يوميا بحياته على مئات الحواجز، التي أصبحت مصائد للاعتقال والقتل. ويقضي الساعات الطويلة في انتظار السماح له بعبور الحاجز وقد لا يسمح، فذلك يعتمد على مزاج صبي لا يتجاوز الـ18 سنة من عمره مدجج بالسلاح، ويحرمهم من دخول القدس، وزيارة الحرم القدسي الشريف، وأحيانا يحرمهم من حياتهم، علما أن العديد من الفلسطينيين، شيبا وشبانا، ذكورا وإناثا، فقدوا حياتهم على هذه الحواجز، إما بإطلاق النار عليهم بذرائع مختلفة، وإما بالدهس. ونتمنى ويظل ذلك في إطار التمنيات طبعا، لو أن جميع حاملي البطاقات الحمراء في السلطة الفلسطينية، يبادرون إلى رفض هذه البطاقات وتمزيقها وحرقها طواعية؛ تنفيذا لقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، بوقف التعامل مع أوسلو ومخلفاتها، وسط دوار المنارة في رام الله وغيرها من الميادين في المدن الأخرى، وتحت أنظار وسمع أبناء شعبهم، مؤكدين بذلك تضامنهم معهم، وليس فقط تضامنا مع زملائهم الذين سحبت بطاقاتهم، بل تعبيرا عن رفض أحد رموز الاحتلال التي تميز بين مواطن ومواطن، وتأكيد حق الفلسطيني في حرية التحرك فوق أرضه، ونعتبرها مقدمة لعصيان مدني ضد الاحتلال يكون بداية وتمهيدا ومقدمة لانتفاضة فلسطينية ثالثة، وهو ما يخافه الإسرائيليون ويحذرون من وقوعه. جاء ذلك على لسان رئيس الوزراء السابق يئير لبيد بقوله: «أنا قلق من أن إيتمار بن غفير، يقربنا من انتفاضة ثالثة». وهذه الحكومة ستبعد الإدارة الأمريكية عن منطقة الشرق الأوسط. إن ما أنجزته السلطة على الساحة الدولية هو عمل مقاوم بكل ما في الكلمة من معنى، ولا يقل أهمية عن أعمال المقاومة الأخرى، بل ربما يكون في مرحلة متقدمة أكثر أهمية، فأي قضية مهما كانت، يفترض أن تحسم في النهاية سياسيا، وقد أدركت حركة حماس أهمية هذا الإنجاز الذي ما كان لها أن تقوم به بسبب برنامجها وموقفها السياسيين، وعبرت عن ذلك بإدانتها العقوبات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية. وقالت الحركة، في بيان: «ندين بشدة إقدام حكومة الاحتلال الفاشية على فرض ما سمته إجراءات عقابية ضد شعبنا والسلطة الفلسطينية». وأضافت: «نعد ذلك جريمة وتغولا صهيونيا ضد حقوقنا الطبيعية، ومحاولة منه للتأثير في القرار الأممي بملاحقته أمام محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية». ودعت الحركة السلطة «إلى عدم الرضوخ لتلك التهديدات والابتزازات، والمضي قدما في ملاحقة الاحتلال الصهيوني أمام المحاكم الدولية». كما دعت إلى «تعزيز جبهتنا الوطنية الداخلية لمواجهة غطرسة الاحتلال وحكومته الفاشية، التي تمعن في انتهاك حقوق شعبنا في أرضه ومقدساته». ونتمنى من جانبنا أن يُستغل الوضع الراهن والإجراءات الإسرائيلية، كنقطة انطلاق لمصالحة حقيقية يعرف فيها كل طرف حدوده ومجال نشاطه وإمكانياته التي يفترض أن تكون مكملة للآخر. وأتفق مع مطالبة القوى الوطنية والإسلامية القيادة الرسمية الفلسطينية، ليس تغيير سياساتها وتوجهاتها تجاه استمرار العلاقة مع الاحتلال، بل تطويرها، فسحب الاعتراف بأوسلو تجاوزته الأحداث لأنه لم يعد قائما أصلا، لا لأن القيادة الفلسطينية ترفضه واتخذت قرارات على أعلى المستويات لسحب الاعتراف به، بل لأن عدونا هو الذي أقدم على هذه الخطوة وسحب اعترافه بأوسلو. أما في ما يتعلق بالتنسيق الأمني، فإنه لم يعد قائما كما السابق، وإنما وجوده يفترض أن يخدم المصلحة الفلسطينية.

وأخيرا، فإن الوحدة الميدانية والسياسية لجميع مكونات شعبنا هي الركيزة الأهم في مواجهة هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وعلى جميع المكونات الوطنية، الإسراع بالتوافق على استراتيجية وطنية شاملة تعيد الاعتبار للمشروع الوطني، وتعيد قاطرة النضال ضد الاحتلال إلى مسارها الصحيح. فالوحدة الميدانية والسياسية لجميع مكونات شعبنا هي الركيزة الأهم في مواجهة هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة، داعية جميع المكونات الوطنية للإسراع بالتوافق على استراتيجية وطنية شاملة تعيد الاعتبار للمشروع الوطني، وتعيد القاطرة إلى مسارها الصحيح.

وفي الختام نتساءل مع بعض التفاؤل: هل حان وقت انطلاق الانتفاضة الثالثة؟ كل البوادر تشير إلى أن الانتفاضة مقبلة لا محالة، إلا إذا تراجعت حكومة الاحتلال الفاشية عن كل سياساتها الاستيطانية الاستعمارية. الصدام والانفجار الكبيران أراهما وشيكين بعدما أصبحت الأوضاع غير محتملة، خاصة عقب توصل الرئيس أبو مازن صاحب المقولة المعروفة «مقاومة سلمية غير مسلحة وغير عنفية»، إلى أنه لا يستبعد اللجوء للكفاح المسلح، لقد وصل السيل الزبى.

(عن صحيفة القدس العربي)
التعليقات (1)
ابوعمر
السبت، 14-01-2023 07:28 ص
هؤلاء جزم يا سيدي ...جزم على مقاسات ارجل الصهاينة....