بورتريه

ماري لو ماكدونالد.. تحلم بأيرلندا موحدة ولا تنسى إدانة قتلة أطفال غزة

عربي21
تضحك في بعض الأحيان عندما تسمع من يقول إنها برزت كزعيمة بعد أن كنت غير معروفة تماما، وتسخر ممن يشككون في "صعودها الصاروخي"، رغم أن صعودها في الحقيقة استمر نحو 25 عاما، بعد أن عملت بجد وتعب والتزام.

انضمت وهي صغيرة بالسن إلى حزب "شين فين"، وولدت في مجتمع يتسم بانعدام المساواة، حيث يقوم الجنود البريطانيون بإطلاق النار على الناس وقتلهم، لأنهم يتظاهرون من أجل حقوق مدنية، وكان هناك دائما رد على ذلك.

تصفها رفيقاتها في الحزب بأنها محبوبة ودافئة ودودة ومتحدثة صريحة، لكنها لا تكشف عن نفسها أبدا.

ماري لو ماكدونالد المولودة في عام 1969 في جنوب دبلن بأيرلندا، لأب كان يعمل في البناء ومساح، التحقت بكلية "ترينيتي" في دبلن، وحصلت على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي. و درست لاحقا العلاقات الصناعية في جامعة مدينة دبلن، وحصلت أيضا على درجة الماجستير في الآداب في دراسات التكامل الأوروبي من جامعة "ليمريك" في عام 1995.

عملت سابقا مستشارة لمركز الإنتاجية الأيرلندي، وباحثة في معهد الشؤون الأوروبية، ومدربة في وحدة الشراكة التي ترعاها النقابات العمالية في صندوق الخدمات التعليمية والتدريبية.



انخرطت ماكدونالد في المؤتمر الوطني الأيرلندي، وهو منظمة جمهورية متعددة الأحزاب.

وانضمت لأول مرة إلى حزب "فيانا فيل" في عام 1998 لكنها تركت الحزب بعد عام بسبب الاختلافات السياسية الأساسية، وعند سؤالها لاحقا عن مشاركتها في هذا الحزب قالت إنها كانت "في الحزب الخطأ" وسرعان ما أدركت أن "الشين فين" الحزب الأكثر ملائمة لآرائها الجمهورية .

في عام 2004، أصبحت ماكدونالد أول عضو في البرلمان الأوروبي لحزب "الشين فين" في أيرلندا، عندما تم انتخابها في انتخابات البرلمان الأوروبي عن دائرة دبلن، وبقيت محافظة على مقعدها حتى عام 2009.

وفي انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2009، تم تخفيض عدد مقاعد دبلن في البرلمان الأوروبي من أربعة إلى ثلاثة وفقدت ماكدونالد مقعدها .

انتخبت رئيسا لحزب شين فين الأيرلندي الجمهوري في عام 2018 خلفا لرئيس الحزب جيري آدامز بعد حوالي 35 عاما من رئاسته الحزب الذي لطالما اعتبر بمثابة الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الايرلندي.

وكان أدامز واحدا من أبرز الوجوه السياسية في أيرلندا الشمالية، وأحد الأطراف التي قادت المفاوضات التي أدت إلى اتفاق "الجمعة العظيمة" وإنهاء عقود من المواجهات الدامية بين الجيش الجمهوري الأيرلندي وبريطانيا.

نقل الرئاسة من أدمز إلى ماكدونالد جرى بشكل سلس بالنظر إلى أن من تخلفه ليست سوى ساعده الأيمن التي انتخبت على رأس الحزب بدون منافسة، وذلك بعدما أمضت عشر سنوات في منصب نائب رئيس الحزب.

وأشادت ماكدونالد "بمرشدها"، وقالت إنه من دونه "لم يكن ليتحقق اتفاق السلام"، مضيفة أنه يتعين الاستمرار في "طريق المصالحة".

كان أول اختبار لها بعد رئاسة الحزب حين قاطعت مراسم تتويج الملك تشارلز ورأت أن "مراسيم تتويج الملك تشارلز الثالث هي لمن يدينون بالولاء للتاج البريطاني بينما حزبها يؤيد إعادة توحيد أيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا"، مؤكدة أن "مسؤولي الحزب سيحضرون مناسبات أخرى في إطار الحداد على الملكة إليزابيث الثانية".



وكان فوز حزبها "شين فين" تحت زعامتها في انتخابات أيرلندا الشمالية في عام 2020 مدويا بعد مئة عام من تقسيم أيرلندا، على حساب الحزبين الوسطيين الرئيسيين اللذين غالبا ما يتشاركان السلطة.

 وعمليا ينسف هذا الفوز أكثر من مئة عام من الغالبية للوحدويين البروتستانت في أيرلندا الشمالية ويشكل سابقة للكاثوليك في زعامة هذا الإقليم. ومع أن لا خطط لإعادة توحيد وشيكة للجزيرة، لكن زعامة القوميين للإقليم تكسب هذا الحلم القديم زخما، وتوجه ضربة سياسية قوية للحكومة البريطانية في "10 دواننغ ستريت".

لم يدخل "شين فين" في الحكومة بعد تعيين ميشيل مارتن في منصب رئيس الوزراء أثر تشكيل تحالف "فيانا فايل" وحزب " الخضر" وائتلاف "فاين جايل"، وأصبحت ماكدونالد زعيما للمعارضة.

ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتت أيرلندا وسكانها البالغ عددهم 4,9 ملايين نسمة في خط المواجهة الأمامي.

 وتحت زعامة ماكدونالد يسعى "شين فين"، إلى "كسب القلوب والعقول" من أجل إعادة توحيد جزيرة أيرلندا، وهو ما سيحدث خلال عقد، بحسب حزبها.

وكثيرا ما عبرت عن حلمها وحلم حزبها في إعادة توحيد أيرلندا مؤكدة أنها "ترغب في وصول الشين فين إلى السلطة في أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية".

وعلى وقع جرائم الاحتلال والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة أثارت ماكدونالد عاصفة من الاهتمام على منصات التواصل وفي أروقة السياسة في أوروبا.

ففي تصريحات جريئة خلال اجتماع حزب "شين فين" دعت ماكدونالد، إلى "إحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر الحزب السنوي حيث انتقدت بشدة سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الصراع في غزة، مشيرة إلى أن "المفوضية الأوروبية منحت إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ مجازر ضد الفلسطينيين"، وأكدت قائلة: "نحن نقول لا، أبدا. أنهم لا يتحدثون باسمنا ".

ووصفت ماكدونالد الأفعال الإسرائيلية بأنها "بربرية، حاقدة، جبانة، وترقى إلى جرائم حرب". وفي الاجتماع، أخذ الحزب موقفا معارضا لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي دعمت الاحتلال في جرائمه.

وقالت ماكدونالد إن "للشعب الفلسطيني الحق في أن يكون لديه وطن بعدما عانى أجيالا من السلب والاحتلال والقمع والفصل العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان التي ينبغي أن تهز البشرية، الليلة الجحيم يمطر على غزة، غزة مقبرة الأطفال، حياة طفل تنتهي كل 10 دقائق، إسرائيل تدعي التصرف دفاعا عن النفس، قصف للمدنيين، عقاب جماعي"، لافتة إلى أن "ذبح الأطفال بالآلاف ليس دفاعا".

موقف ماكدونالد من جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين الذي أعلنت عنه لم يختبئ خلف الكلام المنمق ولم يغلف بأسلوب دبلوماسي، كان مباشرا وأشار بوضوح إلى القتلة، كما فعل كثيرون من السياسيين الأحرار في أوروبا والعالم، أولئك الأحرار الذين قد تكون كلماتهم ومواقفهم سببا في إيقاف معاناة أطفال غزة.