في محاضرة له في مؤتمر هرتسيليا السنوي قال وزير الدفاع
الإسرائيلي موشي يعلون: "إن
الصراع المذهبي بين
السنة والشيعة يزداد وإنه لم يعد هناك خطر على إسرائيل من العرب، فالجيوش العربية غير قادرة على غزو إسرائيل، كما أننا وجدنا حلا لمواجهة أدوات الإرهاب والصواريخ وإن لم يكن حلا مطلقا".
وأضاف: "لا أقدم جديدا هذا العام عندما أقول إن الأمر المستقر في الشرق الأوسط هو انعدام استقرار مزمن وهذا سيرافق الشرق الأوسط في السنوات المقبلة وليس معروفا إلى متى".
هذه التصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي تلخص الأزمة التي يواجهها العالم العربي والإسلامي اليوم والتي لم يعد بالإمكان تجاهلها أو التخفيف من آثارها وانعكاساتها الخطيرة.
وقد يكون صحيحا أن يعلون يريد طمأنة الإسرائيليين والتخفيف من قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين، وأنه يريد تسعير الصراع المذهبي في المنطقة، لكن علينا أن نعترف أن ما قاله يمثل نسبة كبيرة من الحقيقة.
ومع أننا نؤكد دائما أن الصراع في المنطقة هو صراع سياسي وعلى السلطة، لكن علينا أن نعترف أيضا أن البعد المذهبي للصراع يزداد وأن أطراف الصراع يستغلون البعد المذهبي في هذا الصراع.
وللأسف فخلال المؤتمر الذي عقدته هيئة العلماء المسلمين في لبنان والتي تضم حوالي 300 عالم من مختلف المناطق اللبنانية فقد ألقيت عدة كلمات من عدد من العلماء الذين اعتبروا: أن الخطر من إيران وحزب الله يتقدم على الخطر الإسرائيلي وأن المطلوب مواجهة خطر إيران اليوم.
وبالمقابل فإن إيران وحزب الله وحلفاؤهما أصبحوا غارقين في الصراع في عدد من دول المنطقة تحت عنوان "مواجهة الخطر التكفيري"، ومع أن قيادة الحزب تؤكد دوما أن الاستعداد لمواجهة العدو الصهيوني مستمر، لكن عمليا فإن الحزب يزداد انخراطا في صراعات المنطقة مما يجعل مواجهة العدو الصهيوني في مرحلة متأخرة.
إذن نحن أمام واقع مر وقاسي ولم يعد بالإمكان إخفاء الحقيقة، وكما يقول الأطباء: فإن معرفة الداء هي نصف الدواء، ولذا علينا اليوم أن نعترف بخطورة الصراع المذهبي والذي يتفاقم يوما بعد يوم وتنخرط فيه القوى والحركات الإسلامية والتي كانت ترفع دوما شعار الوحدة الاسلامية أو التقريب بين المذاهب الإسلامية.
وبالمقابل يعيش الكيان الصهيوني في وضع مستقر ومريح وهو لا يواجه مخاطر حقيقية في ظل استمرار الانقسام الفلسطيني وانشغال قوى المقاومة في صراعات المنطقة وضرب الجيوش العربية والدول الكبرى في المنطقة.
لكن السؤال الأهم: كيف يمكن أن نواجه هذه الأوضاع ؟ وهل يمكن وقف هذا الصراع القاتل والمميت وإعادة الأولوية للصراع مع العدو الصهيوني؟
طبعا لا يوجد جواب سريع وسهل على هذا السؤال المركزي في ظل عمق الأزمة وخطورتها واتساع الصراع ليشمل دولا ومناطق جديدة ليس آخرها اليمن وقد تمتد إلى دول أخرى في الخليج والعالم العربي والإسلامي.
وبالمقابل فإن وعي خطورة ما يجري والاطلاع على ما يقوله القادة الصهاينة وفي مقدمتهم وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعلون ومن خلال إدراك مخاطر استمرار الصراعات السياسية والمذهبية في المنطقة ، كل ذلك يجب ان يدفع قادة الحركات الإسلامية والعلماء والمفكرين والقيادات الحزبية للبحث بشكل جدي في كيفية التوصل إلى تسويات للأزمات القائمة ووقف القتال حتى لو تطلب ذلك تنازلات مؤلمة على صعيد السلطة وإدارة البلاد في أكثر من دولة عربية. ويجب أن يدرك الجميع أنه لا يستطيع أحد أن يحكم البلاد لوحده وأن المشاركة وتقاسم السلطة وتعزيز الديمقراطية وإعادة الحق لأصحابه، هذه القواعد الأساسية هي المدخل لحل أزمات المنطقة، والكل مسؤول عما يجري وعلينا أن نستيقظ من هذا الوهم الكبير بأننا قادرون على وقف عملية التغيير، وإلا فاننا سنظل غارقين في هذا الصراع المدمر لمائة سنة قادمة كما تحدث بعض القادة الغربيين والصهاينة.