تقارير

باقة الغربية.. تاريخ من المقاومة ضد الانتداب

مشهد لأحد الأحياء السكنية في باقة الغربية- فلسطين
مشهد لأحد الأحياء السكنية في باقة الغربية- فلسطين

تعد إحدى المدن المركزية في ما يعرف بمنطقة المثلث ذات الغالبية العربية وتتبع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهي إحدى المدن العربية في لواء حيفا.

تقع مدينة باقة الغربية إلى الشمال من مدينة طولكرم على مسافة 12 كلم منها، وتحيط بها قرى قفين، ونزلة عيسى، وباقة الشرقية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وميسر وجيت من الجانب الإسرائيلي.

وهي خامس أكبر مدينة عربية في فلسطين المحتلة عام 1948، بعد الناصرة وأم الفحم وشفا عمرو والطيبة.

وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية المدينة، فمنهم من قال إنها الحزمة من الزهر أو البقل، وجمعها باقات، وهناك رأي للدكتور محمد عقل يقول إنها سميت "قرية باقاط"، التي تعني باللغة المصرية القديمة "الثُلث" أو "الربع"، لأن سكانها جاءوا إليها من القرى المجاورة وعملوا في زراعة أراضيها نظير حصولهم على ثلث المحاصيل، وكانت باقة مزرعة كبيرة، تجرى فيها المحاصصة، فحرفت من "باقاط" إلى "باقة" مع مرور الزمن. والرأي الثالث للأديب الفلسطيني فاروق مواسي (ابن باقة الغربية) الذي قال إن التسمية أخذت من كلمة "باخوس" عند الرومان، وهو ما يزعم أنه إله الخمر.

ويعود تاريخ باقة الغربية إلى القرن الثاني عشر الميلادي، حيث ذكرها المقريزي في كتابه "السلوك في معرفة دول الملوك".

وفي عام 1265 قطع الظاهر بيبرس هذه القرية مناصفة بين الأميرين، علم الدين الظاهري وعلاء الدين التنكزي، عندما تم تقسيم القرى والمدن في فلسطين وإهداؤها للمجاهدين الذين حاربوا ووقفوا في وجه الغزاة الصليبيين والبيزنطيين.

وتعود أولى الوثائق الرسمية العثمانية المتعلقة بباقة إلى عام 1841، حيث وثق عدد سكان القرية آنذاك بنحو 380 نسمة، وفي السنة نفسها بني أول مسجد في القرية ولا يزال قائما، ويسمى المسجد القديم.

وبعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ووقوع المنطقة تحت الهيمنة البريطانية، فقد فرضت سلطات الانتداب البريطاني على القرية حكما عسكريا مشددا.

ومثل بقية القرى الفلسطينية أثناء فترة الثورة الفلسطينية الكبرى ما بين عامي 1936 و1939 فرضت بريطانيا حالة الطوارئ والأحكام العرفية والعقوبات الجماعية على كل قرية يكتشف فيها وجود مسلحين.

أنشأت القوات البريطانية معسكرا في المدرسة الفوقا (المعروفة اليوم باسم مدرسة الغزالي) وفي عام 1938 اشتبكت القوات البريطانية مع مقاتلين عرب قتل إثر ذلك ضابط بريطاني وجرح ثلاثة آخرون، واستمر إطلاق النار إلى ساعات الصباح التالي حيث ارتفع عدد القتلى من الجانب البريطاني إلى ثلاثة.

وفي اليوم التالي أمرت القوات البريطانية جميع سكان القرية بإخلاء منازلهم من دون أن يأخذوا معهم شيئا من أغراضهم، ثم أخرجت من رفضوا بالقوة وجمعتهم في مناطق مكشوفة. وبعد ذلك بدأ قصف كثيف على القرية انتهى في ساعات المساء مخلفا دمارا شاملا حيث أحرقت معظم البيوت الخشبية الصغيرة ودمر أكثر من 70 منزلا تماما. وبعد القصف اقتيد سكان القرية إلى معسكر نور شمس القريب من طولكرم مشيا على الأقدام.

في اليوم التالي أعيد سكان القرية إليها ليروا ما بقي منها بعد القصف وانتشر الأمر بسرعة في المدن الفلسطينية، وكانت هذه الحادثة إحدى أكبر الهجمات البريطانية على القرى العربية أثناء الثورة، وقدمت المدن والقرى المجاورة مساعدات مادية لسكان القرية أثناء إعادة إعمارها.

وبموجب اتفاقية رودس عام 1949 بين الأردن ودولة الاحتلال، سلمت القرية للإسرائيليين.

يشار إلى أن القرية كانت تسمى "باقة"، إلا أن تغيير الاسم إلى "باقة الغربية" جاء بعد قرار تقسيمها ضمن اتفاقية رودس، إذ كان الخط الأخضر لوقف إطلاق النار يمر عبرها، ما أدى إلى تقسيمها إلى قسمين: قسم شرقي سمي "باقة الشرقية" وقعت تحت الحكم الأردني (حاليا تحت إدارة السلطة الفلسطينية)، وقسم غربي سمي "باقة الغربية" تحت الحكم الإسرائيلي.

 

الجدار العازل شكل عائقا اجتماعيا واقتصاديا على باقة الغربية والقرى المجاورة

وقد فصل جدار الفصل العنصري الذي بناه الاحتلال باقة الغربية عن الشرقية، وأصبح التنقل بين أرجائهما أمرا صعبا يتطلب ساعات بعد أن كان يستغرق دقائق قليلة. وقد سبب الجدار في تغيير جغرافية المكان وتسبب في حالة من الركود الاقتصادي والتجاري وتفشي البطالة إلى صفوف العمال كما أنه أثر سلبيا على حرية تنقل البضائع.

وتسكن مدينة باقة الغربية عائلات نزحت من مناطق مختلفة من فلسطين، بالإضافة إلى بعض المصريين من بقايا الحملة المصرية. ويبلغ تعداد سكان المدينة حاليا نحو 32 ألف نسمة.

وتلعب المدينة دورا اقتصاديا مهما بالنسبة لمحيطها الجغرافي القريب، فهي تحتوي على عدد كبير من ورشات العمل والمصانع التي تختص بعدة مجالات، وتضم أكثر من 400 ورشة متنوعة ما بين إنتاج مواد البناء والزجاج والطباعة.

وتزدهر المدينة في موسم جني الزيتون، وتعود معاصر زيت الزيتون المنتشرة للعمل مع بدء القطاف.

 

                                     كلية تربية القاسمي

المصادر

ـ د.محمد عقل، باقة الغربية في دفتر ضريبة عثماني، موقع فلسطين في الذاكرة، 29/12/2012.
ـ  صبحي بيادسة، باقة الغربية تاريخ لا ينسى : مسيرة وتاريخ. 
ـ  باقة الغربية، الجزيرة نت، 15/11/2014.
ـ باقة الغربية، موقع موسوعتي الإلكتروني.


التعليقات (0)