نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتبة أوليفيا كوثبيرت، تحدثت فيه عن ترحيب الناس باستحداث خدمات "أوبر" و"كريم" في العاصمة الأردنية عمان، بديلا لسيارات الأجرة الصفراء، مشيرة إلى احتجاج أصحاب سيارات الأجرة لتأثر قطاعهم بهذا التطور.
وبدأت الكاتبة تقريرها بالحديث عن أزمة السير الخانقة في عمان، فتقول إن "فرصة الحصول على سيارة أجرة في الساعة الرابعة والنصف مساء في الشميساني ضئيلة؛ وذلك لأن الشوارع والتقاطعات في المنطقة كلها مكتظة بالمركبات، وكذلك في الشوارع الرئيسة الأخرى من شوارع العاصمة ودواراتها وتقاطعاتها غير القادرة على استيعاب هذا الحجم من حركة السير، الذي تجاوز ما تستطيع البنية التحتية لهذه المدينة تحمله".
وتضيف كوثبيرت أن "تجنب مناطق الازدحام هو أحد الأساليب التي يستخدمها سائقو
سيارات الأجرة هنا لموازنة تكاليف مهنتهم، بالإضافة إلى الأسلوب الآخر، وهو إغلاق العداد, أو طلب مبلغ أكبر في المناطق المزدحمة، أو رفض الذهاب إلى بعض المناطق، وهذه التصرفات لم تكسبهم شعبية بين الزبائن، الذين يضيفون في العادة السرعة والتدخين في السيارة إلى قائمتهم الطويلة من الشكاوى على سائقي سيارات الأجرة".
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن وصول طلبات سيارات الأجرة عن طريق "
أوبر" ومنافسه "كريم"، عن طريق الهواتف الذكية إلى الأردن العام الماضي، وفر للركاب بديلا عن "تاكسي" عمان الأصفر، والنقليات العامة، مشيرا إلى أن قطاع أصحاب سيارات الأجرة والحكومة لم يرحبا به.
حملة ضد التطبيقات (Apps)
وتنقل الصحيفة عن المستشارة في وزارة النقل الأردنية نورهان شقمان، قولها: "من غير القانوني استخدام السيارة الخاصة
مواصلات عامة"، وتضيف أن التطبيقات قد توفر "خدمة رائعة"، إلا أن سيارات الأجرة "قطاع كبير لا نستطيع إهماله".
وتبين الكاتبة أنه مع نهاية العام الماضي شهدت حملة شنتها الحكومة ضد تطبيقات طلب سيارات الأجرة، احتجاز سيارات ومخالفة سائقين بتهمة خرق قانون المواصلات العامة الأردني، الذي ينص على أنه لا يسمح سوى للسيارات المرخصة بتوفير خدمة النقل مقابل أجر.
ويشير التقرير إلى أن هناك محاولة لإصدار قوانين تحد من استخدام تطبيقي "أوبر" و"كريم"، من خلال سيارات الأجرة المرخصة، أو خدمات الليموزين وسيارات الفنادق.
وتورد الصحيفة نقلا عن المدير العام لشركة "كريم" في الأردن إبراهيم المناع، قوله إن هذا سيكون نتيجة مخيبة للآمال، مشيرا إلى أن تطبيق شركته يساعد في علاج القصور في المواصلات في عمان، ويوفر في الوقت ذاته عملا للأردنيين العاطلين عن العمل، ويضيف المناع أن على الحكومة أن تضع القوانين المناسبة، التي "تعطي الناس الحرية ليقرروا نوع المواصلات التي يريدونها، سواء كانت سيارة خاصة أو سيارة أجرة صفراء"، مستدركا بأنه رغم الحملة، إلا أن "كريم" زاد عدد السائقين الذين يعملون معه.
وتنقل كوثبيرت عن المتحدث باسم "أوبر"، قوله: "إن الوضع في الشرق الأوسط مختلف تماما من مناطق أخرى من العالم.. هناك قابلية كبيرة في الأردن لهذا المشروع، لكن علينا أن نتأكد من التزامنا بالقوانين"، وأضاف أن "عمل (أوبر) قانوني 100%، حيث إننا لا نستخدم سوى سائقين مرخصين".
ويفيد التقرير بأن كلا من "أوبر" و"كريم" واجها تحديات مشابهة في أسواق الشرق الأوسط الأخرى، حيث السياسات المفروضة لحماية القطاع عقدت تمددهما في المنطقة، مستدركا بأن الركاب في عمان اعتادوا على المستوى الجيد من الخدمة التي تقدمها هذه التطبيقات.
وتنقل الصحيفة عن ندى قدورة، التي تقطن عمان، قولها إن هذه التطبيقات "جعلت الحياة أكثر سهولة، خاصة للنساء"، مشيرة إلى ناحية السلامة، حيث تحتوي هذه التطبيقات على إمكانية متابعة مكان السائق.
وتورد الكاتبة نقلا عن مدير قسم الشرق الأوسط لتطبيق "إيزي" لطلب سيارات الأجرة، الذي يعمل من خلال سيارات الأجرة الصفراء، محمود فوز: "لا أحد ينكر أن هناك طلبا متزايدا، وتوجها عالميا لاستخدام السيارات الخاصة.. ونحن مستعدون لاستثمار هذا الطلب، لكن يجب أن يحصل هذا بطريقة منظمة، لا بتدمير اللاعبين الحاليين".
ردة فعل سائقي "التكاسي" في عمان
ويلفت التقرير إلى أن أكثر من 1200 سائق "تاكسي" شاركوا الثلاثاء الماضي في مظاهرة دعت الحكومة لمنع "أوبر" و"كريم"، مشيرين إلى تراجع عملهم بنسبة 80% منذ وصول التطبيقين إلى عمان، حيث يقول أيمن زين، الذي ساعد في تنظيم المظاهرة: "الوضع غير عادل بالنسبة لقطاع سيارات الأجرة الصفراء، وما تفعله شركات التطبيقات غير قانوني".
وتذكر الصحيفة إلى أن السائقين دعوا إلى رفع أسعار النقل، وهو ما طالبوا به منذ زمن، ويقول سائق "التاكسي" فايز حسن حجازي: "طالبنا مرات عديدة برفع التسعيرة.. أنا لدي مصدر دخل آخر، لكن غيري من السائقين لا يستطيعون العيش إن كان اعتمادهم على دخلهم من سيارة الأجرة فقط".
وتنقل كوثبيرت عن المؤسس المشارك لمجموعة "آي مينا"، التي تدير أعمالا على الإنترنت في المنطقة، بما في ذلك تطبيق "إيزي"، حمزة نصيف، قوله إن كثيرا من المشكلات تعود للعداد، فكلما نزلت السرعة إلى أقل من 20 كم في الساعة بدأ العداد يحسب الدقيقة بـ 1.9 قرش، وهذا يشجع سائقي السيارات، الذين عليهم في الغالب دفع مبلغ 45 دينارا إيجارا ووقودا للسيارة في اليوم، على أن يساوموا زبائنهم، أو يرفضون الذهاب إلى المناطق المكتظة.
وينوه التقرير إلى أن تطبيق "إيزي" قام بمحاولة معالجة هذه المسألة، بإدخال آلية إلى التطبيق لحساب السعر بطريقة تأخذ بعين الاعتبار واقع شوارع عمان المكتظة، بحسب ما قال نصيف، مشيرا إلى أنها تحسب السعر بناء على المسافة التي تم قطعها، والوقت المستهلك، معطية تسعيرة أعلى من العداد العادي، خاصة في حالة الحركة البطيئة للسيارات.
أزمة المواصلات في عمان
وتقول الصحيفة إن شركتي "أوبر" و"كريم" قد تطرحان نفسيهما حلا لأزمة المواصلات في عمان، مستدركة بأن الحكومة غير مقتنعة بذلك، وهي تقوم بخطوات لحل المشكلة من خلال نظام الباص السريع، الذي من المفترض أن يكتمل في 2018.
وبحسب الكاتبة، فإنه في الوقت الحالي هناك 350 باصا كبيرا في مدينة عدد سكانها أربعة ملايين، حيث لا تغطي هذه الباصات سوى 5% من الرحلات اليومية في عمان، بحسب مستشار المواصلات حازم زريقات، الذي يقول: "لم تواكب المواصلات العامة وتيرة تمدد عمان .. وقد وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الاستثمار في هذا الجانب أمرا حاسما".
ويذهب التقرير إلى أنه بدلا من ذلك، فإنه يتم توجيه مبالغ كبيرة لتحسين شبكة الشوارع، وتسهيل حركة السيارات الخصوصية، ويقول أيمن الصمادي، الذي كان يعمل مديرا للنقل وإدارة السير في أمانة عمان الكبرى: "لدينا 1.2 مليون سيارة مسجلة في عمان، ودعيني أقول لك إن شوارعنا لم تهيأ لاستيعاب 1.2 مليون سيارة".
وتختم "الغارديان" تقر يرها بالإشارة إلى قول الصمادي إن "الاختناقات المرورية ليست هي القضية الوحيدة هنا"، مشيرا إلى دراسة أجرتها الحكومة عام 2014، حول البطالة بين الشباب، و"نسبتها الآن حوالي 29%"، حيث لفت 55% ممن استطلعت آراؤهم إلى المواصلات، بصفتها سببا للفشل في الحصول على وظيفة، أو الحفاظ على وظيفة.