لجأت صحيفة بريطانية لاستخدام صورة تعبيرية تضم علم
فلسطين وإلى جانبه زهرة الخشخاش الحمراء، التي ترمز ليوم الهدنة (الحرب العالمية الأولى) وتذكر ضحايا الحرب في
بريطانيا، وذلك بعد دعوات من
شخصيات بارزة من سياسيين ونواب ورجال دين، بينهم عمدة لندن صادق خان، للوحدة مع
ارتفاع حدة التوتر عقب تصريحات مثيرة للجدل لوزيرة الداخلية سويلا برافرمان.
وهاجمت برافرمان الشرطة لسماحها بمظاهرة لمؤيدي فلسطيني
السبت، فيما أعلنت مجموعات من اليمين المتطرف عن تنظيم تجمع قرب النصب التذكار
للحرب العالمية الأولى بحجة حمايته. ودأبت برافرمان على وصف
مظاهرات مسيرات مؤيدي
فلسطين بأنها "مسيرات كراهية".
وجاءت الصورة على كامل مساحة الصفحة الأولى لصحيفة إيفننغ
ستاندارد الجمعة، مع عنوان "لندن يجب أن تعمل معا".
وجاءت هذه المبادرة في سياق دعوة
مشتركة من شخصيات بريطانية بارزة لـ"الهدوء والوحدة والاحترام"، قبل مظاهرة
لمؤيدي فلسطين يوم السبت الذي يصادف أيضا
يوم الهدنة (انتهاء الحرب العالمية
الأولى).
ودعا عمدة لندن صادق خان "للعمل معا"، وشدد
على أن "التنوع هو أكبر مصدر للقوة" في لندن.
من جانبه، قال وزير شؤون لندن في الحكومة، بول سكالي؛ "إن "شوارع لندن يجب ألا تصبح وكيلا" للحرب الدائرة بين إسرائيل
والفلسطينيين، وخصوصا في اليوم "الذي نتذكر فيه الفظائع من حربين
عالميتين".
وتأتي الدعوة المشتركة للهدوء بعد مقال حاد لوزيرة
الداخلية، هاجمت فيه الشرطة واتهمتها بالتحيز؛ على خلفية سماحها بالمضي في مظاهرة
السبت قدما، وزعمت أن الشرطة أيضا تتشدد مع المجموعات اليمينية وتتساهل مع مؤيدي
فلسطين.
وينتظر أن تنفذ الشرطة عملية أمنية ضخمة لضمان الأمن،
بمشاركة نحو ألف عنصر من الشرطة، يومي السبت والأحد القادمين. ويقام السبت أيضا
الاحتفال الرسمي بمناسبة ذكرى يوم الهدنة بمشاركة الملك تشارلز، لتذكر ضحايا الحربين
العالميتين.
ورفض منظمو التظاهرة المؤيدة لفلسطين طلبا من الشرطة
لتأجيلها، في حين دعت مجموعات من اليمين المتطرف للتجمع حول النصب التذكاري لضحايا
الحرب في بريطانيا؛ بحجة حمايته، رغم أن المظاهرة ستكون على بعد أكثر من ميل من موقع
النُصب في وايتهول.
لكن، هناك مخاوف من أن يسعى أنصار اليمين للاشتباك مع
مؤيدي فلسطين، أو أن تنفصل مجموعات من المظاهرة وتبتعد عن المسار المحدد سلفا. لكن
لم تقع أي مشكلات كبيرة في المظاهرات السابقة لمؤيدي فلسطين.
وكتب خان، وهو من حزب العمال، في صحيفة
إيفننج ستاندارد
قائلا: "العواطف مرتفعة جدا، ولكن جميعنا وخصوصا السياسيين الكبار، لدينا
مسؤولية للتهدئة وليس إشعال الوضع".
وأضاف: "نعرف أن تنوعنا ليس نقطة ضعف بل أكبر
مصدر للقوة. لا نستطيع أن نترك الأحداث في ما وراء البحار لتأتي بيننا".
وشارك في النداء مؤسس مسجد ساوثجيت، أجمل مسرور، الذي
قال: "كل الأرواح مهمة.. يجب أن نحمي حياة كل فرد، بغض النظر عن دينهم. علينا
واجب أخلاقي للدعوة للسلام لكل الناس. في نهاية هذا الأسبوع في لندن يجب أن نقف
كتفا بكتف، ويدا بيد، وأن نتوحد". وأضاف: "نحتاج لوضع حد لحمامات الدم
والمشاحنات".
وقال سكالي (من المحافظين) من جهته: "بينما آخرون
يسعون إلى إشعال التوترات والانقسامات، يجب أن نقف معا وأن نتوحد"،
وأضاف: "نحتاج لأن نكون محترِمين ومتسامحين ومراعين للآخرين".
وقال: "كما أن المتظاهرين
يعبرون عن قلقهم بطريقة تشير إلى التعقيد في وضع يمتد لقرون في الشرق الأوسط، فإن
اليهود والمسلمين في لندن يخشون ويتذكرون أولئك الذين يسعون متعمدين لدق الأسافين
بين مجتمعاتنا ونشر الكراهية والتسبب بالانقسام".
من جانبه، قال كبير أساقفة لندن، ديم سارة مولي، إن
يوم الذكرى يوم الأحد هو لحظة لبلدنا جميعا لنكون معا"، مضيفا: "إنه وقت
لنضع السياسة جانبا".
واعتبر الحاخام في شمال لندن، جوناثان وييتنبيرج، أن ذكرى
يوم الهدنة، تعني "الوقوف معا متحدين بسلمية، بينما نتذكر الأموات ونظهر الاحترام
لعائلاتهم الثكلى خلفهم".
وقال زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، إد ديفي؛ إن
"هناك من يتطلعون إلى تقسيم مدينتنا العظيمة، لكنني أعلم أننا سنتجاوز ذلك
مرة أخرى، وأن نثبت أننا مدينة عطوفة ومنفتحة ومتسامحة".
من جانب آخر، خصصت الصحيفة افتتاحيتها الجمعة للجدل حول تظاهرة السبت، وقالت؛ إن لندن مدينة كبيرة بما يكفي للسماح بإقامة أكثر من حدث في وقت واحد، بحيث يمكن إقامة احتفال ذكرى الهدنة وفي الوقت نفسه تنظيم مظاهرة لمؤيدي فلسطين.
وتتزايد المطالبات من داخل حزب المحافظين وخارجه
لإقالة وزيرة الداخلية، بعد هجومها غير الاعتيادي على جهاز الشرطة الذي يتمتع
بالاستقلالية في اتخاذ قراراته، كما نأى رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزراء في حكومته
بأنفسهم عن تصريحات برافرمان.