أكد تقرير حقوقي أن العام 2014، الذي تقاسم حكم
مصر فيه كل من الرئيس المؤقت عدلي
منصور، والمنتحب بعد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، شهد انتهاكات مروعة لحقوق الصحفيين والإعلاميين بمصر، بلغ عددها 674 حالة اعتداء عليهم، في وقت تزايدت فيه شكاوى الصحفيين والإعلاميين المعتقلين من تعرضهم لإساءة
المعاملة في محابسهم.
فقد قال مرصد "صحفيون ضد التعذيب" إنه قام برصد وتسجيل 674 انتهاكا ضد الصحفيين والإعلاميين في أنحاء مصر أثناء أداء عملهم خلال عام 2014، منها حالة قتل واحدة، و179 حالة منع للصحفيين من التغطية، و173 حالة احتجاز، و148 حالة تعد بالضرب.
وأكد المرصد في تقريره بعنوان: "الصحافة والإعلام في مهب الريح"، أن عام 2014 شهد 57 حالة تعد بالقول وبالتهديد للصحفيين، و3 حالات اقتحام مقرات، و4 حالات إغلاق لبرامج وقنوات وصحف، و13 حكما بالحبس.
وأضاف المرصد: "وزارة الداخلية كان لها النصيب الأكبر من حالات التعدي على الصحفيين بـ356 حالة"، مشيرا إلى أن الصحفيين والإعلاميين ما يزالون يواجهون الكثير من الصعوبات في ممارسة عملهم، ويتعرضون للانتهاكات من أطراف مختلفة.
وقال إن العام 2014 شهد أحداثًا مهمة طرأت على الساحة السياسية كان أبرزها إقامة الانتخابات الرئاسية، وانتقال السلطة من رئيس مؤقت إلى رئيس منتخب، إلا أن الصحفيين والإعلاميين لم يتغير وضعهم كثيرا، فما زالوا يتعرضون لانتهاكات لا تعد ولا تحصى من كل الجهات والأطراف في محيط الحدث على الرغم من أن الدستور ينص في المادة "70" على حرية الصحافة والطباعة والنشر.
وأضاف التقرير أن الصحفي أصبح مهددا في كل مكان، وتُفرض عليه قيود كثيرة في ممارسة واجبه بنقل الصورة الحقيقية للواقع، بالإضافة إلى منع وصوله للمعلومات بشكل طبيعي.
وكانت أبرز الانتهاكات التي تعرض لها
الصحفيون أثناء أداء عملهم في هذا العام وفقا للتقرير: المنع من التغطية، ومسح محتويات الكاميرا بعد التصوير، والتعرض للتوقيف، والاحتجاز دون وجه حق، والتعدي بالقول والضرب.
وكان توزيع الانتهاكات ضد الصحفيين وفقا لدرجات التوثيق كما يلي: 214 حالة كاملة التوثيق لدى المرصد، و449 حالة وفقا لجهات صحفية، و10 حالات وفقا لجهات رسمية، وحالة واحدة وفقا لجهات حقوقية.
ووفقا لنوع الانتهاك، كان أعلى عدد من حالات الانتهاك هو منع التغطية الصحفية (179)، ثم قبض واحتجاز (173)، وحالة تعد بالضرب (148).
وتنوعت الحالات بعد ذلك بين التحرش، والاعتداء داخل مقر الاحتجاز، والتعدي بالقول أو التهديد، والتفتيش المهين، واقتحام مقر، وإتلاف الممتلكات الخاصة، والمنع من التغطية الصحفية، وإغلاق القنوات والبرامج والصحف، والمنع من النشر، ومصادرة الجرائد، وغلق أو حصار مقر صحفي، وإتلاف معدات صحفية، وتحفظ على معدات صحفية، وتوقف مرتبات، وأحكام بالحبس، وفرض غرامة مالية، وإخلاء سبيل بكفالة مالية، وحالات تقاض، والفصل، والتحقيق الإداري، والمنع من السفر.
والأمر هكذا، طالب المرصد بالإفراج الفوري عن كل الصحفيين المحبوسين احتياطًا على خلفية تهم تتناقض مع طبيعة مهنة الصحفي، وحتمية تواجده بمسرح الواقعة، مع تقديم التعويض المناسب لهم عن فترة تقييد حريتهم.
كما طالب بتشكيل لجنة مستقلة من نقابة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، بحيث تتوفر لها صلاحيات جمع المعلومات وتقصي الحقيقة، مما يضمن تحقيق محايدا وشفافا بشأن وقائع القتل والتعدي على الصحفيين خلال الفترات الأخيرة.
وأوصى المرصد بأن يدخل ضمن اختصاصات اللجنة تقديم التعديلات التشريعية اللازمة لكفالة عدم الإفلات من العقوبة لكل من ينتهك حرية الصحافة والتعبير، وضمان عدم تكرار مثل تلك الانتهاكات مستقبلًا.
صحفيون أمام القضاء
إلى ذلك، أصدرت محكمة جنايات القاهرة الإثنين قرارا بتأجيل قضية صحفيّي شبكة "رصد" المعروفة إعلاميا بـ"غرفة عمليات رابعة" إلى جلسة 11 نيسان/ إبريل المقبل للنطق بالحكم، وهم: المراسل محـمد العادلي، وعبد الله الفخراني ومذيع بقناة أمجاد، وسامح مصطفى، وآخرون.
وكانت المحكمة نفسها قررت الأحد، تأجيل نظر ثالث جلسات محاكمة المصور أحمد جمال زيادة وآخرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث كلية التجارة بجامعة الأزهر".
كما قررت نيابة العجوزة الجزئية الأحد، تجديد حبس عضو نقابة الصحفيين ومراسل موقع "مصر الآن"، الصحفي محمد علي حسن، 15 يوما على ذمة التحقيق، بعد أن وجهت إليه 11 تهمة من بينها إذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، وعرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها.
سوء معاملة الصحفيين المعتقلين
على صعيد أوضاع الصحفيين المعتقلين بالسجون، أعربت أسرة الصحفي حسن القباني المعتقل منذ 24 كانون الثاني/ يناير الماضي في سجن العقرب شديد الحراسة، عن بالغ قلقها من سوء المعاملة التي يتعرض لها، التي اضطرته إلى بدء إضراب عن الطعام منذ الأربعاء 18 شباط/ فبراير الماضي.
وطالبت أسرته في بيان لها بالإفراج الفوري عنه، محملة وزير داخلية الانقلاب، والسلطات المصرية، مسؤولية سلامته.
وذكرت الأسرة أنها تقدمت بمذكرة إلى نقيب الصحفيين ضياء رشوان، بالتدخل العاجل من النقابة للإفراج عن القباني، وإيقاف الانتهاكات كافة بحقه، ونقله من السجن سيئ السمعة تمهيدا للإفراج عنه.
وكان القباني أخبر زوجته ومحاميه بأنه يتعرض لتضييق شديد بسجن العقرب؛ إذ لا يُسمح له بالتريض نهائيّا، ولا استخدام حقوقه كافة، بالإضافة إلى وجود حاجز زجاجي في أثناء الزيارة يحول دون التواصل مع ذويه.
كما تقدمت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" بشكوى عاجلة إلى فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي بالأمم المتحدة حول الاعتقال والاحتجاز التعسفي للقباني، مشيرة إلى ما تعرض له من الضرب الشديد والتعرية والصعق بالكهرباء بهدف انتزاع اعترافات تفيد بارتكابه جرائم لم يرتكبها، وبرغم إثبات التعذيب في محضر التحقيقات، وطلب المحامي عرض القباني على الطب الشرعي، إلا أن النيابة لم تأمر بتحويله للطب الشرعي، أو حتى بتقديم الرعاية الطبية اللازمة له.
وكانت النيابة وجهت للقباني تهم الاشتراك في جريمة تخابر لصالح دولة أجنبية، والإضرار بمركز مصر، والاشتراك في جريمة محاولة تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري بالقوة، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام.
وأصدرت النيابة أوامرها بتجديد حبس القباني 15 يوما على ذمة التحقيق في القضية، كما أمرت بنقله إلى سجن العقرب شديد الحراسة.
يُذكر أن المرصد المصري للحقوق والحريات وثق 92 حالة اعتقال لصحفيين منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، منهم 67 معتقلا لا يزالون بالسجون، علاوة على عقد ست محاكمات عسكرية للصحفيين في الأشهر التي تلت الانقلاب.