نشرت صحيفة "لوموند" تقريرا حول الأحكام الأخيرة التي أصدرها القضاء
المصري في حق الرئيس المنتخب
محمد مرسي وقيادات إخوانية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها التقرير الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن أحكام
الإعدام تنم عن "قسوة غير مسبوقة في التعامل مع التنظيم منذ تأسيسه على يدي حسن البنا بالإسماعيلية سنة 1928".
وأشارت إلى أن الحكم على الرئيس محمد مرسي بالسجن لمدة 20 سنة في قضية متظاهري القصر الرئاسي (ديسمبر 2012)، أعطت أملا في تخفيف حدة القمع الذي يتعرض له الإخوان المسلمون من قبل النظام العسكري القائم في مصر، غير أن أحكام الإعدام الأخيرة قد أثبتت راديكالية الخط القضائي إزاء التنظيم الذي صُنف إرهابيا من قبل سلطات الانقلاب العسكري الذي أطاح به سنة 2013، وقتل ما لا يقل عن 800 من أنصاره، واعتقل قرابة 20 ألفا، ليصدر في حق المئات منهم أحكاما بالإعدام.
وأضافت أن هذا النظام القمعي يبدو أكثر قسوة من ذلك الذي سلطه
جمال عبدالناصر إثر اتهام مجموعة من المنتمين للإخوان المسلمين بالضلوع في محاولة اغتياله سنة 1954، حيث أطلق عبدالناصر سياسة استئصالية ضد التنظيم، معتقلا الآلاف منهم، ومعرضا إياهم لشتى ألوان التعذيب. غير أن التاريخ سجل بندرة تعرض قياديين من الإخوان للإعدام، على غرار سيد قطب الذي شنقه نظام عبدالناصر سنة 1966.
وفي هذا السياق؛ نوهت الصحيفة إلى اقتفاء عبدالفتاح
السيسي خطى عبدالناصر، غير أن نظامه فاق سياسة هذا الأخير قمعا، كما أفاد أشرف الشريف، المتخصص في العلوم السياسية، حيث إن عبدالناصر لم يقدم على تصنيف الإخوان المسلمين ضمن التنظيمات "الإرهابية"، وبادر بإحالتهم على محاكم عسكرية خاصة؛ عوضا عن عرضهم على القضاء المدني، وتعريضهم لإدانات علنية.
وأشارت الصحيفة إلى سنوات التسوية السياسية بين جماعة الإخوان والدولة المصرية إبان وصول حسني مبارك للسلطة سنة 1982، التي تلت سنوات من العداء بين الطرفين، وخاصة المؤسسة العسكرية التي حافظت على عدائها الدفين للجماعة.
وبحسب الشريف؛ فإنه لم تصدر أي إشارة إلى اعتزام التنظيم التراجع أو المصالحة، حيث إن قادته يواصلون إقامة المظاهرات المنادية بعودة الرئيس محمد مرسي باسم الشرعية في عديد الضواحي الشعبية بالقاهرة ومناطق مختلفة بالبلد، على الرغم من القمع العنيف الذي تمارسه قوى الأمن.
وقالت الصحيفة إن العنف الذي تمارسه الدولة قد ساهم في تصاعد الهجمات ضد الأمنيين والقضاة، والتي ينسبها النظام للإخوان المسلمين، "وإن أكد الخبراء على كونها ردود فعل فردية لمجموعات قادها الوضع الحالي للتطرف".
من جهته؛ أكد الشريف على "وعي النظام المصري بتداعيات السياسة القمعية، غير أنه يراها الأكثر فاعلية في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين. فقد تخير طريق العنف باسم الاستقرار على حساب الديمقراطية والتطبيع السياسي"، مما قاد إلى نتائج عكسية.
ونوهت "لوموند" إلى ندرة الآراء التي تعتقد بـ"موت التنظيم الذي نشأ على نهر النيل، ونجح في بسط تأثيره في المنطقة عبر فروع له، من قبيل حركة حماس في فلسطين، علاوة على دعم بعض الأنظمة له مثل تركيا وقطر"، الأمر الذي أكده الشريف، وإن نفى إمكانية عودة "الإخوان" للحكم في مصر.
وأشارت الصحيفة إلى رفض تنظيم الإخوان اللجوء للعنف السياسي، الذي من شأنه أن يفقدهم ثقة الرأي العام المحلي والدولي، محيلة على تخير إدارة المنفى لعرض القضية أمام المحاكم الدولية، وطرح هياكلها كبديل للجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة. مذكرة بأن "الجماعة كانت قد طلبت من مكتب محاماة لندني ووكالة اتصالات دولية؛ تمثيلها".
وقالت إن بإمكان "الإخوان" الاعتماد على دعم تركيا وقطر للدفع بقضيتهم، مقابل إمكانية تطور مواقف الدول المنتقدة لهم من قبيل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي قادت خلافة ولي العهد للملك المتوفى 23 كانون الثاني/ يناير المنصرم إلى تحول ملحوظ في سياساتها.
وتشير توجهات الملك سلمان، بحسب ما ذكرته الصحيفة، إلى "بوادر سياسة تبدو أكثر تصالحا مع الجماعة، إذ يسعى الملك سلمان للتقرب من الإخوان المسلمين باليمن تحسبا لتحالف محتمل ضد توسع الحوثيين الشيعة، في حين بادر رئيس حزب حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بالقدوم إلى الرياض لتقديم التعازي بوفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كانون الثاني/ يناير الماضي، علاوة على إمكانية إطلاق محادثات غير مباشرة مع حركة حماس".
وفي الختام، صرحت الصحيفة بصعوبة بمدى تأثير سياسات المملكة العربية السعودية على نظام السيسي، مشيرة إلى الفتور الذي بدأ يعتري العلاقة بين البلدين إثر انزعاج الرياض من إصرار هذا الأخير على ممارساته إزاء الجماعة، في حين أفاد أشرف الشريف بأن المملكة لم تصل بعد إلى حد المفاضلة بين إخوان اليمن، وبين مصر.