هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدا واضحا خلال اليومين الماضيين احتفاء وسائل الإعلام الموالية لنظام عبدالفتاح السيسي في مصر بالاحتجاجات التي تشهدها السودان مؤخرا بسبب ارتفاع أسعار الخبز.
واهتم الإعلام المصري بمتابعة التظاهرات السودانية، والتأكيد على أنها رد فعل على مساوئ نظام عمر البشير، وتخصيص مساحات واسعة لعرض وجهة نظر أحزاب المعارضة، مع التركيز على ممارسات قوات الأمن تجاه المتظاهرين، داعيا المواطنين السودانيين لمواصلة الاحتجاج على تدهور أوضاعهم المعيشية.
وكانت رقعة الاحتجاجات الشعبية قد اتسعت في السودان خلال الأيام الماضية ضد قرار الحكومة برفع أسعار الخبز، حيث خرج آلاف المواطنين للشوارع، قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن وتفرقهم باستخدام الغازات المسيلة للدموع.
البشير صانع الأزمات
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "اليوم السابع" عن المعارضة دعوتها للسودانيين بالنزول إلى الشوارع، رفضا لسياسات النظام، متهمة الرئيس السوداني عمر البشير بصناعة الأزمات في البلاد.
وأضافت أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خاصة السكر والكهرباء والقمح، لمستويات قياسية غير مسبوقة، هو السبب وراء اشتعال نيران الغضب الجماهيري.
ونشرت الصحيفة بيانات متعددة وتصريحات لأحزاب المعارضة وقادتها، الذي أكدوا استمرار أعمال المقاومة السلمية الرافضة للقرارات الحكومية الأخيرة، مؤكدة أنه لا مخرج من هذه الأوضاع إلا بالإطاحة بنظام عمر البشير وإعادة السلطة للشعب.
كما أشاد الإعلامي المقرب من النظام، عمرو أديب، بما أسماه "المظاهرات العارمة التي تجتاح السودان" بعد رفع أسعار الخبز، مستغربا عدم متابعة المصريين لما يجري في السودان بشكل جيد، على عكس اهتمام الإعلام السوداني بالشأن المصري.
وعرض أديب عددا من مقاطع الفيديو لمواطنين سودانيين يشتكون من غلاء أسعار المواد الغذائية في بلادهم، من بينها فيديو تظهر فيه طفلة سودانية تهدد البشير بالإطاحة به بسبب ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى فيديو لإحدى السيدات تهاجم البشير قائلة: "الشعب لا يخاف منك، ولن تظل في منصبك طالما تستفز الشعب".
ماذا تريد السودان من مصر؟
ونشرت صحيفة الأهرام الحكومية مقالا، يوم الاثنين، لأستاذ العلوم السياسية حسن أبو طالب، بعنوان "ماذا يريد السودان من مصر؟" قال فيه إن هناك الكثير من التصريحات السودانية التي تتضمن إساءات واتهامات مباشرة لمصر.
وأكد أبو طالب أن مصر لا تريد أن يكون السودان مركزا يضر بأمنها ومصالحها المباشرة، مشيرا إلى أن السودان يحتضن مئات الكوادر الإخوانية الهاربة التي تتمتع بحرية الحركة، وتشكيل كتائب إلكترونية تبث الشائعات والمعلومات المغلوطة عن الأوضاع المصرية، كما منح تركيا جزيرة سواكن لتحويلها إلى قاعدة تثير قلق مصر والسعودية؟
تصعيد عدواني ضد السودان؟!
في المقابل، قال موقع "النيليين" الإخباري السوداني إن حكومة الخرطوم باتت متأكدة من وجود تصعيد عدواني ممنهج من قبل النظام المصري ضد السودان، مؤكدا أن حكومة الخرطوم رصدت بوضوح هذا المخطط عبر متابعتها لوسائل الإعلام المصرية خلال الأيام الماضية.
وأضاف الموقع، في تقرير له الاثنين، أن التصعيد المصري خلال الأسبوعين الماضيين كان هو السبب الذي دفع السودان لاستدعاء سفير بالقاهرة كخطوة احتجاجية، مشيرا إلى تجديد السودان شكواه في مجلس الأمن الدولي حول قضية حلايب.
ونقل الموقع عن مصادر سودانية تأكيدها وجود معلومات حول تحركات مصرية في أريتريا وجنوب السودان ضد السودان وإثيوبيا، بجانب الهجوم المستمر ضد السودان فيما يخص سد النهضة، ومحاولة استمالة إثيوبيا على حساب السودان.
بيد أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قال في أول تعليق له على هذه القضية إن استدعاء السودان لسفيره بالقاهرة كان سببه فقط النزاع الحدودي بين البلدين حول مثلث حلايب وشلاتين.
وأضاف شكري في تصريحات تلفزيونية لقناة "أون إي"، مساء الأحد الماضي، أن الموقف المصري ثابت في هذا الشأن، وهو التمسك بالسيطرة على هذه المنطقة، ورفض المحاولات السودانية لاستعادتها وادعائه أحقيته في السيادة عليها.
ووصف السودان بأنها من أهم الدول بالنسبة لمصر؛ نظرا للعلاقات القوية بين الشعبين، موضحا أن الخلاف على حلايب وشلاتين يتم التعامل معه بحكمة؛ بسبب حساسيته.
تجاوز حدود اللياقة والأخلاق
وكان السفير السوداني لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، قد اتهم الإعلام المصري الأسبوع الماضي بالغوغائية، وبأنه يسمم الأجواء بين البلدين، متخذا من زيارة الرئيس التركي للخرطوم فرصة للنيل من السودان وتحقير شعبه، داعيا الإعلام المصري إلى الانتباه جيدا إلى السودان، ليس جمهورية موز، وله علاقاته الإقليمية والدولية الخاصة.
من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشأن الإفريقي، أسامة الأشقر، إن الهجوم الشرس الذي تشنه وسائل الإعلام المصرية على السودان زادت حدته عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم، والاتفاق على سيطرة تركيا على جزيرة سواكن على البحر الأحمر.
وأكد الأشقر، في مقال له نشرته شبكة "الجزيرة"، أن الهجوم الإعلامي المصري على السودان وصل إلى تجاوز حدود اللياقة والأخلاق، ووصل إلى حد الإساءة العنصرية، وإنكار وجود دولة اسمها السودان، مشددا على أن الممارسات الإعلامية في مصر لا تتم إلا عبر توجيهات مباشرة وصريحة من الأجهزة الأمنية التي تملي على الإعلاميين ما يقولونه.