كتاب عربي 21

لماذا أكره القطط وأتعاطف مع الفئران

1300x600
تم الإعلان عن تأسيس جمعية للعناية بالقطط ورعايتها في دولة قطر، وقام بذلك بعض العلوج والطراطير وجيرانهم من عدد من الدول الأوربية، وبادئ ذي بدء أعلن أنني أكره القطط، وبصراحة أكثر فإنني أخاف من القطط، أي عندي فوبيا (رهاب) القطط، وأهون على قلبي أن أجلس في غرفة مظلمة مع رزان المغربي وفاروق الفيشاوي وأنا استمع إلى شعبان عبد الرحيم، من أن تستفرد بي قطة، والسبب الآخر لكراهيتي للقطط هو أنها تعادي الفئران، وهناك فأران أكن لهما احتراما شديدا، هما جيري صاحب القط توم، والذي ياما اسعدني ببهدلة توم ومرمطته، وميكي ماوس، فأر ديزني الشهير، الذي صارت له إمبراطورية تدر مليارات الدولارات.

وفوق هذا كله فإن القطط تحسب ان الله خلق بني البشر كي يكونوا في خدمتها، كما أنها كائنات كسولة تمشي نحو عشر خطوات ثم تتمدد وتنام، والقطط التي في منطقة الخليج حيث أقيم منذ انتهاء حرب البسوس، تعاني من مرض النوم بسبب إدمان المكبوس الذي يسمى أيضا الكبسة (والجواب من عنوانه فشيء اسمه مشتق من الكبس لابد وأن يسبب الهمود، وقد كتبت في صحف الخليج حتى جف حبر قلمي منبها الى ان الكبسة تلك لا تقل ضررا عن التدخين لأنها مشبعة بالشحوم والكوليسترول والكيروسين وثاني أوكسيد الديتول) وتصب كل عائلة خليجية من الكبسة يوميا نحو خمسة كيلوغرامات مربعة في مقالب القمامة، ومن ثم فلا غرابة إذا كانت قطط الخليج تعاني من البدانة وخشونة وتأكل مفاصل الرُّكبة.

 ثم ان الإنسان العربي بطبعه يتعاطف مع الفئران، بسبب القواسم المشتركة معها، فالعربي مبرمج بحيث يحمل بعض خصائص الفئران ليعيش في هلع دائم من المداهمات والغدر من قبل القطط السمان البشرية، التي تتفوق على القطط الحيوانية بكونها نباتية ولحمنجية في نفس الوقت، بل ولها استعداد لأكل الزلط لتحقيق مصالحها، ومع هذا فإن مشهد القطط وهي مقتولة هرسا في الشوارع يؤلمني كثيرا، ومن ثم فإنني أرحب بالجمعية على أمل ان تجمع القطط الضالة التي تقتحم بيتي بدون استئذان، وتوفر لها ملاذا آمنا.

والحقيقة أن تكاثر القطط الضالة في المدن العربية، يفضح خيبتنا نحن الرجال، ويكشف إلى أي مدى صرنا شخشيخات ودمى في أيدي زوجاتنا، فلو كان كل رجل منا يذبح قطة امام زوجته فور عقد القران وكتب الكتاب، لما أصبح متوسط دخل برميل القمامة من الثروة القططية نحو عشرة قطط!!

كان آباؤنا وأجدادنا يذبحون القطة بأيديهم العارية دون الحاجة إلى سكين، ومن ثم كانت امهاتنا وجدَّاتنا يمشين على العجين دون ان "يلخبطنه"!

وقيام جمعية لحماية القطط في دولة عربية دليل على ان العولمة "وصلت"، وبعد بضعة اشهر سنسمع عن جمعية لحماية الضب، وسيصبح اخراج الضب من جحره بضخ الغاز الصادر من عادم السيارة في الجحر، (وهي الطريقة المتبعة في الجزيرة العربية لصيد الضب) جريمة تماثل الشروع في القتل، وليس من المستبعد ان يتم إشهار جمعية للدفاع عن حقوق الصراصير في عدن، والعقارب في نواكشوط، بل، وبما أن سنغافورة هي المثال الذي تحتذي به العديد من الدول في مجال التنمية الاقتصادية الصاروخية، فقد يصل بنا الحال الى انشاء جمعية اصدقاء دورات المياه، وتنظِّم سنغافورة سنويا "المؤتمر العالمي للمراحيض"، ولكنني لا أعرف ولا أريد أن أعرف ما هو نوع الحوار الذي يدور في مثل ذلك المؤتمر؟ أي نوع من الملابس سيرتدي أولئك المشاركون في المؤتمر؟

هل يضعون أمام كل مشارك رول من ورق التواليت؟ فمثل هذه الاشياء لا تهمنا، فما زال نصف سكان العالم العربي لا يعرفون ما هي دورات المياه، بل لا يعرفون ما هي "المياه"!! ثم ان الحديث عن مثل تلك الاشياء لا يختلف كثيرا عن برامج هالة سرحان التي تحدثنا فيها عن خصوصياتنا داخل غرف النوم، وكأنما عاش بنو العرب في جهل بالعلاقات الزوجية قبل تسللها إلى شبكات المجاري الفضائية
ونحن في العالم العربي لسنا بحاجة الى منابر نبحث فيها قضايا دورة المياه، بل مؤتمرات حول الدورة الدموية، فكثيرون منا جف الدم في عروقهم من شدة الفقر أو شدة الخوف: الخوف من تلك الفئة التي "ما عندها دم"، الخوف الذي جعل معظم بلداننا تعاني انقطاع الطمث، ومن ثم العقم، فلم تعد تلد النجباء والصناديد وذوي العقول الراجحة!

فتسيد الساحات أشخاص عصاميون في جهلهم، وشرسون في ممارسة جهالتهم، ولكن الفئران صارت شيئا فشيئا في جسارة "جيري" في مواجهة "توم". أما رأيت كيف قضى "الجرذان" على معمر الجزافي الذي لم يصدق أن هناك في ليبيا من يستطيع أن يتطاول عليه وهو القط البري المفترس فطفق يسأل من أسماهم "الجرذان": من أنتم؟