تحدثت صحيفة "دي فيلت" الألمانية عن ظروف عيش الليبيين تحت حكم
تنظيم الدولة في مدينة
سرت، وقالت إن العديد من نواحي
الحياة تسير بشكل طبيعي مثل خدمات التعليم والكهرباء والتجارة، ولكن السكان يعيشون في حالة خوف من العقوبات الدموية التي عرف التنظيم بأنه لا يتردد في تنفيذها على من يخالفون إرادته.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي أعدته "بيتينا روهل"، ونشرته الأربعاء، وترجمته "
عربي21"، أنه حوالي 40 من الرجال والنساء، تظهر عليهم علامات القلق والخوف، جاؤوا إلى مدينة
مصراتة الساحلية من سرت، التي تعد معقل تنظيم الدولة في
ليبيا.
وتابعت الصحيفة أن الخائفين قطعوا المسافة البالغة 240 كيلومترا بين سرت ومصراتة من أجل سحب مبالغ مالية، وبعضهم جاؤوا في الليلة السابقة وقضوا الليلة في ضيافة أقارب لهم ليحجزوا أماكنهم مبكرا في الصف الطويل.
ونقلت الصحيفة عن إسماعيل السويحلي، مدير فرع البنك الوطني التجاري في مصراتة، قوله "إن تنظيم الدولة أمر بغلق كل فروع البنوك في سرت، ولذلك أصبح جميع العملاء مضطرين للقدوم لمصراتة للحصول على الخدمة، كما هو الشأن لسكان زليطن والخمس، ومناطق أخرى من الجنوب الليبي أغلقت فروعها لأسباب أمنية".
وقالت الصحيفة إنه منذ سقوط الدكتاتور معمر القذافي في سنة 2011، غرقت ليبيا الغنية بالنفط في الفوضى والانقسامات، والصراع بين حكومة في طبرق، وحكومة أخرى في العاصمة طرابلس، وهو ما فسح المجال لتنظيم الدولة للتوسع بكل أريحية في عدة مناطق من ليبيا، والآن تستعد الدول الغربية لإطلاق تدخل عسكري ضده.
وذكرت الصحيفة أن أغلب من قابلتهم في الفرع البنكي في مصراتة رفضوا التحدث حول الأوضاع في سرت، خوفا من أعمال انتقامية يقوم بها التنظيم ضدهم.
وسجلت أن أحد مواطني سرت وافق على الحديث، وقال: "إن الناس يعيشون في خوف دائم من مسلحي تنظيم الدولة، لكن في المقابل فإن عدة أشياء من مظاهر الحياة اليومية تسير بشكل طبيعي تحت حكم التنظيم، مثل المدارس التي تقدم التعليم للأطفال بشكل منتظم".
كما ذكر هذا الرجل أنه "يطيل لحيته لأن عناصر التنظيم يفرضون ذلك على السكان، كما يجب أن يكون السروال (البنطال) طويلا بما يكفي ليصل إلى الكعبين بما تقتضيه الضوابط المتعلقة باللباس".
وأفاد أن "سكان سرت يخضعون للمراقبة المكثفة في عدة نقاط تفتيش في أرجاء المدينة، ويقوم عناصر التنظيم بالتجول في الشوارع ومراقبة التزام الناس بالتعليمات والقبض على من يدخن، أو التجار الذين لا يغلقون محلاتهم أثناء وقت الصلاة".
وبين هذا الرجل، الذي كان يعمل سابقا في خفر السواحل الليبي قبل سيطرة تنظيم الدولة على سرت، أن "تنظيم الدولة ينفذ العقوبات بطريقة علنية، حيث تتم معاقبة المتهمين بالشعوذة بالإعدام رميا بالرصاص وتهشيم الرأس بآلة حادة".
وأضاف أن "زوجته ووالديه في سرت لا يزالون يعيشون في ظروف مقبولة ويملكون ما يحتاجونه من المال، خاصة وأن والده مدرس متقاعد، والدولة الليبية رغم الانقسام وحالة الفوضى تواصل صرف الأجور للموظفين والمتقاعدين".
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس المخابرات الليبية، إسماعيل الشكري، المتواجد في مركز عمليات المخابرات العسكرية في مصراتة، يقلل من قدرات تنظيم الدولة، ويرجح أن تعداده لا يتجاوز ألفي مقاتل، فيما تقول مصادر غربية إن عددههم الحقيقي هو 5 آلاف.
وشهدت الأشهر الماضية انتقال عدد من قياديي التنظيم من معاقله في سوريا والعراق إلى ليبيا، استعدادا لتصعيد نشاطات التنظيم هناك.
وذكرت الصحيفة أن عدة مصادر في ليبيا أقرت بقدرة التنظيم على اجتذاب المقاتلين والعمال، حتى أن المهاجرين واللاجئين أصبحوا أيضا هدفا لعمليات الاستقطاب التي يقوم بها، سواء عبر التهديد بالسلاح، أو بالإغراء بالأجور المرتفعة التي يدفعها التنظيم، والتي تصل إلى ألفي دينار ليبيي شهريا، أي ما يعادل 600 يورو.
وقالت الصحيفة إن السكان ينظرون إلى كل هذه التطورات التي تعيشها ليبيا بكثير من القلق، وأغلب الناس لا يريدون شيئا غير السلام، بقطع النظر عن الصراعات السياسية والخاسرين والفائزين فيها.
كما نقلت الصحيفة عن مواطن آخر من سكان سرت كان متواجدا في البنك قوله "إنه يعيش في حالة خوف دائم على عائلته لأنهم يخشون من عنف تنظيم الدولة".
وأكد هذا الرجل الذي يعمل في شركة الكهرباء في المدينة، أن خدمات الكهرباء متوفرة بشكل عادي لأن التنظيم يحرص على توفير الخدمات للناس.