بورتريه

البنعلي وأبو لقمان سيقودان تنظيم الدولة إلى "الانشقاق الكبير"

البنعلي وأبو لقمان- عربي21
يحظى بمكانة خطيرة جدا في "تنظيم الدولة/ داعش"، على مستوى تأثيره في صناعة القرار داخل هذا "التنظيم".

تقول تقارير صحفية بأنه كان هدفا لطيران حربي مجهول قادم من البحر، هاجم مقرات "تنظيم الدولة" في مدينة سرت الليبية.

أحد أكبر ثلاثة شرعيين في "التنظيم" ومن "القيادات الروحية" له، والخليفة المحتمل للقيادي في "التنظيم" المتحدث الرسمي السابق أبو محمد العدناني الذي قتل قبل أيام.

 كان أحد أطراف التفاوض الذي باشرت به الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل غير مباشر، مع "التنظيم" من أجل الإفراج عن المختطف السابق عبد الرحمن (بيتر كاسيغ) الذي أعدمه "التنظيم" لاحقا.

وتعاون مكتب الـ "FBI " مع رجل الدين الأردني المناصر لتنظيم "القاعدة"، عصام البرقاوي، المعروف بـ"أبي محمد المقدسي" وعمر محمود عثمان، الملقب بـ"أبي قتادة" للتفاوض معه حول إطلاق كاسيغ.

وتعهد "تنظيم الدولة" بعدم قتل الرهينة طالما أن المفاوضات جارية، لكن وفقا لصحيفة "الغارديان" فقد اعتقل المقدسي أثناء المفاوضات من قبل الأجهزة الأمنية الأردنية، فتوقفت المفاوضات بالكامل.

مكنته العلوم الشرعية التي حملها بفعل دراسته الأكاديمية، وقدراته الخطابية، من احتلال موقع متقدم في ساحات "الجهاد الإلكتروني"، إذ خاض سجالات كثيرة في مسائل العقيدة وشرعية "دولة الخلافة".

أصبح من منظري "تنظيم الدولة " بعد إعلان أبوبكر البغدادي "الخلافة" في حزيران/ يونيو عام 2014، واختلف في هذه المرحلة مع أستاذه في الساحة العلمية أبي محمد المقدسي أحد كبار منظري "السلفية الجهادية".

وبحسب تقارير إعلامية محلية وخارجية، فإن تركي البنعلي ولد في عام 1984، ويحمل عدة ألقاب أمثال: "أبو سفيان السلمي" و"أبو حذيفة البحريني"، و"أبو همام الأثري".

وتقول صفحات لتلاميذه تحت عنوان "المُخْتَصَرْ الجَلِي بِسِيرَةِ شَيخِنَا تُرْكِي البِنْعَلِي" بأن اسمه "هو تركي بن مبارك بن عبد الله بن عبد الله بن أحمد بن مبارك بن محمد بن مقبل بن محمد بن علي بن مقبل آل بن علي بن عتبة بن ناصرة بن خفاف بن امرؤ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خفصة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام".

نشأ في حلقات تحفيظ القرآن في المحرق بالبحرين ثم درس التجويد على أحد شيوخه في "مسجد سلطان بن سلامة" ثم أكمل دراسة التجويد على يد شيخ له في "المسجد الجنوبي" في البسيتين بالمحرق، كما أنه قرأ على شيخه علي أبو زيد.

درس في المرحلة الابتدائية والإعدادية في "مدرسة الإيمان" – وهي مدرسة دينية خاصة - ثم درس الثانوية في قسم الأدبي ب"مدرسة الهداية".

حاصل على إجازة شرعية من "كلية الإمام الأوزاعي" في بيروت، وتنقل بين البحرين ولبنان والإمارات.

ونال إجازات شرعية من مشايخ ودعاة في اليمن ولبنان والمغرب العربي، واعتلى منبر مسجد في مدينة المحرق التي تشتهر بسوقها الشعبية وبمحلات بيع الحلوى البحرينية المعروفة في الخليج العربي، قبل أن يمنع من الخطابة لأسلوبه "المزعج".

في عام 2005، أوقفته السلطات الإماراتية عندما كان طالبا في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، بتهمة "حمل فكر متطرف" وأفرجت عنه لاحقا.

وفى آب/ أغسطس عام2007 ألقي القبض عليه في البحرين بتهمة الانضمام إلى خلية عرفت إعلاميا بـ"السقيفة" كانت تقدم مساعدات وتسهيلات لتنفيذ أعمال "عدائية ضد دول أجنبية" وقضت المحكمة بحبسهم ستة أشهر، ثم أفرجت عنهم بعد أخذ تعهد عليهم بعدم تكرار فعلتهم.

في العام 2010، تخرج من "معهد البحرين للعلوم الشرعية".

 عمل مدرسا في "مدرسة عمر بن عبد العزيز" في مدينة الحالة، وسرعان ما تمت إقالته لأجل منهجه ودعوته، كما كان إماما لمسجد في سوق المحرق ثم انتقل إلى "مسجد العمال".

وبسبب فتوى أحمد شاكر في حكم من ناصر الكفار على المسلمين أقيل من الإمامة، حيث قام بتعليق "الفتوى" في ركن الفتاوى بـ"مسجد العمال" في المحرق بالبحرين.

يصفه أحد المقربين من العائلة بأنه كان دمث الأخلاق، وأنه كان مهتما بالقراءة وعلوم الشريعة منذ سنواته الأولى، وكان يتقمص دور الداعية وهو لم يتجاوز سن العشرين.

ويوصف أيضا بالنزق وعدم تحمل الخلاف، وأنه عادة ما يلجأ إلى لصق تهمة الكفر والردة لكل من خالفه حتى وإن تتلمذ على يديه مثل أستاذه أبو محمد المقدسي، كذلك حدث مع هاني السباعي الذي قدم له كتابه "السلسبيل في قلة سالكي السبيل".

وفي عام 2013، بدأ يتردد على سوريا ضمن حملات إغاثة، وظهر وهو يقوم بالخطابة في مخيمات دعوية عدة في سوريا، وبشكل مفاجئ ظهر في ليبيا وخطب بالناس في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013 في مسجد "الرابط" في مدينة سرت.

وفي آذار/ مارس عام 2014 أعلن "النفير العام في بلاد الشام" ودعا إلى القتال ضمن صفوف "تنظيم الدولة" وهنا ذاع صيته في الأوساط "الجهادية".

وغادر إلى سوريا وشوهد في مدينة الرقـة بسوريا في تموز/ يوليو عام 2015، وعاد ثانية إلى ليبيا عبر ميناء سرت، ليعود بعدها إلى سوريا "أرض الخلافة".

أسقطت عنه الجنسية البحرينية في عام 2015 ضمن قائمة ضمت 72 شخصا استنادا لنص المادة (10/ج) من قانون الجنسية البحرينية، وذلك في "إطار إجراءات الحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة المخاطر والتهديدات الإرهابية، نظرا لقيام بعض المواطنين بأفعال تسببت في الإضرار بمصالح مملكة البحرين، والتصرف بما يناقض واجب الولاء لها"، وفقا للبيان الرسمي الصادر عن الحكومة البحرينية.

تلقى تركي البنعلي أفكاره الجهادية على يد عدد من منظري "الجهادية السلفية" وعلى رأسهم أبو محمد المقدسي أبرز منظري الفكر "السلفي الجهادي" وصفاء الضوي العدوي، وعمر بن مسعود الحدوشي، وعبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الذي قابله ودرس على يداه في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى عبد الله السعد وسعيد بن زعير.

وأثناء سفره إلى دول الكويت والإمارات واليمن التقى بالشيخ عوض بانجار، وفى العراق بالمحدث عامر صبري التميمي، وفي لبنان بالشيخ زهير الشاويش، وفى سوريا ومصر وتونس التقى بالشيخ الخطيب الإدريسي، وفى ليبيا والمغرب التقى بالشيوخ محمد بو خبزة، والداعية عمر الحدوشي، وحسن الكتاني.

ويقال إن "الكتيب" أو "المطوية" التي وزعت في المواقع التي سيطرت عليها "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا، كانت من صياغة وتأليف البنعلي يطلب فيها السكان المحليين "البيعة" لـ"الخليفة" أبو بكر الغدادي، وكانت بعنوان "مدوا الأيادي لبيعة البغدادي"، حيث تضمنت "المطوية" شروحات البنعلي حول أسباب أحقية البغدادي بمبايعته "خليفة" لهم.

ومن حين إلى آخر، تسرب أخبار في مواقع محسوبة على "التنظيم" يذكر فيها اسمه، وأكدت حسابات منسوبة لعناصر من "تنظيم الدولة" في حزيران/ يونيو الماضي أن قيادة "التنظيم" أجبرت تركي البنعلي، على "الاستتابة من الردة"، إضافة إلى عزله من المناصب التي كان يتقلدها.

وقال حساب يدعى "جون مارك"، وهو مصري من "تنظيم الدولة"، إن "المدعو تركي البنعلي كان شوكة في ظهورنا، وتم طرده من الهيئة الشرعية". وتابع "وليعلم الجميع أنه تم ‏استتابة ‏تركي البنعلي بعد وقوعه في الردة، والحمد الله الذي هداه وأزاله من الهيئة الشرعية".

وأرجع الحساب، وحسابات أخرى، أن سبب حملة "التنظيم" على البنعلي هو إصراره على "عذر الجاهل"، حيث يقول أنصار "التنظيم" إن "اللجنة العليا المفوضة أقرت بأن الحجة قد قامت في الدولة الإسلامية، ولا يعذر أحدا بتاتا بجهل أو تأويل أو غيره من الأعذار".

وتابع "البنعلي لا يقول بكفر العاذر، ولا يقول بتكفير أعيان النصرة، مع أنه كان يحاول أن يجعل تكفير النصرة مسألة اجتهادية".

واتهم ناشطون "جهاديون" في مواقع التواصل البنعلي بأنه تقمص اسما وهميا "أم سمية المهاجرة"، وكتب المقال المثير للجدل "لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ"، في مجلة "دابق" التابعة لـ"لتنظيم"، الذي اتهم فيه زوجات عناصر "جبهة النصرة" وغيرها من الفصائل بـ"الزنا".

يحب السجع والكلمات المترادفة في جميع كتبه ودروسه، وله العديد من المؤلفات، منها ما طبع ومنها ما لم يطبع إلى الآن، ومن أبرزها :

"الكناشة في بعض خصائص عائشة"، و"العتاب لمن تكلم بغير لغة الكتاب"، و"الحلية في إعفاء اللحية"، و"السلسبيل في قلة سالكي السبيل"، و"الأقوال المهدية إلى العمليات الاستشهادية"، و"الإقليد في ذم التقليد"، و"سير أعلام السجناء"، و"تصنيف التنصيف"، و"مختصر المقال في حكم توفير الشعر للرجال"، و"كاتلوج الحياة"، و"المجن في الرد على بشير بن حسن"، و"القول النرجسي بعدالة شيخنا المقدسي"، و"القول المسدد"، و"ترجمة الأسد".

يقول أتباع "التنظيم" إن الوقوف أمام "المنظر الشرعي" لـ"التنظيم" تركي البنعلي يعد من المسائل الخطرة، فهو، وفقا لأقوال عدد ممن يطلق عليهم "التائبون"، صموت هادئ لكنه لا يتسامح في القضايا التي تمس أوامر البغدادي.

ويقول أنصار "التنظيم" على "تويتر" إن البنعلي تسلم منصب مسؤول "الحسبة" في "التنظيم"، ويتوقع مراقبون أن يعيد "تنظيم الدولة" تركي البنعلي للواجهة مجددا، خاصة وأنه يقف في وجه ما يسمى بالتيار "الحازمي" داخل التنظيم، وهم الذين لا يعذرون المسلمين بالجهل، ويصل بعضهم إلى تكفير أبو بكر البغدادي الذي أعلن نفسه "خليفة" للمسلمين.

وكما ظهر "التيار الحازمي" في صفوف "التنظيم"، كذلك ثمة مساحة كبيرة لتيار البنعلي ويسمونهم "البنعلية" نسبة إلى تركي البنعلي، فالحازمية يعتبرون البنعلي ومن معه مشركون.

 وهذه الفرقة المسماة "الحازمية" هم الأشد غلوا، فهم لا يعذرون بالجهل أبدا، وحدثت بينهم وبين المجموعات الأخرى خلافات ومناقشات تجاوزت الحوار والطرد والتسفيه إلى التصفية من الفريقين، وكان ممن قتله "التنظيم" قاضيها التونسي أبو جعفر الحطاب، كما تمت تصفية قاضٍ سابق كويتي الجنسية هو أبو عمر الكويتي والذي كفر البغدادي لأنه لم يكفر الظواهري، فعقيدة التكفير بالتسلسل ظاهرة لديهم، فالذي لم يكفر الكافر فهو كافر، ويقصدون بالكافر الذي كفروه وفقا لرؤيتهم.

من أسباب الخلاف بين التيارين، "تيار الحازمي" و"تيار التنظيم" العريض، أن "تيار الحازمي" يكثر فيه الجنسيات الأخرى فأغلبهم من تونس وليبيا والجزائر وفيهم من دول الخليج، و"تنظيم الدولة" لا يرى هذه الجنسيات أهلا للسيادة والريادة.

ومنذ أيام ظهر تركي البنعلي على الإعلام مجددا، بعد غياب استمر أكثر من عام، في مقابلة صوتية مع إذاعة "البيان" التابعة لـ"التنظيم". البنعلي نعى أبو محمد العدناني الذي قُتل قبل أسابيع، ووصفه بأنه "ولي من أولياء الله الصالحين يمشي على الأرض".

وفي رده على "جهاديين" قالوا إن مقتل العدناني يأتي نتيجة مباهلته مع أبو عبد الله الشامي، شرعي تنظيم "فتح الشام"، نفى البنعلي نفيا قاطعا أن يكون مقتل العدناني "من آثار المباهلة".

وبحسب البنعلي، فإن "المباهلة هي الملاعنة، واللعن هو الطرد من رحمة الله، والقتل في سبيل الله ليس لعنا، بل هو أسمى الأُمنيات وأعلى الهبات".

وتابع "حفظ الله تعالى الشيخ أبا محمد العدناني عِدة سنين بعد المباهلة رغم رصد العدو له، بكل إمكانياته وآلياته وطائرته، بينما نجد أن خصوم الشيخ من صحوات وأنصارهم قد صاروا شذر مذر بعد المباهلة، في تلك السنة وما والاها، فقيادات القاعدة قتلوا عن بكرة أبيهم في خرسان واليمن والصومال ومغرب الإسلام، ولم يبق لهم إلا الأحمق المطاع أيمن الظواهري".

وبحسب البنعلي فإن "المتمعن البصير يجد في مقتل الشيخ العدناني عبرا كثيرة منها، أن الدولة الإسلامية لا تحارب جماعة ولا تنظيما ولا دولة ولا مملكة، بل تحارب جميع دول العالم".

وأشار البنعلي أن "من العبر أيضا، أن أعظم دولتين في العصر الحديث كما زعموا روسيا وأمريكا تسابقتا لنيل شرف مقتل الشيخ العدناني".

يشار إلى أن اختفاء تركي البنعلي عن الظهور الإعلامي لما يزيد عن العام، فتح باب التكهنات حول مصيره في الفترة السابقة، حيث راجت أنباء عن عزله من منصبه واستتابته من قبل اللجنة الشرعية في التنظيم عن بعض ما كان يعتقده بالسابق.

ويدخلنا الحديث عن اختفاء البنعلي، وحديث نقل أخيرا عن "المنظر الجهادي" أبو محمد المقدسي، إلى الشخصية الأخرى في "التنظيم"، وهو علي موسى الشواخ، المعروف بلقب "أبو لقمان".

 يقول المقدسي إن: "شرعيي تنظيم الدولة، وعقلاءها باتوا يخشون من شخصية قد تخلف أبا محمد العدناني الذي أُعلن عن مقتله قبل يومين".

المقدسي قال: "إنه من القادة القدماء في التنظيم، وهو من أعضاء مجلس الشورى البارزين، وهو حاليا يقيم في الرقة. وإن هذا رجل تسلط على القرارات الشرعية والسياسية في الدولة في الفترة الأخيرة، وهو من أقوى رجال مجلس الشورى".

وأضاف "هو وزير الإعلام، هذا الرجل صاحب غلو متغطرس متعنت، منع كل الشرعيين المعروفين من نشر أي تصريحات أو دروس أو كتابات أو فتاوى أو مقالات بأسمائهم الحقيقية".

ووصف المقدسي الشخصية بأنه "المسيّر الفعلي للدولة في الشام، وهو رأس الغلو، وصاحب كل السياسات الفاسدة، مثل طمس الرموز، وإسقاط القاعدة، وتكفير الفصائل".

وبحسب المقدسي، فإن "أي شرعي داخل تنظيم الدولة يرفع رأسه ليعارض فتاوى وسياسات هذا الشخص، إما أن يستتاب، أو يُقتل، أو يُسجن، أو يُعزل".

وختم المقدسي حديثه قائلا إن "قناعة الكثيرين في تنظيم الدولة بأن هذه الشخصية لو خلفت العدناني فستكون نهاية الدولة وشيكة".

وفي القيمة "الروحية" لدى أتباع "التنظيم" و المنافس للبنعلي، يبرز السوري "أبو لقمان"، والوالي الأول لـ"الخلافة" في الرقة والذي قاد جزءا كبيرا من استراتيجية "التنظيم" في حلب العام الماضي.

وتقول صفحات مقربة من "تنظيم الدولة" إن عناصر "التنظيم" باتوا يطلقون على الشواخ لقب "الحجاج" لظلمه، وهو مؤسس الجهاز الأمني لـ"التنظيم" في سوريا.

وتقول المصادر إن "الشواخ سفّاك للدماء وظالم، وأغلب جنود الدولة يبغضونه، لأنه مسؤول عن قتل كثير من جنود الدولة إما بتلفيق تهمة الغلو وإما بتلفيق تهمة العمالة".

ويقال بأن "أتباعه متوغلون في كل مفاصل الدولة، وهو قادر فعلا على شق صفها، وكانت لديه مشاكل مع العدناني فعلا".

وكان الحساب "الجهادي" الشهير "مزمجر الشام" ذكر "أن علي موسى الشواخ سعى جديا للانقلاب على البغدادي، وأنه سحب ولاية الشام منه".

ويعتقد أن "أبا لقمان" هو المسؤول الأول عن تصفية أبي سعد الحضرمي، أحد مسؤولي "جبهة النصرة"، الذي كان مقتله أحد أبرز أسباب الخلافات بين "جبهة النصرة" و"تنظيم الدولة".

و"أبو لقمان" ولد في عام 1973 في قرية السحل غربي الرقة، ويعود نسبه إلى عشيرة العجيل بالرقة، وكان يحمل الفكر الصوفي في بداية حياته.

 ويحمل إجازة في كلية الحقوق من جامعة حلب في تخصص المحاماة.

ويقول موقع على "فيسبوك" يحمل حساب خاص بالرقة، إن بداية حياة "أبو لقمان" كانت مع شخص يدعى "أبو القعقاع" وكان عميلا للنظام السوري والذي قام بتجنيد العديد من الشباب السوري لإرسالهم إلى العراق عام 2003 لقتال قوات الاحتلال الأمريكي.

 لوحق "أبو لقمان" من قبل العديد من الأجهزة الأمنية السورية واعتقل لفترات متفاوتة كان آخرها اعتقاله في سجن "صيدنايا" حيث احتك هناك ببعض أصحاب الفكر السلفي الجهادي، وأطلق سراحه ببدايات الثورة السورية مع مجموعة أُخرى من أصحاب الفكر "الجهادي".

 تواصل مع عدد من الناشطين بالثورة السورية لمحاولة استمالتهم إلى المجموعات التي كانوا بصدد إنشائها بالرقة تحت مسمى "أبو عبد الله الغريب".

مع بداية العمل المسلح بالرقة وظهور "جبهة النصرة" برز اسم "أبو لقمان" وعمل حينها على تقوية هذا الفصيل مستعينا بكل من "أبو سعد الحضرمي" و"أبو دجانه" اللذان كانا من أوائل من خرج بالتظاهرات في مدينة الرقة ومعروفين لدى الشارع السوري لجذب مزيد من الأشخاص للانضمام لـ"جبهة النصرة" في الرقة.

مع سيطرة المعارضة على المدينة بدأ "أبو لقمان" بزيادة الموارد المالية لـ"النصرة" حينها من مقدرات المحافظة من بيع القمح والنفط حيث تم إبرام اتفاق آنذاك مع وزارة النفط السورية لتسهيل مرور النفط من "محطة العكيرشي" بالرقة مقابل 25 مليون ليرة سورية أسبوعيا يتم تحويلها إلى "النصرة" وكذلك عمليات الاستيلاء وبيع الآليات والتي كان المسؤول عليها "أبو فيصل" المقرب من "أبو لقمان".

مع إعلان قيام "دولة العراق والشام" كان "أبو لقمان" من أوائل "المبايعين" وانشق عن "النصرة" حينها، وكانت الكتلة الأكبر التي عززت "التنظيم" بسوريا وفي ذلك الوقت هي كتلة المقاتلين بالرقة وريف حلب.

وكان ثمة جملة من العوامل التي ساعدت "أبو لقمان" في الانشقاق عن "جبهة النصرة"، ومن أهم تلك العوامل، أنه كان يدير كبار المسؤولين الأمنيين في "الجبهة"، وغالبيتهم يتحدرون من الرقة، الأمر الذي سانده في الخروج عن "النصرة" ومبايعة" تنظيم الدولة".

كما أنه قام باعتقال أمير "جبهة النصرة" في الرقة آنذاك، "أبا سعد الحضرمي"، ومع اندلاع المواجهات ما بين "النصرة" و"تنظيم الدولة"، قام "أبو لقمان" بتصفية الحضرمي لرفضه الانشقاق عن "النصرة"، و"مبايعة البغدادي"، وبعد هذه التطورات عينه "التنظيم" واليا على سوريا وبلاد الشام".

وكان له دور كبير بتعيين "أمراء" تلك المناطق وكانوا من المقربين له والمعروفين بولائهم له، وأصبح حينها الرجل الأهم لـ"التنظيم" على مستوى سوريا والمرجح أنه كان "والي الديار الشامية" بالنسبة لـ"التنظيم".

كان يشرف بنفسه على عمليات الخطف والتعذيب لبعض الناشطين وبعض قادة "الجيش الحر" حيث كان يتخذ من محطة "العكيرشي" النفطية سجنا له يقوم بسجن المطلوبين له فيها.

معروف بالمكر والدهاء والفصاحة، وخلفيته الدينية كانت عن طريق مشايخه في سجن "صيدنايا" والرسائل الصوتية التي يتم بثها لتوجيه عناصر" التنظيم"، وكانت مناقشاته كلها منصبة في "تكفير عمل الجهات والفصائل الأُخرى الجهادية التي تحمل فكر قريب من جبهة النصرة والانتصار لفكر الدولة"، وفقا لصفحات مقربة من "التنظيم" على مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد سيطرة "التنظيم" على الرقة وخروجه من ريف حلب الغربي وإدلب عين "أبو لقمان" لإدارة الملف بريف حلب الشرقي، فعمل على وقف امتداد فصائل حلب لصالح "التنظيم".

فيما بعد بات تواجد "أبو لقمان" بالرقة قليلا ثم اختفى اسمه من الساحة بشكل نهائي، إلى أن ظهر مجددا بريف حلب و"ولاية البادية" باسم "أبو أيوب" حيث كان يشرف على المعسكرات الشرعية لإعداد الأمراء والولاة.

وانحصرت غالبية "انتصاراته" على حساب المعارضة السورية والمناطق "المحررة" من أيدي النظام السوري، ولم يحدث أن اشتبك في أراضي تابعة للنظام السوري.

وتحدثت تقارير عدة عن مقتله سواء في غارات جوية أو طعنا على يد مقاتل ليبي لم ترق له معاملة أبي لقمان للمقاتلين الأجانب، لكن لم يتم تأكيد نبأ وفاته رسميا.

يحمله كثيرون في "التنظيم" المسؤولية عن مقتل عدد من قيادات"التنظيم"، ففي رسالة له كذّب الأمين العام لـ"جبهة الأصالة والتنمية"، خالد الحماد، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، حول تبنيهما قتل المتحدث الرسمي باسم "تنظيم الدولة" أبي محمد العدناني.

الحماد المحسوب على "التيار السلفي التقليدي"، قال إن القيادي في "تنظيم الدولة" علي موسى الشواخ، هو من يقف خلف اغتيال العدناني.

وقال عبر حسابه على "تليغرام": "أرسل البغدادي العدناني إلى سوريا لضبط أبي لقمان المتطلع للولاية، وسحب البساط من تحته، ولتدعيم قوة العدناني فقد تم استخراج شهادة نسب لآل البيت له، وعمل هيكلية كاملة له لفرض سيطرته".

وأضاف "هذا ما أثار حفيظة أبي لقمان، ما دفعه للتخلص من العدناني بعبوة تعلق في سيارته، وكان أبو لقمان يسعى للإمارة منذ سنتين وتحديدا ولاية الشام، وقد تم إطلاق هاشتاغ بوقتها "لا نقبل واليا للشام إلا أبا لقمان".

وبحسب الحماد، فإن الخبر الذي أورده "مؤكد"، من مصادر المكتب الأمني لـ"جبهة الأصالة والتنمية" في المنطقة الشرقية بسوريا.

وبشّر الحماد بقرب حدوث انشقاقات كبيرة في صفوف "تنظيم الدولة" بعد اغتيال العدناني. وبحسب الحماد، فإن "أبا لقمان يعتبر القائد العام لداعش في سوريا ويقيم حاليا في الرقة".

ويقول كايل أورتن في مؤسسة "هنري جاكسون" للأبحاث لصحيفة "تلغراف" البريطانية: إننا "سنشهد صراعا على الأدوار التي كان يقوم بها العدناني، بما يُكسبنا بعض الوقت، كما إنه يمكن أن يلحق ضررا في تماسك هيكلية الخلافة".

وأكد الأستاذ المحاضر في "شؤون الإرهاب" في جامعة "كارنيغي ميلون"، كولين كلارك، أن العدناني "كان يملك من الخبرة اللوجستية بما يجعل من الصعب إيجاد خلف له".

غير أن مسؤولين أميركيين أكدوا أن "التنظيم" يتمتع "بمرونة ملحوظة"، مشيرين إلى أن "التنظيم" يمتلك بالتأكيد خططا لإيجاد بديل.

وقال وليام ماك كانتس من معهد "بروكينغز"، ومؤلف كتاب "نهاية تنظيم الدولة الإسلامية" أن "هناك مقعد بدلاء".

ورجحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن يجتمع أبو بكر البغدادي بـ "مجلس الشورى" في الأيام المقبلة في الرقّة، لاختيار الشخص "الأكثر قدرة" على الحلول مكان العدناني.

اختيار البغدادي لبديل للعدناني أو ما يمكن أن يوصف الرجل الثاني في"التنظيم" وفي "دولة الخلافة" بات ملحا بالنسبة لـ"التنظيم"، خصوصا بعد مقتل قتل وزير إعلام "التنظيم" قبل أيام، وأحد أبرز قادته المؤثرين على سياسات "التنظيم" في العامين الأخيرين أبو محمد فرقان إثر غارة جوية على مدينة الرقة.

وكان فرقان وهو عراقي يشغل منصب وزير الإعلام، كما كانت له صلاحيات كبيرة، منها إجبار "الشرعيين" على تكفير "طالبان"، و"القاعدة"، و"العذر بالجهل" وغيرها.

ولم يتعرض فرقان برغم مرور سنوات طويلة على التحاقه بالجماعات المسلحة، للاعتقال سابقا في أي منطقة. وكان فرقان صاحب مكانة مهمة جدا، وهو مثل أهمية العدناني إن لم يكن أكثر أهمية.

وعمليا لم يبق من قيادات الصف الأول في "التنظيم" سوى البغدادي وثلاثة آخرين.

وبحسب المصدر، فإن "الشرعيين الرافضين لسياسات فرقان، تنفّسوا الصعداء بمقتله"، حيث كان محكما قبضته على الأمور الشرعية والإعلامية في "التنظيم".

فرقان هو من أسس مكتبة "الهمّة"، التي باتت المصدر الرسمي الوحيد "لتنظيم الدولة" في إصدار الكتب والمطويات الشرعية وغيرها. ويعتقد أن فرقان مسؤول عن تأسيس المنصات الإعلامية الرسمية لـ"التنظيم"، وأبرزها مؤسسات "الفرقان" و"الاعتصام" و"الحياة" فضلا عن وكالة أنباء "أعماق" وإذاعة "البيان" أيضا، وهي الوكالات الرسمية التي تنتج الإصدارات المرئية لـ"التنظيم"، وتصدر عنها أبرز مجلات وصحف "التنظيم" بلغات مختلفة.

وتقول الباحثة السورية رندة خليف: "إن العديد من قيادات التنظيم قتلوا في الفترة الأخيرة سواء في سوريا أو العراق"، مضيفة أن "الجهات المحاربة للتنظيم تركز على القضاء على قادته وأمرائه".

كما أضافت خليف "إن مقتل وزير أو قيادي عادي لدى التنظيم لن يؤثر على قدرة التنظيم لأنه يملك الآلاف من القياديين والأمراء الأجانب والذين يشرفون على مناطق سيطرته ومعاركه".

ولا يبدو "تنظيم الدولة/ داعش" وكأنه يعاني من نقص في طالبي مليء الشواغر في"التنظيم"، لكن المعضلة الأساسية على ما يبدو هي ضمان أقل الخسائر في حال اختيار شخص ما.

البنعلي، شرعي معروف ومقبول لدى قطاع عريض من أعضاء "التنظيم" وهو على وفاق مع البغدادي ومقرب منه، لكن مشكلته الأساسية هي أنه ليس سوريا ولا يعتبر من أمراء "الجهاد" والقتال في الميدان، واختياره قد يدفع جماعة الشواخ إلى الانشقاق أو بدء حروب تصفية دموية ضد "التيار" الآخر من "التنظيم" وربما الخروج على البغدادي نفسه، وعدم اختياره يعني تقديم الشواخ فهو من قادة الميدان، وأحد أمراء الحرب، وسوري يقود مقاتلين غالبيتهم سوريين، لكن مشكلته الأساسية هي في غلوه في التكفير وقيادته لما يمكن أن يسمى" فرق الموت" ضد أعضاء "التنظيم" بالدرجة الأولى، وعدم ارتياحه للمقاتلين العرب والأجانب في "التنظيم".

واختيار الشواخ قد يدفع بالقاعدة العريضة من أعضاء"التنظيم" إلى رفض التعاون معه وبالتالي العودة إلى فرضية الانقسام والانشقاق.

ويبدو "التنظيم" بشكل أو بآخر أمام خيار برغماتي، سيكون أساسه، حجم الضرر أو النفع من هذا الخيار أو ذاك، وربما يكون ثمة خيار آخر ثالث، شخص يظهر على السطح بشكل غير متوقع.