جميع هذه التجاوزات ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكيّ في عموم المدن وبصورة مباشرة وبوحشيّة مُذهلة، وبالذات في سجني "أبو غريب" و"بوكا"، أو بصورة غير مباشرة عبر سياسة غضّ البصر عن الجرائم التي ارتكبتها الفصائل الوحشيّة في غالبيّة المدن!
هل يمكن إصلاح الأوضاع العراقيّة الحاليّة، كمرحلة أولى لحين توفّر الظروف الموضوعيّة للتغيير، أم يجب التركيز على التغيير الشامل فقط؟ وهل الإصلاح يركّز على إصلاح الدولة، أم الأفراد؟
ومن هنا، فإنّ الذين قاموا بتنظيف مكان انفجار بغداد بعد ساعة من وقوع التفجيرين، قبل رفع أيّ أدلة جنائيّة، يؤكّدون أنّ هنالك قوى فاعلة تسعى لتغطية جريمتها، وإلا فما هي دواعي "التنظيف" لمسرح الجريمة قبل رفع الأدلة؟
بيان الآراء المعارضة مرتبط بمفاهيم الديمقراطيّة والحرّيّة الشخصيّة وغيرها من المبادئ المكفولة بموجب الدساتير والقوانين الإنسانيّة العالميّة، والأنظمة التي لا تقبل بالمعارضة "الحكيمة" هي أنظمة وحشيّة ودكتاتوريّة!
الراصد للواقع العراقيّ يجد أنّ غالبيّة تلك الأحزاب، وبالذات بعد ثورة تشرين، هربت نحو تأسيس واجهات ثانويّة في إطار أحزاب جديدة، وأعطيت قياداتها في الظاهر لشخصيّات شابّة "مستقلّة" لكنّها في الحقيقة تُدار من القيادات القديمة (المُجرّبة)
وفي ظلّ هذه الأزمة المركّبة، تحاول حكومة مصطفى الكاظمي معالجة الأمور بأساليب غريبة وغير علميّة، وربّما ستزيد من الخراب الاقتصاديّ المتفشّي في عموم البلاد!
العراق المُمزّق سياسيّاً وأمنيّاً واقتصاديّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً لا يمكن أن يستمرّ دون علاجات حقيقيّة وجذريّة ناجعة، وعليه يجب أن يكون هنالك تكاتف ثقافيّ لتوعيّة المواطنين بعمق وخطورة المؤامرة التي تحاك ضدّ البلاد!
واقع حال العراق مرير، ولكن ورغم كلّ المآسي والآلام، ستنهض بغداد من جديد، وستعود النابضة بالحياة والعلم والمعرفة والتعايش والسلام والجمال، وستثبت الأيّام أنّ الساعين لخرابها قد خابوا وخسروا، لأنّها مدينة تأبى السقوط، أو الهزيمة!
برزت في العراق العديد من الأيادي المليئة بالخير والشرّ، والسلام والإرهاب، والنور والظلام، والسعادة والتعاسة، ولكنّنا يمكن أن نشير إلى نوعين من الأيادي، على اعتبار أنّ البقيّة منضوية تحت أحدهما
مجلس النوّاب جزء من المشكلة المركّبة في العراق لأنّه لم يقم بدوره الرقابيّ على الحكومة وأذرعها العسكريّة والأمنيّة، ومن هنا تأتي خطورة، وربّما مصداقيّة، ما نسمعه من استمرار الصفقات السياسيّة في أروقة المجلس!