اقتصاد دولي

هل تصبح الصين بوابة روسيا للهروب من العقوبات الاقتصادية؟

فقد الروس أكثر من ثلث قيمة أموالهم منذ العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو- جيتي
فقد الروس أكثر من ثلث قيمة أموالهم منذ العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو- جيتي

تكثف السلطات الروسية جهودها للبحث عن مخرج للتغلب على العقوبات الغربية الشاملة المفروضة على موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا، وسط تساؤلات عن البدائل التي يمكن أن تلجأ لها روسيا لوقف نزيفها الاقتصادي وتهدئة هلع المستثمرين والشركات الكبرى.

 

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أقر الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية سلسلة عقوبات شاملة ضد روسيا استهدفت اقتصادها ونخبتها السياسية والعسكرية وقطاع الطيران ووسائل إعلامها الحكومية في أوروبا.

 

مأوى بديل

 

وحول خيارات موسكو للتغلب على العقوبات الغربية، نشرت مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية، "إيه إن زد (ANZ)" مذكرة قالت فيها، إن البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة السيادية في روسيا يمتلكان ما يقرب من ربع الحيازات الأجنبية من السندات الصينية، مرجحة أن يوفر ذلك مأوى من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، وأن تستخدم روسيا أصولها باليوان ونظام الدفع الصيني عبر الحدود لمواجهة تأثير العقوبات.

 

وقدر المحللون في "ANZ" حيازات سندات اليوان للبنك المركزي الروسي وصندوق الثروة الوطني الروسي بـ 80 مليار دولار و60 مليار دولار على التوالي. قائلين: "نحن نراقب ما إذا كانت روسيا ستعمل على تصفية الأصول إذا كانت هناك حاجة إلى نقود اليوان الصيني للوفاء بالتزامات الدفع الأخرى".


ودخلت الأسواق المالية الروسية في حالة من الاضطراب بسبب العقوبات المفروضة جراء غزو أوكرانيا، وهو أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية. وسمحت الصين بدخول البنوك الروسية لنظام تسوية المدفوعات الخاص بها، والذي يُنظر إليه على أنه بديل لنظام "سويفت"، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية.

 

وتستكشف الشركات الروسية، بحسب الوكالة الأمريكية، الحلول البديلة مع حلفاء الأسواق الناشئة، وخاصة الصين، لمواجهة العقوبات الغربية، مؤكدة ارتفاع تسوية المعاملات باليوان على حساب الدولار.

وقالت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، إن الاقتصاد الروسي يواجه وضعا غير عادي، ولكن المصرف فعل كل شيء لضمان قدرة النظام المالي للبلاد على مواجهة أي صدمات، والآن سيتأقلم بكل تأكيد، بحسب "سبوتنك" الروسية.

 

وأشار البنك سابقا إلى أن النظام المصرفي الروسي لديه موارد كافية لدعم الاستقرار وضمان عمليات القطاع المالي في البلاد في أي موقف، مؤكدا أن البنية التحتية المالية تعمل دون انقطاع، ويمكن أن يحل النظام المحلي للرسائل المالية محل نظام "سويفت".

 

خفض التصنيف الائتماني

 

وفي السياق، خفضت وكالتا التصنيف الائتماني فيتش وموديز تصنيف روسيا التي أصبحت في فئة البلدان المعرضة لخطر عدم القدرة على سداد ديونها، بعد غزو أوكرانيا. 


وخفضت وكالة موديز تصنيف ديونها طويلة الأجل من "بي ايه ايه3" إلى "بي3". وقالت إنها ستتابع مراقبتها لروسيا في مواجهة العقوبات الغربية. من جهتها خفضت فيتش تصنيفها من "بي بي بي" إلى "بي" مع آفاق سلبية. 

وتجعل الدرجتان ديون روسيا في فئة الاستثمارات غير الآمنة وستعقدان إمكانية حصول البلاد على تمويل، إلى جانب العقوبات التي تمنع المستثمرين الأمريكيين من شراء ديون روسية جديدة وموسكو من الوصول إلى أسواق رأس المال الأوروبي.

وقالت موديز في بيان إن "خفض تصنيف روسيا درجات والإبقاء على المراقبة (...) نجم عن العقوبات الشديدة التي فرضتها الدول الغربية على روسيا"، ولا سيما ضد البنك المركزي والمؤسسات المالية الروسية الكبرى ردا على غزو أوكرانيا. 

وأشارت إلى "زيادة خطر الاضطراب" في سداد الديون السيادية الروسية في مواجهة "العقوبات المنسقة" و"المخاوف الرئيسية بشأن استعداد روسيا" لدفع خدمة ديونها. 

وتابعت موديز أن ما يزيد من الخطر هو أن عقوبات "أوسع وأخطر متوقعة" تحد من الوصول إلى احتياطات روسيا الدولية التي تهدف إلى امتصاص الصدمات الكبرى. 

وبين العقوبات الاقتصادية التي فرضت على موسكو استبعاد الاتحاد الأوروبي سبعة مصارف روسية اعتبارا من 12 آذار/مارس من نظام سويفت الأساسي في التمويل الدولي. 

من جهتها، قالت فيتش إنها تتوقع مزيدا من العقوبات ضد البنوك الروسية، الأمر الذي سيؤدي إلى اضطراب كبير على الأمد القصير لكنه سيؤدي أيضًا إلى عوائق طويلة الأجل أمام فاعلية إبرام الصفقات.

وأكدت أنه في حال طال أمد النزاع في أجواء ضعف النمو الاقتصادي، سيكون خطر عدم الاستقرار السياسي في روسيا أكبر. 

وقالت فيتش إن "شدة العقوبات (...) تمثل صدمة كبيرة لأسس الائتمان لروسيا ويمكن أن تقوض رغبتها في خدمة ديونها السيادية". وأضافت أن تشديد العقوبات وتدهور العلاقات الدولية قد يؤديان إلى خفض جديد لتصنيف الدولة. 

 

"هلع اقتصادي"

 

ومنذ الإعلان عن عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا ردا على غزو موسكو لأوكرانيا، استيقظ الروس على اقتصاد مغاير تماما.. لقد فقدت أموالهم أكثر من ثلث قيمتها في غضون أيام قليلة، ولا يمكن لطائراتهم التوجه إلا إلى حفنة من البلدان وباتت وظائفهم ورواتبهم وقروضهم مهددة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

 

ووصفت رئيسة مجلس النواب الروسي، فالنتينا ماتفينكو العقوبات بأنها "غير مسبوقة"، ودعت "الجميع إلى التفكير وتحليل كل ما يمنع" عالم الأعمال من العمل مشددة على عدم "الهلع".

 

وأعلن البنك المركزي الروسي، عن إجراءات تحظر على الأجانب بيع أسهمهم الروسية وسحب الأموال من السوق المالية الروسية لمواجهة نزيف الاستثمارات الأجنبية. كما يحظر مغادرة روسيا مع أكثر من 10000 دولار نقدا.

وأيدت وزارة المالية إلغاء ضريبة القيمة المضافة على مشتريات الذهب من قبل الأفراد، مقترحة عليهم تفضيله على شراء العملات الأجنبية.

وأعلن سبيربنك أكبر بنك في روسيا، الذي كان مربحا للغاية قبل أسابيع قليلة، انسحابه من السوق الأوروبية الأربعاء ما تسبب في انهيار بنسبة 95 بالمئة في قيمة أسهمه في بورصة لندن. وتعلن الشركات الروسية كما الأثرياء الروس تحت العقوبات عن تراجع أنشطتهم، بينما تسارع الشركات الأجنبية للإعلان عن وقف خدماتها في روسيا. 

 

التعليقات (0)