نشرت صحيفة ميديا بار الفرنسية تقريرا حول فصل طالبة فرنسية تدعى سارة من المدرسة الوطنية للتجارة في باريس؛ بسبب انتمائها الديني، خاصة أنها مسلمة محجبة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "
عربي21"، إن الطالبة المسلمة قررت رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية في باريس ضد المدرسة الوطنية للتجارة؛ وذلك للطعن في قرار فصلها؛ لأن الوضع القانوني لهذه المؤسسة غير واضح، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات ذات الصلة بالانتماء الديني.
وذكرت الصحيفة أنه خلال سنة 2014، قررت سارة، التي طلبت عدم الإفصاح عن اسمها الحقيقي، الالتحاق بالمدرسة الوطنية للتجارة في باريس، وقدمت ملفا يحتوي على الوثائق اللازمة للترسيم، من ضمنها صور هوية وهي ترتدي
الحجاب، إلا أن المسؤولين في الجامعة آنذاك لم يوجهوا أي ملاحظة للطالبة.
وأضافت الصحيفة أن سارة لطالما احترمت أثناء دراستها الثانوية قانون 15 آذار/ مارس سنة 2004، الذي يمنع ارتداء أي رمز من شأنه أن يعبر عن الانتماء الديني، وانتظرت بفارغ الصبر دخولها إلى الجامعة؛ حتى تتحرر من هذه القيود، وتتمكن من ممارسة قناعاتها بصفة عادية.
كما ركزت سارة خلال بحثها عن إحدى
الجامعات على اختيار الجامعة التي لن يمثل فيها الحجاب أي مشكلة، وقامت حتى بالاتصال بجمعية تهتم بمكافحة
الإسلاموفوبيا في
فرنسا؛ من أجل الاطلاع أكثر على القوانين والتشريعات الحالية في مجال التعليم العالي.
وبينت الصحيفة أنه في الثالث من أيلول/ سبتمبر، تم منع سارة من الدخول إلى المعهد؛ بسبب الحجاب، وطالبوها بالتخلي عنه؛ حتى تتمكن من مزاولة تعليمها في المؤسسة، ورغم المساعي الحثيثة التي قامت بها سارة من أجل التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف خلال لقائها مع مديرة المعهد، إلا أنها باءت جلّها بالفشل.
وتم إبلاغ الطالبة بأن "المدرسة الوطنية للتجارة" تندرج ضمن مؤسسات التعليم العمومي، وتخضع للقوانين التي تطبق على المدارس الثانوية، وبالتالي يخضع
الطلاب في تلك المؤسسة إلى المادّة إلـ"141-5-1" التي تنص على أنه "يمنع في المدارس الابتدائية والأساسية والثانوية العامة ارتداء الطلاب لعلامات أو ملابس من شأنها أن تدل بشكل علني وواضح على الانتماء الديني، وقبل تنفيذ أي إجراء تأديبي، يجب محاورة الطالب".
وأشارت الصحيفة إلى أن سارة رفضت قرار إقصائها من المؤسسة، وقامت بتقديم طعن إداري للمعهد في الخامس من أيلول/ سبتمبر سنة 2014، إلا أنه خلال ثلاثة أيام تم رفض هذا الطعن، وحينها توقفت سارة عن مزاولة تعليمها، وقدمت طلبين إلى المحكمة الإدارية؛ لوقف تنفيذ قرار إقصائها من المعهد، لكن المحكمة قضت برفضهما في وثيقة رسمية صدرت في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وأفادت الصحيفة بأن محامي سارة، سفيان قزقز، أكّد خلال جلسة الاستماع التي عقدت في الثاني من شباط/ فبراير سنة 2015، أن قانون 4 شباط/ فبراير 1953، رقم 53-49، والمادة الرابعة، بالإضافة إلى القرار الصادر في الرائد الرسمي بتاريخ 4 حزيران/ يونيو سنة 1957، الذي تأسست بموجبه المدرسة الوطنية للتجارة، لم تتضمن أي إشارة لمصطلح "معهد".
كما استند المحامي على إثباتات أخرى، مثل انخراط المؤسسة في الضمان الاجتماعي، وإمكانية تحصّل الطلاب على منحة التعليم العالي، بالإضافة إلى السن القانوني للالتحاق بمقاعد الدراسة، التي تؤكد أن هذه المؤسسة ليست "معهد" بالمعنى الدقيق للكلمة.
واعتبرت الصحيفة أن تعريف المؤسسة الموجود على موقعها الإلكتروني أزال اللبس حول المسألة، حيث اعتبر أن المدرسة الوطنية للتجارة هي "مدرسة ما بعد البكالوريا"، ودحض ستيفين قزقز هذه الحجة حينما أقر بأن المؤسسة لا تقدم الدروس داخل المعهد، بل هي مؤسسة تابعة للتعليم العالي، وبالتالي لا تخضع لقانون 15 آذار/ مارس سنة 2004.
إلا أن المدعي العام شدّد على أن المؤسسة هي عبارة عن معهد؛ نظرا لأنها تشمل الهياكل الموجودة داخل المعاهد الثانوية، مثل إدارة المعهد، والمجلس التأديبي ولجنة الصفوف، وبالتالي فهي ستصنف على هذا الأساس.
وذكرت الصحيفة أن محامي الطالبة سارة أكد خلال جلسة الاستماع أن قانون حظر ارتداء الرموز -التي من شأنها أن تبين الانتماء الديني للشخص- تطبق فقط على القاصرين، حتى تتم حمايتهم من أي تأثير خارجي، إلا أنه لا يوجد أي داع لمنع الطلاب الراشدين من التعبير عن انتمائهم الديني. فكان ردّ المدعي العام أنه لا بد من تطبيق القانون دون استثناء أي أحد.
وفي نهاية الجلسة، صرح محامي المدّعية بأن قرار المحكمة سيصدر في غضون 15 يوما، وأن القضاء على الأرجح سيتخذ قرارا ضد موكلته؛ نظرا "للعنصرية الممنهجة" الموجودة في فرنسا، وقال إن "المسألة أصبحت تتمحور حول كيفية ممارسة التمييز ضد فتاة، دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج المترتبة عن ذلك".
وفي الختام، بينت الصحيفة أن سارة اعتبرت ما حدث تمييزا عنصريا بحقها، ولم تستطع الالتحاق بأي مؤسسة أخرى؛ نظرا للكلفة الباهظة لبقية المؤسسات، حيث تم قبولها في المدرسة الوطنية للتجارة عن طريق منحة جامعية، حيث ترى أنها ستتمكن من ارتداء حجابها ومزاولة تعليمها في الوقت ذاته.