حذر عدد من
الكتاب المؤيدين للانقلاب العسكري، في الصحف
المصرية الصادرة الثلاثاء، من أن
فقراء مصر باتوا ضحية لمؤتمر
شرم الشيخ الاقتصادي الذي اختتم أعماله يوم الأحد الماضي، بعد ما شهد المؤتمر طرح مشروعات لا تعود عوائدها على هؤلاء الفقراء، وإنما على الأثرياء فقط.
الفقراء في شرم الشيخ
فقال الكاتب بجريدة الشروق محمد عصمت في مقاله بالجريدة بعنوان: "الفقراء فى شرم الشيخ": "رغم الانتصارات الاقتصادية والسياسية التى حققها مؤتمر شرم الشيخ، فإن هناك الكثير من الأسئلة الصعبة التى غابت عن فاعليات المؤتمر، والتى ربما يأتي في مقدمتها مدى انعكاس هذه المليارات على تحسين حياة الفقراء، ومحدوى الدخل في مصر، في ظل اقتصاد السوق الحرة الذي تبنته الحكومة صراحة، الذي يهدد بإعادة إنتاج دولة السادات ومبارك، بتكدس الثروة في أيدي نخبة اقتصادية صغيرة، على حساب الأغلبية الساحقة من المقهورين".
وأضاف: "قبل المؤتمر بعدة أيام، اتخذت الحكومة عدة إجراءات اقتصادية خطيرة، منها تخفيض الضرائب على ثروات رجال الأعمال والمستثمرين، وإصدار قانون الاستثمار المثير للجدل الذي يطيح بحقوق الضمان الاجتماعي للعمال، بالإضافة إلى قانون تحصين العقود، وهي الإجراءات التي تواكبت مع استمرار تنفيذ روشتة المؤسسات الاقتصادية الغربية برفع الدعم عن السلع الضرورية، والمضي قدما في سياسات الخصخصة، في ظل غياب تام عن دور الدولة الاجتماعي، وهي سياسات لا نستطيع في مصر تحمل فاتورتها لا اقتصاديا ولا سياسيا ولا أمنيا!".
واستطرد عصمت: "لا أريد إفساد فرحة المصريين بنجاح مؤتمر شرم الشيخ، ولا أريد أن أقول أيضا إن هناك بدائل غير رأسمالية يمكن إتباعها في مصر للقضاء على الفقر بشكل جاد وحقيقي، لكن من الصعب فهم تبني الرئيس
السيسي وحكومة محلب سياسات اقتصادية ليبرالية، وترجمتها إلى تشريعات وقوانين، دون أن يتخذوا خطوات جادة لبناء نظام ديمقراطي ليبرالي".
وأضاف: "ما يحدث الآن هو وضع العربة أمام الحصان، فحصول الفقراء على حقوقهم لن يتحقق إلا بمؤسسات حزبية وسياسية فاعلة ونشيطة، وهو ما نفتقده الآن لظروف تاريخية عدة".
واختتم بالقول: "مؤتمر شرم الشيخ بدون هذه الإصلاحات السياسية، التى تقع على عاتق الدولة، سيواجه مطبات صعبة لا يتوقع أحد في حكومتنا خطورتها حتى الآن".
عبارة تحتها مئة خط
وفي مقاله بجريدة "المصري اليوم" بعنوان: "عبارة تحتها مائة خط"، كتب سليمان جودة: "فيليب هاموند، وزير خارجية بريطانيا، كان واحدا من وزراء كثيرين، حضروا مؤتمر شرم، له مقال منشور له في صحيفة "الشرق الأوسط" الجمعة، أول أيام المؤتمر، وردت فيه عبارة تلخص بطبيعتها التحدي الأكبر، الذى سوف يكون علينا أن نواجهه، بعد انتهاء أعمال المؤتمر".
العبارة تقول: "وإن كانت التجربة الاقتصادية في مصر، في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، قد علمتنا شيئا، فذلك هو أن النجاح الاقتصادي الحقيقي، يعني توفير الفرص والوظائف لجميع المصريين".
وأضاف جودة: "إذا كان لعبارة الوزير البريطاني من معنى، فهو أن نجاح مؤتمر شرم، ليس في أيامه الثلاثة، ولا حتى في تحويل العقود، ومذكرات التفاهم التي جرى توقيعها، إلى فعل حي على الأرض، وإنما في شيء ثالث مختلف تماما، هو توفير الفرص والوظائف، لـ«كل» المصريين، وليس لـ«بعض» المصريين، فهذا ما يجب أن نكون على حذر منه، وهذا ما لا يجوز أن نقع فيه من جديد".
واختتم: "حين قرأت العبارة، تمنيت لو أنها جاءت على لسان مسؤول مصري، وهو ما لم يحدث، وأدهشني أن يكون هذا المعنى واصلا إلى لندن، وغائبا عنا، في القاهرة، فرأيت من واجبي، أن أشير إليه، وأضعه في برواز، وتحته مائة خط، لعلنا ننتبه إلى أن النجاح الاقتصادي الحقيقي له شروط".
التردد على شواطئ شرم
ومن جهته قال علاء الغطريفي في مقاله بجريدة "الوطن" تحت عنوان: "التردد على شواطئ شرم": "الحكومة الحالية تثبت يوما بعد يوم أنها حكومة الأغنياء، فحتى ضريبتهم التي قالت إنها تستهدف جمع المال من الأغنياء لصالح الاقتصاد ألغتها، ومن ثم إذا كانت هناك فرص من مؤتمرنا الاقتصادي، فمن الواجب أن تضع في اعتبارها الفقراء الذي لا يرون في برج في مدينة الشيخ زايد أملا، أو يرون في مول تجاري للماركات العالمية سببا "للمم، وأكل العيش".
واستطرد الغطريفي: "نطلب من حكومة شرم الشيخ أن تلقي بثقلها وراء شعبها، ولا تتعامل بمنطق "السبوبة" مع الاقتصاد المصري، لأن هذه فرصتنا الذهبية لكي ننجح ونستغل هذا الحضور دون أن يستغلنا هذا الحضور لنبدو كمن باع ملابسه ليسهر على النيل في أحد فنادق "الخمس نجوم".
وتابع: "المسئولية كبيرة، وما أنفقناه من جيوبنا، كدافعي ضرائب، كثير وما نراه من مساحات الترقّب والخوف لا يبعث على الارتياح".
وأضاف: "أرجو أن يفهم محلب ورجاله أنهم ليسوا مقاولي باطن في الدولة المصرية، بل هم أمناء على مستقبل شعب يقف وراء السلطة بشروط الكفاءة والتمثيل، تمثيل المصريين الذين تتجه أنظارهم إلى شرم الشيخ، ليس إلى الشواطئ بالطبع، بل بوصفها منطقة الإطلاق لآمال المستقبل".
واستطرد: "لذلك عليك يا محلب، وحوارييك في الدواوين؛ أن تفهموا أن الاقتصاد للفقراء، وليس للأغنياء، وشرم الشيخ هي محطة لجلب المنافع، ولذا عليك أن تتخلص من تردّدك، وتحسم اختيارك أنت والسلطة، حتى لا تكون سلطة مباركية تسحق الشعب بأرقام النمو المخادعة التي لا تتساقط ثمارها على الكادحين".
ماذا بعد زفاف المليارات
وقال أنور الهواري في مقاله، بجريدة "المصري اليوم"،: "ماذا بعد زفاف المليارات؟": "زفافُ المليارات شىء يسعدنا جميعا، لكن سداد هذه المليارات -في وقت السداد- في أجل قصير أو بعيد، سوف يشقينا جميعا، نحن لا نعرف، ولا نجد من يقول لنا -من السادة المسؤولين- كيف ومن أين سندبر الموارد اللازمة لسداد هذه الديون".
وتابع: "نجحنا في عقد المؤتمر الاقتصادي، لكن -حتى هذه اللحظة- لم ننجح في أن تكون عندنا رؤية اقتصادية: فنحن نترك البلد بأكمله يعج بمشاكله، ونذهب إلى مشروعات جديدة، في صحراوات جديدة، في مغامرات جديدة. نترك التعليم كما هو دون أن ندرس اقتصاديات التعليم الجديد الذى نتمناه. نترك الصحة كما هي دون أن ندرس اقتصاديات منظومة صحية جديدة، نترك شبكة الطرق كما هي تحصد أرواح المصريين على مدار الساعة، ونذهب لتأسيس طرق جديدة، نترك مرافق النقل العام والسكك الحديدية كما هي، ونهرب إلى كل ما من شأنه أن يزيد الاختناق".
واحتتم الهواري بالقول: "نُريد من مجلس الوزراء كتابا مفصلا موثقا بدقائق الاتفاقيات، لتعرض على الشعب، لأنه هو من سيدفع ما يترتب عليها من التزامات".