ملفات وتقارير

النحس والتناقضات يفسدان خطاب السيسي "السينمائي"

السيسي
وجه عبد الفتاح السيسي خطابا للشعب، مساء الأحد، كان واضحا أن مجهودا كبيرا بذل فيه لتوصيل رسائل محددة للمصريين عبر صورة وأداء سينمائي، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي سفن النظام.

وعلى مدار مدة الخطاب التي بلغت نحو 40 دقيقة، تناول السيسي قضايا محلية وخارجية، واستعرض "الإنجازات" التي حققها منذ توليه الرئاسة قبل سبعة أشهر، كما برر عددا من المواقف التي اتخذها مؤخرا، وكان آخرها قصف الطائرات المصرية أهدافا لتنظيم الدولة في ليبيا.

لكن قدرا كبيرا من سوء الحظ لازم السيسي، حيث انقطعت الكهرباء عن أجزاء واسعة من المحافظات أثناء حديثه عن حل أزمة الطاقة، ما جعل الكثيرمن المصريين يشعرون بالتناقض بين ما يقوله الرئيس في الأحاديث التلفزيونية وما يرونه على أرض الواقع، كما منع الملايين من متابعة الخطاب.

وسخر أحد النشطاء على "فيسبوك" قائلا: "يتلخص حال البلد في أن رئيسها عامل خطاب بيتكلم عن إنجازاته في سبعة أشهر والكهرباء قاطعة في عز الشتاء".

اتهامات للإخوان بقطع الكهرباء

وتحدث بعض الإعلاميين المؤيدين للانقلاب عن مؤامرة ضد السيسي من "عناصر مناهضة له داخل الحكومة" لتأليب المواطنين عليه.

وادعى الإعلامي أحمد موسى إن قطع الكهرباء أثناء خطاب السيسي هو من تدبير الإخوان، وطالب  خلال برنامجه على قناة صدى البلد، وزير الكهرباء بالتحقيق في الأمر، وفصل عناصر الجماعة الذين ما زالوا يعملون في أماكن حساسة في الوزارة، وفق زعمه.

وبعد ساعات من الخطاب الذي تعهد فيه السيسي بالإفراج عن النشطاء المحبوسين ظلما، قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد خمس سنوات وغرامة 100 ألف على بعض النشطاء، بينهم علاء عبد الفتاح، في قضية أحداث مجلس الشورى، بعد إدانتهم بالتظاهر دون تصريح.

وعلّق أستاذ السياسة في جامعة القاهرة، الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، على ذلك، قائلا: "إمبارح يقولك أنا عارف أن هناك شبابا مظلومين في السجن.. والنهارده علاء عبد الفتاح يأخد خمس سنوات بالسجن!!! الكذب يجري في دمه".

كما تناقض كلام السيسي مع قراره برفع أسعار السجائر بنسبة 50%، وهو ما أثار سخطا كبيرا في أوساط المصريين المدمنين على التدخين.

وأعلن السيسي أن هذا الخطاب سيتكرر بشكل دوري كل شهر، حتى تكون هناك صلة بينه وبين الشعب، على حد قوله.

انتقادات للخطاب "السينمائي"

وفي سابقة غير معهودة في أي مكان في العالم، احتوى خطاب السيسي على فواصل إعلانية، بلغ عددها سبعة فواصل، كما تضمن موسيقى تصويرية في بعض أجزائه، كما قام السيسي بأداء حركات تمثيلية متفق عليها مسبقا مع المخرج، مثل تناول بعض الأوراق من فوق الطاولة، وقراءة ما فيها ثم إعادتها مرة أخرى، ومتابعة الحديث، في أداء بدا للكثيرين مصطنعا وغير مقنع.

كما تعمد المخرج التركيز في بعض اللقطات على قبضة السيسي المضمومة أو العلم من ورائه، حينما يتحدث عن القوات المسلحة والثأر لأبناء الوطن، أو التركيز على الأزهار التي أمامه حينما يتحدث عن الشباب والمستقبل.

وعقب انتهاء الخطاب، وجّه العديد من الإعلاميين المؤيدين للانقلاب انتقادات كثيرة للنواحي الفنية التي تضمنها، حيث انتقد عمرو أديب طريقة إخراج الخطاب.

وقال أديب خلال برنامجه على قناة "اليوم"، إن المخرج أضاف العديد من "المحسنات البديعية" للصورة السينمائية، مثل التصوير من زوايا غريبة، والتركيز على وجه السيسي ويديه وعينيه، بما لا يلائم خطابا يوجهه رئيس جمهورية للشعب.

وانتقد وجود موسيقى تصويرية في خلفية الخطاب، ما جعله أشبه بالعمل الفني، وليس خطابا سياسيا رسميا، مضيفا أن هذه العيوب الكبيرة يجب تداركها في الخطابات المقبلة، حتى تظهر أكثر رصانة وجدية.

أما الإعلامية أماني الخياط، فقالت إن هناك العديد من الأخطاء الفادحة فى إخراج وتصوير الخطاب كان من أهمها المونتاج السيئ الذي جعل النقلات بين المشاهد سريعة للغاية، "بشكل سبب ارتباكا للمشاهدين".

وأضافت الخياط خلال برنامجها على قناة "القاهرة والناس" أن زوايا الكاميرا كانت خاطئة، ما جعل السيسي يبدو لا ينظر إلى المشاهدين في العديد من اللقطات، وبالتالي افتقد التواصل المباشر مع المشاهد. 

وطالبت الرئاسة بتدارك هذه الأخطاء، لعدم تكرار "فضيحة السلام الوطني الروسي خلال زيارة بوتين الأخيرة لمصر". 

فيما قال الإعلامي معتز مطر، إن استخدام أكثر من كاميرا في تصوير الخطاب كان بهدف إلى تسهيل المونتاج، مضيفا أن "الخطاب اتهرى مونتاج".