كتب عمرو حمزاوي: يصدر قرار بقانون يخضع الهيئات الرقابية والمستقلة لرأس السلطة التنفيذية عبر الترخيص له بتغيير رؤسائها/ قياداتها، ويلغي بذلك عملا الدور الرقابي والوضعية المستقلة لهذه الهيئات المنوط بها:
1) الحيلولة دون تغول السلطة التنفيذية على بقية السلطات العامة.
2) منع سوء استغلال المنصب العام والتمكين لمساءلة ومحاسبة شاغليه.
فإذا أضفنا إلى تركيز الصلاحيات والاختصاصات في يد رأس السلطة التنفيذية وإلى تغول السلطة التنفيذية وتهميشها للهيئات الرقابية والمستقلة طغيان الأجهزة الأمنية والاستخباراتية على بقية المؤسسات والأجهزة العامة، تصبح بنية نظام الحكم في مصر صريحة الطبيعة الفردية والطبيعة السلطوية.
فإذا أضفنا إلى الطبيعة الفردية للحكم وإلى طبيعته السلطوية تمريره المستمر خلال العامين الماضيين (منذ 3 يوليو 2013) للقوانين الاستثنائية والتعديلات القانونية الاستثنائية التي تعصف بسيادة القانون بمضامينها الجوهرية ذات الارتباط بقيمة للعدل والحق والحرية وبشروط التقاضي العادل التي تحول دون المظالم والانتهاكات والتمييز، نصبح في مصر في معية نظام حكم لا تعنيه حقوق الإنسان ولا الحريات ولا معاييرها المحلية التي استقرت وطنيا بتضحيات المصريات والمصريين، ولا معاييرها الدولية التي التزمت بها مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية منذ عقود من قريب أو من بعيد.
فإذا أضفنا إلى العصف بسيادة القانون وضرب عرض الحائط بمعايير حقوق الإنسان والحريات السيطرة الأحادية على المجال العام بمقايضاتها السلطوية المتواصلة (الخبز والأمن في مقابل العدل والعقل والحرية)، وبالتشويه المتصاعد للمغردين خارج سرب تبرير حكم الفرد والسلطوية ورافضي التورط في مكارثية تبرير الإرهاب والعنف المقابلة..
وإذا أضفنا أيضا التهجير المنظم للمواطن من المجال العام، عبر القوانين الاستثنائية والممارسات القمعية والتهديد الدائم بالقمع، حال معارضة نظام الحكم بسلمية، أو مجرد التسجيل العلني للاختلاف مع توجهاته وسياساته..
وإذا أضفنا أخيرا تحويل تناول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في المجال العام، إما إلى تهليل للمشروعات القومية العملاقة، أو إلى مسكوت عنه يخضع فقط لقاعدة "الصبر مفتاح الفرج"، نصبح أمام حالة استبدادية بامتياز، جمهوريتها هي جمهورية الخوف، وإن تذرعت زيفا بمقولات الوطنية المصرية، وإن أفادت من الإجرام الإرهابي، الذي لا يرتب سوى المزيد من القمع والقهر والابتعاد عن الحقوق والحريات وعن توازن السلطات العامة ويزج بنا هو الآخر إلى جمهوريته - جمهورية الحزن والدماء والدمار.