نشر موقع "ناشونال إنترست" تقريرا لمدير البرنامج الأمني في معهد بروكينغز بروس ريدل، يعلق فيه على كتاب أمني جديد سيصدر قريبا، ويتناول حياة
أشرف مروان، الذي عمل مستشارا للرئيسين جمال عبد الناصر وأنور
السادات، وهو زوج ابنة الزعيم عبد الناصر.
ويقول الكاتب في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، إنه "منذ وفاة مروان عام 2007 والشائعات تدور حول علاقته بالموساد، وأنه كان عميلا مزدوجا، مع أن الرئيس المخلوع حسني مبارك رد على الشائعات في حينه، وقال إن مروان كان رجلا وطنيا، إلا أن الكتاب الذي أعده المحلل الأمني
الإسرائيلي أوري بار-جوزيف يتبنى فكرة علاقة مروان بالموساد، حيث أطلق على كتابه اسم (الملاك:
الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل)، وسيصدر عن دار هاربر كولينز قريبا، و(الملاك) هو الاسم السري لمروان لدى الموساد".
ويتساءل ريدل: "كيف تجاهلت إسرائيل عميلا ثمينا؟"، وقدم تحليلا لفحوى الكتاب قائلا: "كان أفضل جاسوس جنده الموساد، وأخطأت إسرائيل أنها لم تستمع إليه، والأسوأ من هذا كله هو أن الخلاف داخل إسرائيل حول سبب تجاهله أدى إلى موته، إلا أن الإسرائيليين لم يكونوا الزبائن الوحيدين له، فقد باع هذا الرصيد خدماته للسعوديين".
ويشير التقرير إلى أن أشرف مروان اتصل عام 1970 بالسفارة الإسرائيلية في لندن، وعرض العمل لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، وعده الموساد من أفضل أرصدته، وكان مدير الجهاز في حينه زيفي زامير يلتقي به وجها لوجه؛ ليحصل منه على التقارير.
ويعلق الكاتب بأن كتاب بار – جوزيف يحتوي على تفاصيل مهمة، حيث يقول إن "هذه قصة تجسس على أعلى المستويات"، مشيرا إلى أن مروان قدم لإسرائيل خطط مصر العسكرية بأكملها، وتفاصيل عملية الجيش المصري للهجوم على قناة السويس، وقدم لهم معلومات حول لقاءات السادات مع القادة السوفييت، وتفاصيل دقيقة حول شحنات الأسلحة السوفييتية، التي وصلت إلى القاهرة.
ويستدرك الموقع بأنه رغم هذه الخدمات كلها، إلا أن خبراء الأمن الإسرائيليين في دائرة الاستخبارات العسكرية، وهي الدائرة الوحيدة المسؤولة عن إصدار تقييم أمني حول خطط مصر للحرب، كانوا مقتنعين بأن السادات لن يخاطر في حرب ضد إسرائيل، حيث كان لدى دائرة الاستخبارات العسكرية مفهوم، وهو أن مصر لن تستطيع هزيمة إسرائيل؛ نظرا لتفوق الأخيرة العسكري في الجو، ومن هنا فإن قادة مصر كانوا يعلمون أن الحرب تظل بمثابة عملية انتحارية، ولهذا فلن يخاطر السادات بالهجوم على إسرائيل.
ويورد ريدل أن "الملاك" قدم في عام 1972 تقريرا، قال فيه إن السادات يعتقد ألا خيار أمامه سوى الذهاب إلى الحرب؛ لأن إسرائيل أغلقت أمامه الأبواب الدبلوماسية كلها، وأكثر من هذا فإن السادات كان يخطط لحرب محدودة لكسر الجمود، وليس هجوما عسكريا شاملا.
ويلفت التقرير إلى أنه في آب/ أغسطس 1973 أخبر مروان زامير أن السادات سافر إلى
السعودية للقاء الملك فيصل، وأخبر السادات العاهل السعودي في لقاء جمع السادات والملك فيصل ومروان فقط، أنه سيقوم بالهجوم على إسرائيل بالتعاون مع سوريا في الخريف، وأخبر الملك فيصل السادات بأن بلاده ستقوم بفرض حظر نفطي على الولايات المتحدة إن قامت بتزويد إسرائيل بالسلاح، مشيرا إلى أن حظر تصدير النفط كان هو سلاح العرب الأهم.
وينوه الموقع إلى أن التقارير التي قدمها الملاك نقلت إسرائيل جوهرها إلى إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون، لافتا إلى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر تجاهل التحذيرات من أن سلاح النفط جاهز للاستخدام، وتشير تقارير أخرى إلى أن هذ التحذير لم يكن الوحيد الذي تجاهله كيسنجر.
ويبين الكاتب أنه "مع ذلك، فإن الجنرالات الإسرائيليين رفضوا التخلي عن موقفهم، وعندما بدأت نذر الحرب بالتجمع تمسكت دائرة الاستخبارات العسكرية بموقفها بأنه لا شيء يدعو إلى القلق، وأقنع الجنرالات فيها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان بأن الحرب ليست قريبة، وحتى عندما بدأ السوفييت بعملية إجلاء واسعة للمستشارين السوفييت، قال مدير الاستخبارات العسكرية في حينه إيلي زيرا إنه لا توجد أسباب تدعو إلى توقع الحرب".
وبحسب التقرير، فإنه "قبل يوم من إعلان السادات الحرب طلب (الملاك) لقاء عاجلا مع زامير في لندن؛ ليخبره أن موعد الهجوم سيكون في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1973، يوم الغفران الإسرائيلي، ولم يبدأ الجيش الإسرائيلي بالتعبئة إلا بعد يوم، ولو استمع الإسرائيليون لما قاله مروان قبل شهر من الحرب لكانوا في وضع أفضل، ولأنها عرفت في الدقيقة الأخيرة، فقد منعت تحذيرات الجاسوس المصري من سقوط الجولان".
ويتساءل الموقع عن السبب الذي دفع بمصري عمره 29 عاما، ومتزوج من ابنة الزعيم التاريخي، لخيانة بلده، والتعاون مع عدوتها اللدودة، ويجيب بأن "المال كان جزءا من القصة، حيث دفع الموساد له مبلغ مليون دولار، بشكل جعل مروان ثريا، أما الأمر الثاني فهو متعلق بشخصية مروان، الذي كان لاعبا مهما في أخطر نزاع في العالم، ويبدو أنه استمتع بالإثارة التي رافقت انخراطه فيه".
ويورد ريدل أن كتاب بار- جوزيف يكشف عن أن زبائن مروان لم يكونوا من الإسرائيليين فقط، فقد استخدمه السعوديون لتحقيق النفوذ في القاهرة، مرجحا أن يكون "مدير الاستخبارات السعودية وشقيق زوجة الملك فيصل كمال أدهم، دفع مبالغ مالية أكثر من تلك التي دفعها الموساد لمروان، ومجرد وجود الأخير في لقاء السادات – فيصل هو دليل على الثفة التي حظي بها، ولم يكونا يعرفان أنه عميل إسرائيلي، وبالنسبة للموساد فقد كان لديهم رصيد متصل مع العائلة السعودية الحاكمة".
ويفيد التقرير بأنه "بعد الحرب تبادلت مؤسسات الاستخبارات الاتهامات فيمن يتحمل مسؤولية الفشل في حرب عام 1973، وقام زيرا بتشويه سمعة مروان، واتهمه بأنه كان عميلا مزدوجا ذكيا؛ في محاولة لتبرئة ساحة دائرة الاستخبارات العسكرية من المسؤولية، وقام بنشر تفاصيل في الإعلام عن رصيد الموساد، وحاول منعه من تقديمه للمحاكمة، إلا أن الجدل كان متأخرا، حيث سقط مروان، أو دفع من شرفة بيته في لندن ومات".
ويختم "ناشونال إنترست" تقريره بالإشارة إلى أن تحقيق اسكتلنديارد لم يكشف عن معلومات حول ظروف مقتله، التي قالت إنها ربما انتحار، أو قتل من جهة مجهولة.