أثار مقال في صحيفة
جويش كرونيكل اليهودية غضب "مجلس
المندوبين لليهود البريطانيين"، ممثل اليهود الأبرز في
بريطانيا، وذلك على
خلفية مسيرة دعت إليها منظمة يهودية "ضد
معاداة السامية" في لندن الأحد
الماضي.
وقدرت صحف بريطانية عدد المشاركين بما بين 50 و60 ألفا، ووصفتها
بأنها أضخم مظاهرة مؤيدة لليهود منذ عام 1936. وشارك في المسيرة سياسيون بارزون مثل رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، وممثلون، إضافة إلى شخصيات لها تاريخ في العنصرية وحتى معاداة السامية.
ورفع العديد من المشاركين الأعلام
الإسرائيلية، في حين نشر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات
فيديو قالوا إنها تظهر هتافات "نازية" من مؤيدين لـ"إسرائيل" في المسيرة.
وجاءت المسيرة في أعقاب سلسلة من المظاهرات
الضخمة لمؤيدي فلسطين في لندن على مدى الأسابيع الماضية.
وتحت عنوان "عندما طُلب من اليهود أن يبقوا في منازلهم..
هناك سابقة لبقاء مجلس المندوبين بعيدا عن حشود إظهار التضامن"، قال الحاخام جوناثان
رومين، المشرف على كنيس مدينة "ميدينهيد" (Maidenhead):
"لقد كان صداما غير عادي بين القيادة اليهودية والجمهور اليهودي".
وأضاف: "عندما انطلقت
مسيرات معاداة السامية في
لندن ومناطق أخرى، مجلس المندوبين، الجسم الممثل ليهود بريطانيا، أبلغ أعضاءه بعدم
الرد بل البقاء في المنزل". ويشير رومين إلى المظاهرات المؤيدة لفلسطين والتي
تطالب بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، ويزعم مؤيدو "إسرائيل" أنها تحمل شعارات معادية
للسامية ولليهود.
وينقل رومين عن المجلس قوله قبل المسيرة: "لا
نريد أن يُنظر إلينا كمخلّين بالنظام العام أو عدوانيين (..)، ولا نريد كذلك أن
نفعل أي شيء قد يعرقل السلام، وبالتأكيد أي شيء قد يدخلنا في اشتباك مع الشرطة.. أبقوا
رؤوسكم منخفضة وتجاهلوا معاداة السامية"، بحسب ما جاء في المقال.
لكن "اليهود العاديين شعروا بشكل مختلف"، كما
يقول رومين، وقرروا "عدم الاختباء، والوقوف للدفاع عن أنفسنا"، معتبرا
أن اليهود "تجاهلوا المجلس ونظموا مظاهرتهم الخاصة، وحصلوا على تجاوب ضخم من
أقرانهم اليهود بينما شارك لندنيون من غير اليهود أيضا".
وتساءل رومين: "لماذا لم ينظم المجلس المسيرة في
المقام الأول؟ ولماذا لم يدعم بداية حملة مناهضة معاداة السامية (الداعية للمسيرة)
التي ملأت الفراغ؟".
من جانبه رد مجلس المندوبين عبر حسابه على منصة إكس
قائلا: "المقال ليس فقط مسيئا، ولكنه أيضا غير دقيق"، مضيفا أن المجلس
روّج للمسيرة عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي وموقعه الإلكتروني، وشارك مسؤولوه في الاجتماعات الخاصة بتنظيم المسيرة.
وقال المجلس الاثنين: "للأسف
العميق أن جويش كرونيكل تبدو كأنها تستخدم مسيرة أمس، وهي كانت رمزا مذهلا للوحدة،
لمحاولة الهجوم على مجلس المندوبين مرة أخرى، وتشجيع الانقسام الداخلي في وقت أحوج
ما نكون فيه إلى التوافق".
وأضاف: "نأمل أن الصحيفة
ستفكر بشكل أفضل في ترويج مثل هذا النهج غير المسؤول والتشهيري".
وشهدت المسيرة توترا عندما لجأت الشرطة لاعتقال اليميني
المتطرف ياكسلي لينون، المعروف باسم تومي
روبنسون، الزعيم السابق لرابطة الدفاع الإنكليزي، بعدما رفض مغادرة المسيرة بناء
على طلب المنظمين الذين قالوا إن وجوده يُشعر بعض المشاركين الآخرين بعدم الارتياح.
وزعم روبنسون أنه حضر المسيرة كمراسل صحفي.
والاثنين، أعلنت السلطات توجيه اتهام رسمي لروبنسون
على خلفية مقاومته الشرطة خلال محاولة إبعاده من المسيرة ورفضه الانصياع لأمر المغادرة،
حيث اضطرت لاستخدام رذاذ الفلفل للسيطرة عليه.
وكادت عملية الاعتقال التي شارك فيها نحو 20 عنصرا من
الشرطة؛ أن تتحول إلى اشتباك مع مؤيدي روبنسون الذين حاولوا ثني الشرطة عن إبعاده،
وهو ما يذكر بالاشتباكات العنيفة بين عناصر من اليمين المتطرف ومن بينهم روبنسون؛
مع الشرطة في يوم الهدنة، في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
من جهة أخرى، نشر مستخدمون على منصة إكس تسجيل فيديو يظهر أشخاصا يحملون الأعلام الإسرائيلية وهم يهتفون "جودين رات" (Judenrat)، وهي كلمة تشير إلى هيئات شكلها النازيون الألمان في أوروبا، لتمثيل اليهود وربطهم مع سلطات الاحتلال النازية.
وفي أحد التسجيلات يظهر صوت امرأة وهي تشير إلى مجموعة أشخاص قالت إنهم من مؤيدي روبنسون، ووصفتهم بالفاشيين، يرددون الكلمة، فيما ظهرت الشرطة أمامهم دون أن تتدخل.
وشهدت المسيرة حضور أشخاص من اليمين المتطرف، مثل براين ستوفيل، الذي له تاريخ في المشاركة في فعاليات للعنصريين البيض وتفوه بعبارات وُصفت بأنها معادية للسامية وذات طبيعة "نازية".
وفي المقابل، نظم يهود أرثوذكس مناهضين لـ"إسرائيل" وقفة احتجاجية بالتزامن مع المسيرة المؤيدة لـ"إسرائيل"، وهم يرفعون لافتات تدعو إلى إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
وقد هتف في وجههم عدد من مؤيدي "إسرائيل": "عار عليكم"، بينما وقفت الشرطة لتفصل بين الجانبين.