أطلق
ملتقى الأديان والثقافات في
لبنان وثيقة دعم
السلم الأهلي والحوار ورفض العنف بحضور حشد من الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية وممثلين عن الأحزاب.
وتلا الشيخ القاضي محمد أبو زيد نص مسودة الوثيقة، حيث دعا إلى "سلام الأديان على قاعدة احترام التنوع الديني"، معتبراً الأعمال العدوانية على مقدسات أي فئة ورموزها "عدوانا على الجميع".
وأعلن أبو زيد رفضه استغلال الدين والمذهب في النزاعات السياسية بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة، بالإضافة إلى رفض نزعة الاحتواء السياسي للمذاهب الدينية وطوائفه، ورأى في استبداد بعض الحكومات وتخليها عن قضايا التنمية والاستقلال والحوار والتحرر والعدالة الاجتماعية عوامل من شأنها "تعزيز منطق التطرف بجميع ألوانه، خصوصا التطرف الديني".
وشدد على أنّ "ممارسة الإساءة والكراهية تجاه المسلمين في الغرب فضلا عن سياسات الغرب المتحيزة في الكثير من الأحيان، ظاهرة سلبية تنتج المزيد من عواقب التطرف والتطرف المضاد".
ودان الملتقى فوضى الفتاوى المحرضة على تأجيج الفتنة بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة والتي يمكن أن تنعكس على أبناء الطوائف الأخرى، حيث رأى فيها خطرا على وحدة الأمة واستقرارها وأمنها، كما رأى أن الصراعات والصدامات الراهنة في العالم العربي والإسلامي لا علاقة لها بمذاهب السنة والشيعة، داعيا إلى وقف الاتهامات المتبادلة.
وأهاب بالعلماء ورجال الدين العمل على تطوير الخطاب الديني في ضوء المقاصد الأخلاقية، ونبذ أي حركة أو مشروع تستخدم العنف الديني أو تحرض عليه بتسويقه أو تبريره.
ودعا الملتقى جميع جمعيات المجتمع المدني وهيئاته ومنظماته ومؤسسات الحوار المسيحي المسيحي والإسلامي الإسلامي إلى إعداد خطة طوارئ دينية ومدنية تعمل على إطفاء الفتن الدينية والأهلية، وتوحيد الموقف من ظاهرة العنف باسم المقدس ومعالجتها.
كما دعا وسائل الإعلام المختلفة إلى احترام الأديان ورموزها ومقدساتها وتحمل المسؤولية الكاملة في الدفاع عن الوئام الديني والاهتمام ببرامج التسامح والحوار ومجانبة التحريض المباشر وغير المباشر على الصراعات العرقية والدينية.
وكان قد ألقى كلمة الملتقى "السيد" علي فضل الله وجاء فيها: "نريد الحوار مدخلا أساسيا لحل خلافاتنا ومشكلاتنا، انطلاقا مما يؤسس له من قواسم مشتركة، إن لم تكن دينية فهي قواسم إنسانية وإننا أحوج ما نكون في هذا الفترة إلى استعادة هذا القيمة الكبرى للحوار بعدما بلغ العنف في منطقتنا حده الأقصى".
أضاف "نريد أن يكون البلد الذي يحمي نفسه بالوعي الذي يتمتع بع الكثير من اللبنانيين، سواء العاملون في المؤسسات والجمعيات الأهلية أو المستقلون، نريده أن يكون البلد الذي يحصن نفسه بالقيم الروحية والأخلاقية، التي تدعو إلى المحبة والسلام، وتشدد على مد جسور التواصل والرحمة، واعتماد لغة الحوار للحفاظ على استقرار الحياة ومعالجة الخلافات".
وقال فضل الله: "نحن لا ندعي أن هذا الوثيقة جديدة على هذه المؤسسات، فهي تنضم إلى كل الوثائق والجهود المبذولة في هذا المجال، لتكون صوتا ينضم إلى بقية الأصوات، لتصبح أكثر قوة، في مقابل أبواق دعاة الإنقسام والتفرقة، ولتكون سبيلا لإعادة تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني".
وختم فضل الله: "لا خيار لنا إلا العمل على إغلاق أبواب الفتنة من أي جهة صدرت، ومواجهة أدواتها الشريرة، حفاظا لشعبنا وحماية لوحدتنا وصونا لوطننا".
بدوره، ألقى الأمين العام لاتحاد المحامين العرب عمر زين كلمة قال فيها: "إنّ أخطر ما تتعرض له مجتمعاتنا اليوم بعد الصراع العربي الإسرائيلي، هي الفتن التي تؤججها نزعات التطرف والتعصب الديني، وخطابات الحقد والعنف بكل مستوياته وأشكاله، وإلغاء مساحات الحوار بكل صوره، ما يجعل هذا الخطر أشد وأدهى على المستقبل والمصير من الخطر الخارجي".
واعتبر أن طريق الخلاص الوطني والقومي يمر عبر "التفكير في الحاضر كما المستقبل لأن هذا الأمر يفرضه بداهة العمل القومي والوطني ولنكون أهل لمواجهة التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية، قيام ميثاق تعاون بين مختلف بنى المجتمع المدني، إلتزام المرجعيات الدينية بدرجة عالية من الالتزام الإيماني الإنساني والثقافة العميقة".
وتابع: "مراجعة كل برامج التربية المدرسية والجامعية، توعية الشباب حول أهمية الدولة المدنية التي لا تنبذ الدين ولكن تفصله عن الحكم، توقف المراجع الدينية عن استعمال الدين والانتماء الطائفي كأداة لحشد التأييد لتوجهات السلطة السياسية، تشريع قوانين تحقق لكل مواطن حقه، إحياء معاني التعريفات الفردية والجماعية".
من جهته، ألقى الشيخ سامي أبو المنى كلمة المؤسسات التربوية شدد فيها على "أهمية إطلاق مبادرات حوارية التي تشكل عاملا أساسيا في مواجهة المؤامرات"، معتبرا أن "التربية المدماك الأول والأساس في بناء مجتمع سلام".
بدوره قال وجيه فانوس اتحاد الكتاب اللبنانيين في كلمة ألقاها: "ما نعيشه اليوم دليل على بربرية إنسانية وليس دينية"، محملا "الأمة مسؤولية ما نحن فيه".
وشدد فانوس عل رفض استغلال الدين والمذهب في النزاعات السياسية، متسائلا: "كيف لنا أن نمنع استغلال الدين والمذهب وهما المفتاح إلى العامل السياسي في لبنان".
وعقب الكلمات دار حوار اشتمل على العديد من المداخلات بينها مداخلة للعميد المتقاعد أمين حطيط حيث اقترح الإشارة في الوثيقة إلى "خطورة التدخل الأجنبي في تأجيج الفتن".