لا يركض الشاب الفلسطيني معتز سكر، نحو نافذة غرفته لينعم بجمال السماء الماطرة، وما تحمله من غيوم، كما كان يفعل في كل مرة تسقط فيها قطرات
المطر.
فأمام سكر (23 عاما)، مهمة عاجلة، تتمثل في إعادة تثبيت الرقائق البلاستيكية (نايلون)، والأقمشة القديمة، على نوافذ غرف المنزل المحطّمة بفعل القصف الإسرائيلي، خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وتسببت الرياح والأمطار الغزيرة التي تساقطت صباح اليوم، بنزع، تلك الرقائق والأقمشة، ما أدى إلى تدفق المياه إلى داخل المنزل.
ويقول سكر، لوكالة الأناضول، إن أول سقوط للمطر، نكأ جراحهم، وكشف معاناتهم بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة وما خلفته من
دمار.
وأضاف:" هذا ما كنا نخشاه، أن يبدأ المطر، قبل الإعمار، نحن أمام كارثة كبيرة، هذا الصباح انهمر المطر، وانكشف كل ما أحكمنا به إغلاق المنازل".
ويصرخ الخمسيني محمد المغني، على أولاده وهو يحاول منع تدفق مياه الأمطار التي غمرت الشوارع المحيطة بمنزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وأضاف لوكالة الأناضول وهو يزيح بدلو كميات المياه المتدفقة، إنّ المطر يشكل وجعا جديدا بُضاف إلى آلامهم.
وتابع:" بيتي مدمر، ولم أتمكن من ترميمه حتى اللحظة، واليوم أمطرت السماء، وأغرقت المياه الكثير من أجزاء المنزل".
ولن تتمكن مروة حسنين، (45 عاما)، والأم لخمسة صغار، من إعداد الفطائر الساخنة التي يحب أطفالها تناولها في الأجواء الماطرة.
إذ ستنشغل كما تقول لوكالة الأناضول، في منع دخول المطر إلى منزلها، وإحكام إغلاق النوافذ المدمرة بفعل الحرب، وسد تشققات غرف المنازل.
وتتابع:" للأسف، المطر يعني الدفء، ولم شمل العائلة، في أجواء حميمية، لكن في قطاع غزة، وتحديدا للذين تعرضت منازلهم للتدمير، وجع وكارثة".
وأدى تساقط الأمطار اليوم، إلى تكدّس "مياه الأمطار" في شوارع قطاع غزة، وتجمعها في الساحات المنخفضة، واختلاطها بمياه الصرف الصحي.
ودمرّت الحرب التي شنتها إسرائيل في السابع من يوليو/تموز الماضي، البنية التحتية لقطاع غزة، حيث تم تدمير العديد من شبكات الصرف الصحي و شبكات الطرق، وآبار المياه.
وبحسب إحصائيات فلسطينية، فقد تجاوزت الخسائر الاقتصادية الإجمالية المباشرة وغير المباشرة في المباني والبنية التحتية وخسائر الاقتصاد بكافة قطاعاته في قطاع غزة، 5 مليار دولار تقريبا.
ويتساءل الفلسطيني عمر عبد الكريم (39 عاما)، عن وعود الإعمار، في ظل ما يشهده قطاع غزة من أمطار غزيرة.
ويُضيف بصوت غاضب:" أين الإعمار، كل ما نسمعه فقط أرقام، ووعود، نحن أمام كارثة كبيرة، المياه غمرت بيوتنا، ووسائل الإعلام تتحدث عن منخفض، بنية غزة غير قادرة على تحمل المنخفضات في الوضع الطبيعي، فكيف الحال أمام الحرب التي دمرت كل شيء".
وكان مؤتمر اعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة الأحد الماضي، قد جمع مبلغ 5.4 مليار دولار نصفها خصص لإعمار غزة فيما خصص الجزء المتبقي لتلبية احتياجات الفلسطينيين.
ودمرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة نحو 9 آلاف منزل بشكل كامل، و8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
ووفقا للأرصاد الجوية الفلسطينية، فإن منخفضا جويا، مصحوبا بأمطار رعدية، يضرب الأراضي الفلسطينية، بدءا من الأسبوع الحالي وحتى منتصفه.
ومن تشرد إلى آخر، تتلخص حكاية أهالي قطاع غزة كما تقول هدى إسماعيل (53 عاما)، لوكالة الأناضول.
وتُضيف:" المنخفض يشردنا، والحرب تفعل كذلك، حياتنا كلها باتت ضمن دائرة القلق والكارثة، بدلا أن نفرح بالمطر، بتنا نخشى ولو قطرات قليلة منه".
وتعرض قطاع غزة في فصل الشتاء العام الماضي (ديسمبر/كانون أول) لمنخفض جوي قطبي عميق تسبب في أضرار كبيرة في البنية التحتية الهشة أصلا بفعل الحصار وأغرق أحياء سكنية كاملة ما أدى لتشرد آلاف العائلات.
وقدرت حكومة غزة السابقة آنذاك الخسائر المادية المباشرة للمنخفض بـ 64 مليون دولار.