ملفات وتقارير

جوع قسري وصيام بلا إفطار.. كيف يقضي الصائمون بغزة يومهم في رمضان؟

حياة مأساوية يعشها سكان قطاع غزة خلال شهر رمضان- الأناضول
لا يختلف الأمر كثير خلال شهر رمضان المبارك مع النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة سوى أن الأمر ازداد سوءا وتفاقمت الصعوبات لتوفير الاحتياجات اليومية من طعام وشراب ومياه وغاز للطهي وغيرها من مستلزمات الحياة الأساسية، ولم لا، والنازحون قد بدأوا صيامهم منذ قرابة الستة أشهر بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية المدمرة المتواصلة على قطاع غزة.

العائلات النازحة تكافح خلال شهر الصيام لمواجهة النقص الحاد في المياه والمواد الغذائية، بسبب استمرار الحرب والقيود الإسرائيلية التي منعت دخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمساعدات الإغاثية والطبية.

ويعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني في ظروف معيشية وإنسانية صعبة للغاية بعد تفاقم أزمتي الجوع والعطش ولا سيما شمال قطاع غزة، ما تسبب في وفاة أطفال ومسنين.




ظروف معقدة
ويشير الشاب النازح إلى المحافظة الوسطى وسام الديب، إلى الصعوبات التي تواجههم في شهر الصوم من أجل توفير الطعام والشراب والماء اللازم لطهي الطعام والشرب.

وكان الديب وعائلته قد نزحوا قبل أشهر من حي الشجاعية شرق مدينة غزة تحت وطأة القصف الإسرائيلي العنيف الذي خلَّف عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقاً لبيانات فلسطينية وأممية.

ويواجه الديب وعائلته ظروفاً صعبة ومعقدة للغاية في مكان النزوح الحالي بمدينة دير البلح (وسط القطاع) والذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة من فراش وأغطية كافية وتجهيزات.

ويقول: "أحلى أيام السنة كانت في شهر رمضان المبارك، لكن هذه السنة جاء رمضان ونحن نازحون من منازلنا ونعاني معاناة شديدة في كل تفاصيل حياتنا، الأكل والمياه وتوفير بقية المستلزمات".

ويضيف أن العائلة تعاني كثيرا في توفير الطعام والشراب والماء، وتلجأ إلى التكية لتوفير وجبة الإفطار، خاصة أن العائلة تفتقر إلى دخل شهري يساعدها على توفير احتياجاتها الأساسية.

ويعد الحصول على الطعام من التكية أمرا صعبا للغاية ويحتاج إلى الوقوف في طابور طويل جدًا، وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً.

ويقول الشاب صاحب الجسد النحيل: "فطورنا اليوم من التكية، لا أدري ماذا سنأكل لكن بجميع الأحوال لا يوجد لدينا خيار آخر".

ويتابع: "لو أغلقت التكية أبوابها فلن أجد ما أطعم به عائلتي. أنا نازح منذ خمسة أشهر ولا أملك حالياً أي أموال".




ارتفاع رهيب بالأسعار
ويشكو الشاب العاطل عن العمل من الارتفاع الرهيب في الأسعار وخاصة المستلزمات الأساسية والطعام، ما تسبب في خلق ظروف اجتماعية معقدة ومشاكل أسرية وعائلية.

ولا تقتصر المعاناة على توفير وجبات الفطور والسحور بحسب الديب، بل إنها تمتد إلى توفير مياه الشرب، حيث إنه يضطر يوميًا للوقوف ساعتين تقريباً في طابور لتعبئة غالون ماء واحد (نحو 4 ألتار).

وكذلك يحتاج الديب إلى وقت مماثل لتعبئة غالونات المياه المالحة المخصصة للاستخدامات الأخرى كالتغسيل والجلي والاستحمام.

ويضيف: "المياه الخاصة بغسل الملابس وتنظيف الأواني والاستحمام نحصل عليها بمعاناة كبيرة، ولكنها أقل من معاناة الحصول على المياه الصالحة للشرب التي تتطلب الوقوف بطابور طويل يستمر لساعتين إلى ثلاث ساعات في أحسن الأحوال".

ويوضح الديب أن مهمة البحث عن الحطب اللازم لإشعال النار مهمة أخرى لكنها ليست يومية، في ظل فشل كل محاولاتهم للحصول على غاز الطهي.




ويستخدم أهالي قطاع غزة الأخشاب والحطب والكرتون بإشعال النار لتجهيز الطعام وتسخين المياه، والاستخدامات اليومية في ظل شح غاز الطهي وسماح سلطات الاحتلال بإدخال عدد محدود جدا من الشاحنات لا يلبي احتياجات السكان.

وجراء الحرب وقيود إسرائيلية فقد بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره "إسرائيل" منذ 17 عاما.

وحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل إسرائيل" حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" في حق الفلسطينيين.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.