تقارير

فيحاء عبد الهادي.. نموذج لتوثيق الذاكرة الشفوية الفلسطينية

فيحاء عبد الهادي أبرزت دور المرأة الفلسطينية في الكفاح الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني
فيحاء عبد الهادي أبرزت دور المرأة الفلسطينية في الكفاح الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني
يعتبر الأدب الفلسطيني بأشكاله المتعددة من شعر ورواية وقصة وكذلك النقد، بحد ذاته أحد نتاجات  الهوية الوطنية الفلسطينية ودعاماتها الراسخة، كما تعد عملية توثيق الذاكرة الشفوية الفلسطينية الجمعية عاملاً حاسماً لترسيخ الرواية الفلسطينية الحقيقية في مواجهة زيف الرواية الصهيونية لاحتلال فلسطين؛ وفي هذا السياق نستحضر سيرة الدكتورة فيحاء عبد الهادي، كقامة نسوية في الشعر وتوثيق الذاكرة بعد نبشها، فضلاً عن بحوثها العديدة حول دور المرأة الفلسطينية في الكفاح الفلسطيني ضد المحتل الصهيوني.    

سيرة فيحاء

استطعنا اسحضار سيرة الدكتورة فيحاء عبد الهادي بالاعتماد على صفحتها الشخصية ؛فهي كاتبة، وشاعرة، ومستشارة بحثية، وناشطة مجتمعية نسوية، ومحاضِرة. هي المؤسِّسة والمديرة العامة لمؤسسة "الرواة للدراسات والأبحاث"، وهي عضوة في "المجلس الوطني الفلسطيني"، وفي "المجلس المركزي الفلسطيني"، وعضو مجلس المفوّضين في "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، في فلسطين، ورئيسة مجلس الأمناء في "المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية ـ مسارات"، وهي المنسقة الإقليمية للمنظمة النسوية: "نساء من أجل السلام عبر العالم".

لها تجارب غنية ومتنوعة طويلة، في مجالات بحثية متعددة، في الدراسات النقدية الأدبية، وفي التاريخ الشفوي، وفي قضايا المرأة، وفي الكتابة السياسية. صدر لها أربعة عشرَ كتاباً، وعشرات الدراسات والمقالات المنشورة، بالعربية والإنجليزية. ولدت عام 1951 في مدينة نابلس، واعتقلها الاحتلال الإسرائيلي في سن السادسة عشر من عمرها، وتعرضت للتعذيب ثم أُبعدت عام 1969 مع والدتها المناضلة عصام عبد الهادي أول رئيسة لاتحاد المرأة الفلسطينية.حصلت فيحاء على درجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة القاهرة عام 1990، ونالت قبل ذلك على شهادة البكالوريوس في الفنون المسرحية أيضا، وعاشت في المنفى لمدة 27 عاما، وسمح لها بالعودة إلى فلسطين عام 1996 للمشاركة في جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، وهي عضوة فيه. في عام 1998 أسندت إليها مهمة توثيق المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية منذ الثلاثينيات بالاعتماد على "التأريخ الشفوي" بجمع روايات النساء الرياديات أو الروايات عنهن، وكان هذا بداية دخولها هذا المنهج البحثي.

نتاجات فيحاء عبد الهادي 

أنهت فيحاء عبد الهادي كتابها الثاني "أدوار المرأة من منتصف الستينيات وحتى بداية الثمانينيات" عام 2012 ونشر أيضا عام 2015، وتمت ترجمته للغة الإنجليزية، وفيه نشرت أكثر من مئتي رواية لنساء ورجال قبل وبعد النكبة؛ بعد انتهاء هذا العمل، توجهت عبد الهادي لجمع الروايات كمشروع شخصي لها، فأسست مركز الرواة للدراسات والأبحاث عام 2012، وأصدرت باسمه كتابي "ذاكرة حية"، و"مرآة الذاكرة"، وفي هذه المرحلة اعتمد البحث على الوصول إلى أي فلسطيني عايش النكبة ورواية التهجير لندرة وجودهم الآن بسبب وفاة أغلبيتهم. 

عملت فيحاء عبد الهادي كمنسقة إقليمية للمنظمة النسوية: "نساء من أجل السلام عبر العالم"، كما عملت كمستشارة بحثية، لدى "اليونيسيف"، في مصر، و"إدارة تخطيط وتطوير المرأة/ وزارة التخطيط والتعاون الدولي"، ومركز المرأة الفلسطينية للأبحاث والتوثيق/ اليونيسكو، في فلسطين، بالإضافة إلى تجارب غنية ومتنوعة طويلة، في مجالات بحثية متعددة، في الدراسات النقدية الأدبية، وفي التاريخ الشفوي، وفي قضايا المرأة، وفي الكتابة السياسية. 

صدر لها أربعة عشرَ كتاباً، وعشرات الدراسات والمقالات المنشورة، بالعربية والإنجليزية؛ ومن اهم اصداراتها؛كتاب مرآة الذاكرة عام 2017؛ كتاب ذاكرة حية عام عام 2017، واكدت خلال الكتاب بأن شهادات الفلسطينيين الذين هُجّروا عام 1948، على أن القوات الصهيونية قد لجأت إلى الطرد المنظَّم لعائلات فلسطينية بأكملها، بوسائل عدة، منها القتل المباشر، بقصف الطائرات، والدبابات، والمصفحات، وإطلاق الرصاص الحي، ومنها القتل غير المباشر، بواسطة الترويع، وبث الذعر في النفوس، من خلال ارتكاب المجازر، والاعتراف بهذه المجازر؛ بل وتضخيمها مما يؤكِّد أن ما حدث هو تطهير عرقي بامتياز. 

وتبين من وصف الرواة لحياتهم الجميلة الهانئة في قراهم ومدنهم؛ أنهم لم يفكروا يوماً بالرحيل،كما تبين كما تؤكد عبد الهادي بان الفلسطينيين الذين تمّ تشريدهم بالقوة من بيوتهم؛ اعتقدوا أنهم سوف يعودون إليها بعد فترة قصيرة، وكانوا ينوون العودة إليها بعد انتهاء الهجوم المباغت.ومن خلال سرد رواياتهم تتّضح ملامح مؤامرة التهجير المستمرة، التي خططت لها الحركة الصهيوينة ضد الشعب الفلسطيني، وبدأت باعتداء من عصاباتها المسلحة، ثم بالتدخل العسكري المباشر من القوات الصهيونية، ثم بملاحقة الناس بإطلاق النار وراءهم، أما من بقوا في البلاد؛ فقد لجأت القوات الصهيونية إلى طردهم، تحت تهديد السلاح.

كما أشارت فيحاء عبد الهادي إلى أن روايات المهجَّرين الفلسطينيين لم تحمل تفاصيل التهجير القاسية فقط؛ بل حملت في حناياها أيضاً قوة الحق، الذي يتمثَّل بالإصرار على العودة، مهما طال الزمن، وتلك الروايات الموثقة تساهم في إثراء الرواية الفلسطينة الأخلاقية، وتشكيل الرواية الفلسطينية الجمعية كما تؤكد الدكتورة فيحا عبد الهادي؛ فضلاً عن ذلك أصدرت كتبا أخرى ومنها؛ أدوار المرأة الفلسطينية في الثلاثينيات: المساهمة السياسية للمرأة الفلسطينية؛ أدوار المرأة الفلسطينية منذ منتصف الستينيات حتى عام 1982؛ الأمل هو أغلى ما أملك؛ اضافة الى عدة كتب حول دور المراة الفلسطينية في السياسة ؛اضافة الى ذلك كتبت قصيدة بعنوان (ورْدَةُ الرّوح )، لكن الثابت انه من اهم كتب الدكتورة فيحاء عبد الهادي التوثيقية (بيبلوغرافيا التاريـخ الشفـوي الفلسطيني) الصادر عام 1999 عن إدارة تخطيط وتطوير مشاركة المرأة / وزارة التخطيط والتعاون الفلسطينية، ضمن سلسلة النشاطات التي نفذتها المؤسسات الفلسطينية، في الذكرى الخمسين على النكبة، أمد الله في عمر الدكتورة فيحاء عبد الهادي ورعاها لخدمة شعبها المكلوم وترسيخ الهوية الوطنية الفلسطينية العصية عن الطمس والتغييب.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم